البرلمان يُقر والرئيس يُلغي..الجزائر وأزمة الفصل بين السلطات

32
البرلمان يقر والرئيس يلغي.. الجزائر وأزمة الفصل بين السلطات
البرلمان يقر والرئيس يلغي.. الجزائر وأزمة الفصل بين السلطات

فريدة شراد

أفريقيا برس – الجزائر. قرَّرت الحكومة الجزائرية خلال اجتماع برئاسة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلغاء كل الضرائب والرسوم على بعض المواد الغذائية، والتجارة الإلكترونية والهواتف النقالة.

وأمر الرئيس عبد المجيد تبون، خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، “بتجميد كل الضرائب والرسوم، بدءاً من اليوم، وحتى إشعارٍ آخر، ولا سيما الرسوم التي تضمنها قانون المالية 2022 على بعض المواد الغذائية”، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الجزائري.

كما وجَّه تبون بإلغاء “كل الضرائب والرسوم، على التجارة الإلكترونية، والهواتف النقالة الفردية، ووسائل الإعلام الآلي الموجهة للاستعمال الفردي، والمؤسسات الناشئة، والاكتفاء بالتعريفات المقنّنة حالياً”.

وأمر الرئيس الجزائري الحكومة باتخاذ كل التدابير والإجراءات، لتفادي آثار الارتفاع الجنوني للأسعار في الأسواق الدولية على المواطنين خلال السنة الجارية، لحين استقرارها.

فاتح بوطبيق، رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة المستقل

ويعود رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة المستقل، فاتح بوطبيق، في هذا الحوار، إلى اللغط الذي أثارته الضرائب والرسوم الجديدة في قانون المالية 2022، والتي صادق عليها المجلس الشعبي الوطني، قبل أن يتدخل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لتجميدها. وأكد لـ”أفريقيا برس” أن الرئيس تبون مارس صلاحياته كرئيس لكل السلطات ولم يتجاوز السلطة التشريعية التي صوتت بأغلبية على قانون المالية 2022.

أقر رئيس الجمهورية إلغاءً للرسوم التي تضمنها قانون المالية الذي صادقتم عليه كنواب للشعب، كيف تلقيتم ذلك؟
أولاً السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، هو القائد الأعلى وهو أدرى بالشان العام، ونحن كنواب في نظام أغلبية رئاسية، نرى أن السيد الرئيس يسهر على راحة المواطن والحفاظ على القدرة الشرائية، والتوازنات الكبرى للدولة. دون شك الجزائر تحتاج إلى آليات جديدة تختلف عن الماضي وممارسات جديدة أيضا، وبالأساس الحفاظ على المال العام. نحن كنواب نعمل على ترشيد التسيير العمومي وكذلك تبليغ انشغالات المواطن من جهة، ونعمل كذلك على بناء سلطة تشريعية تكون في مستوى طموحات الشعب الجزائري. وكذلك نعمل في إطار الرقابة البرلمانية، عن طريق الأسئلة الكتابية والشفوية حتى نوصل الأشياء التي تخدم المواطن، والتي تزعج وتؤرق المواطن إلى المسؤولين حتى يتم اتخاذ القرارات المناسبة.

لكن أنتم ممثلو الشعب ودوركم هو العمل على تحسين ظروفه المعيشية وحلحلة جميع مشاكله، وليس الموافقة على فرض ضرائب جديدة على كاهله؟
نحن نسهر، ولو أننا نعرف أن قانون المالية هو الأداة أو الآلية التي تضبط تسيير ميزانية الدولة في السنة، ويأتي عن طريق قانون فيما يسمى مجلس الحكومة ومجلس الوزراء. ثم يصل للمجلس الشعبي الوطني ليناقش عن طريق اللجان، كلجنة المالية والجلسة العامة. ويتم فيها مناقشة المسائل المتعلقة بالتوازنات المالية للجزائر خلال السنة وكذلك الحديث عن النفقات والحديث على رصد الميزانية، ومن دون شك فرض الضرائب والرسوم من اختصاص السلطة التشريعية.

هناك ظرف عالمي تمر به الجزائر، ويمر به كل دول العالم، متعلقة بتداعيات جائحة كورونا وما له من تبعات اقتصادية. دون شك فيه ارتفاع في الأسعار في الأسواق العالمية وفيه اضطراب في الأسواق العالمية، واضطراب في نقل المواد على مستوى الموانئ فيما يتعلق بالاستيراد، وبالتالي فيه انعكاس سلبي على الأسعار.

نحن في الجزائر عندنا نظام اجتماعي، هو مكسب ثوري ولن نتخلى عنه وهذه عقيدة عند الدولة الجزائرية موروثة من ثورة التحرير المباركة. وبالتالي واجب الدولة أن تتضامن مع مختلف فئات الشعب ورئيس الجمهورية صرح بهذا.

الآن ونحن مع هذه الظروف، ومع الظروف الاقتصادية التي تعيشها الجزائر، الدولة مطالبة بالحفاظ على خزينتها لضمان استمراريتها وترشيد نفقاتها. لكن عليها أن تحافظ على القدرة الشرائية، ولا تترك المواطن عرضة لالتهاب الأسعار، ولبعض الممارسات السلبية التي تؤثر وخاصة المتعلقة بالمواد ذات الاستهلاك الواسع، وهذا النقاش العام جاء مع قانون المالية السابق.

نحن في البرلمان كنواب دورنا هو أننا نحاول أن نثري التشريع أو نقص في التشريع اذا كانت المقترحات لا تتلائم مع القدرة الشرائية للمواطن، فكان من خلال النقاش في المجلس الشعبي الوطني الحديث بالنسبة للضرائب، التي تكلموا عليها أولا بالنسبة لقضية استهلاك السكر وفق توصيات المنظمة العالمية للصحة، على لسان السيد الوزير الأول تم فرض ضريبة بنسبة 9% على المنتج وليس على المستهلك لأن سعر السكر محدد، ومقنن. وتوجد أيضا قضية الماء الموجّه للإنتاج وليس للاستهلاك، حيث تم فرض ضريبة على المنتج وليس على المستهلك، أما باقي المواد فلم نفرض عليها أي ضريبة.

في نفس السياق، أثارت الضريبة على التجارة الالكترونية لغطا كبيرا، وسخطا واسعا، قبل أن يتدخل رئيس الجمهورية لإلغائها، ما هي الدوافع التي منعت النواب من إلغائها عند مناقشة قانون المالية؟
بالنسبة للتجارة الالكترونية، بغض النظر أنها تستعمل التكنولوجيات الحديثة لكن في النشاط التجاري، غير أن هذا النشاط التجاري كان خارج الضريبة، ويمس أيضا بالمنافسة غير المشروعة في مجال الاستيراد لأن المستورد يدفع الضرائب، ونشاط التجارة الالكترونية كان خارج الضريبة.

والحكومة رأت أنه يحب وضع آليات للمنافسة الشريفة، منها تطبيق ضريبة على كل طرد بريدي قادم من الخارج تفوق قيمته 10 ملايين سنتيم دون تحديد نسبة الضريبة وهذا ما أصبح موجودا الآن، ونحن كنواب رأينا أن هذا غير كاف فرفعنا الوعاء الضريبي إلى 30 مليون سنتيم. لأنه من حق أي شخص تلقي طرد تفوق قيمته 10 ملايين سنتيم وكل طرد تفوق قيمته 30 مليون سنتيم يخضع للضريبة حتى تكون فيه منافسة شريفة.

بعد ذلك المديرية العامة للضرائب وفي إطار التنظيم لأنه هناك فرق بين التشريع والتنظيم, قامت الحكومة عن طريق المديرية العامة للضرائب بتحديد النسب في منشور وكانت نسب التجارة الالكترونية مرتفعة فانعكست سلبا على الأسعار.

وبالتالي السيد رئيس الجمهورية تدخل بالآليات التي يخولها له الدستور، جمد هذه الضرائب بغض النظر عن التشريع، والسيد رئيس الجمهورية هو أدرى بمصلحة المواطن، وحدد تدخل الدولة لأن من واجبها التدخل لتجنب تداعيات الاضطرابات في السوق والتي يمكن أن تمس بالقدرة الشرائية المواطن.

ونحن كبرلمانيين خارجين من رحم الشعب، ومثلما نسهر على راحة الشعب نحن أيضا مسؤولون على توفير أحسن الآليات للسير الحسن للدولة، حتى تكون قوية عزيزة مستقرة وكذلك نعمل على ترشيد المال العام لأننا نحتاجها جميعا، في قطاع الصحة التربية التعليم في المرافق العمومية، لأن فيه تراكمات الماضي التي تركت ممارسات سلبية جعلت المواطن لا يثق في الأجهزة الحكومية، وبالتالي والسيد رئيس الجمهورية جاء بمبادرة وقرار هو أدرى به لأنه مطلع على الجهاز والتنفيذي وما يدور داخل الساحة.

والأكثر من ذلك؛ السيد الرئيس وجه خرجات برلمانية، عن طريق إسداء تعليمات والتي ترجمها مجلس الأمة، بلجنة تحقيق برلمانية حول أسباب ندرة المواد الغذائية، كالزيت مثلا، وقمنا أيضا كبرلمانيين بخرجات استعلامية، للولايات وقدمت تقاريرها، ونحن كبرلمانيين أردنا تحسس الوضع حقيقة هل فيه ندرة هل فيه مضاربة هل فيه زيادة في الأسعار، وتشخيصا للوضع.

إن الجزائر اليوم تريد الذهاب إلى اقتصاد حقيقي واضح وإلى أمور شكلية واضحة، تتمثل في الفوترة، فوزارة التجارة فرضت آليات حتى نمشي لاقتصاد واضح ولكنها خلقت نوع من الهلع، لدى التجار في كل المستويات، سواء تحزئة أو تجار جملة لأنه يوجد أشخاص لا يحبون الفاترة، وبالتالي انعكس الأمر سلبيا على الأسعار وعلى القدرة الشرائية.

نحن اليوم بحاجة لمرحلة، فيها الوعي فيها التحسيس بما جدية هذه الإجراءات، بليونة وحتى نطلق العنان للمضاربة ولا نترك السوق نعيش في حالة فوضى. وبالتالي السيد رئيس الجمهورية مشكور لأنه يتدخل إذا رأى تداعيات سلبية وظرف غير مناسب، فمن دون شك أننا نجنب للمجتمع من انعكاسات سلبية.

نحن كمنتخبين نعمل لنكون في مستوى ثقة المواطن دون أن ننسى مسؤليتنا أمام دولتنا، ودون شك تبقى الجزائر دولة اجتماعية ويبقى التضامن الوطني ويبقى واجب الدولة تترك القدرة الشرائية في المستوى المطلوب رغم انها تتهاوى لأنها لم تعمل على بناء منظومة اقتصادية قوية، تعتمد على المنتوج الوطني حتى نخرج من الاستيراد خاصة في الجانب الغذائي وحتى ننشر الوعي وتنتعش الساحة الاقتصادية، لينعكس الأمر بصفة ايجابية على المواطن. والآليات التي اتخذها الرئيس نابعة من أنه منتخب من طرف الشعب وهذا عمل تكاملي وليس عمل تصادمي ولا يتجاوز سلطة على سلطة.

في هذه النقطة بالضبط، يرى بعض المتابعين أن الرئيس تجاوز المجلس الشعبي الوطني، باعتباره الهيئة التشريعية الأولى في البلاد، فما قولكم في من يقول أن رئيس الجمهورية سحب الثقة السياسية من المجلس الشعبي الوطني بعد إلغاء الضرائب وهو القانون الذي صادق عليه النواب بالأغلبية؟
أولا رئيس الجمهورية لم يلغي القانون، فرق بين تصريح إعلامي وبين تفسير وشرح لكلمة الرئيس، في الحقيقة قانون المالية موجود ويمكن تعديله بقانون مالية تكميلي، ومن حق رئيس الجمهورية أن يتدخل في ظروف استثنائية أين تكون الأمة معرضة للخطر، هنا أتكلم على القدرة الشرائية للمواطن.

ويتدخل بالآليات تسمح بإنعاش الحياة الاقتصادية أو إننا نوقف إجراء معين تحفظيا إلى غاية اتخاذ قرارات أخرى سليمة من الناحية القانونية، ونحن دون شك نتكلم عن فضاء مفتوح و الكل يتكلم بما يؤمن وبما يرى، لكن منطق الدولة هو الحفاظ على الصالح العام من المفروض هو الذي يطغى على تصريحاتنا.

نحن كسياسيين لا نتاجر بشعور وطموحات وآلام الشعب الجزائري، بالعكس نحن تتعامل كمسؤولين من جهة ولكن نبقى كمواطنين، من المفروض التداخل والتصريحات لا تكون، ولكن نحن كبرلمانيين نعمل على التشريع باعتبارنا سلطة تشريعية منتخبين من طرف الشعب، نعمل على تبليغ طموحات وآماله ومشاكله إلى كل المسؤولين عن طريق الأسئلة الكتابية والشفوية، والرقابة البرلمانية والأداء التشريعي ولن ندخر أي جهد وسنعمل أيضا على وضع آلية حقيقية حتى يكون هناك تكامل بين مختلف مؤسسات الجمهورية، أي بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والقضائية.

السيد رئيس الجمهورية هو يرعى هذا التكامل، وبتدخله هو لا يريد أن يسيء للسلطة التشريعية، أما التفسيرات الأخرى فهي تريد الإساءة للعلاقة بين مؤسسات الدولة. وأرى إن المؤسسات الدستورية الجديدة هي خير دليل على التكامل، من خلال تعديل الدستور والقوانين وهي ورقة ايجابية، عبر ضح دماء جديدة لاسترجاع الثقة التي اهتزت في الماضي.

بالحديث عن زرع الثقة، هناك من يتوقع أن الوضع سيعود لما كان عليه في البرلمانات السابقة، الآن البرلمان منتخب، هناك نوع من الشرعية مقارنة بما سبق انتخب، في ظل قانون انتخابات جديد وفي ظل إلغاء الديناصورات التي كانت موجودة، تجديد العهدات، كل هذا ساهم بإرجاع الشرعية للمجلس الشعبي الوطني، قرار الرئيس هل سيمس بثقة وشرعية المجلس؟
رئيس الجمهورية لم يُلغي القانون، بل جمده فقط، هناك فرق بين الإلغاء والتجميد، جمد إجراءات ضريبية، سواء في شكل قوانين من السلطة التشريعية في شكل تدابير تنظيمية، والتي هي المراسيم التنفيذية، البرلمان مهامه أن يضع الوعاء الضريبي، والآليات الكبرى أما التنظيم فيأتي بالمراسيم، من عند مديرية الضرائب ومديرية الجمارك، التي عندها علاقة بالرسوم. مثلا في قضية التجارة الالكترونية، الحكومة اقترحت قانون تكلم عن منطق الاستيراد غير الخاضع للرسوم، لأنه يؤثر على التنافس والعدالة الاجتماعية على التنافس بين التجار، فهناك تاجر يستورد الهواتف النقالة بواسطة للسجل التجاري يدفع كل الرسوم، في حين يوجد أشخاص يستوردون نفس السلع ويبعونها عبر الانترنت، دون دفع الرسوم، وهذا بشكل منافسة غير شريفة.

الحكومة في مشروعها حددت سقف فوق 10 مليون سنتيم للخضوع للضريبة، النواب بعد النقاش رفعوا المبلغ إلى 30 مليون سنتيم. وفي قانون المالية 2022 عدلنا 6 مواد و ألغينا 22 مادة. وهذا بالرغم من أن القانون يقر بتعويض أي ضريبة يتم إلغائها في القانون، لأن القانون واضح والدستور حدد آليات العمل البرلماني والتشريعي خاصة فيما يتعلق بإلغاء مادة تتضمن ضريبة.

أضف إلى هذا قانون المالية عنده أجال، يجب عرضه للنقاش 75 يوم قبل نهاية السنة، وإذا لم تحترم الآجال يصدر بأمرية دون نقاش، نحن ملزمون بقانون المالية. أضف إلى هذا السيد الرئيس هو من يترأس كل السلطات يعني هو يعلم بكل ما يجري في البلاد، والقانون يعطي الحق للرئيس لاتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة، حفاظا على القدرة الشرائية وحفاظا على التوازنات الكبرى البلاد، ومن حقه التدخل حتى نأخذ إجراءات أخرى، بعيدا عن النظرة التصادمية وهو أمر يحدث في كل الدول.

لأن الواقع يقول أن الوضع ناتج عن الهلع، الذي خلقته قرارات وزارة التجارة التي فرضت الفوترة ما جعل التجار يخافون ويرفعون والأسعار، ومن واجب الدولة الضبط الإداري لتعديل السوق، تدخل الدولة تزامنت مع صدور قانون محاربة المضاربة الذي يعاقب يشدة المضاربين.

رئيس الجمهورية تدخل بحكم مسؤوليته اتخذ قراراته وهو أدرى ومن هذا المنبر ادعوا الجميع الوقوف في صف واحد من أجل مصلحة البلاد و من اجل المواطن. ونحن كنواب سنظل بجانب المواطن لكن أيضا سنعمل على الحفاظ على الدولة لكي تبقى قوية.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here