الجزائر تحرم مجالها الجوي على المغرب

27
الخطوط الجوية المغربية

بقلم : فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. تتجه الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب إلى مزيد من التعقيد، بعدها رفعت الجزائر درجة غضبها على المملكة المغربية بإعلانها الأربعاء الماضي غلق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية منها والعسكرية فوراً.

وجاء القرار في آخر اجتماع للمجلس الأعلى للأمن في الجزائر الذي كان بيانه مقتضباً على غير العادة منذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون لمقاليد الحكم في البلاد منذ 12 ديسمبر 2019.

وجاء في بيان للرئاسة الجزائرية؛ أن المجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، قرر “الغلق الفوري للمجال الجوّي الجزائري على كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وحتى تلك التي تحمل رقم تسجيل مغربي، ابتداء من اليوم”، بسبب استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من الجانب المغربي.

وجاء في البيان أيضا؛ أن اجتماع مجلس الأمن خصص لدراسة التطورات على الحدود مع المملكة المغربية، دون أن يحمل البيان أي تفاصيل أخرى حول الأعمال التي قام بيها المغرب في الآونة الأخيرة.

وستكون الطائرات المغربية مجبرة على اتخاذ مسارات خارج الأجواء الجزائرية في رحلاتها المتوجهة إلى عدد من المناطق الإفريقية والشرق الأوسط وآسيا.

يجب معاقبة المغرب

إدريس عطية – أستاذ في العلوم السياسية

اعتبر الأستاذ في العلوم السياسية إدريس عطية في تصريح لـ “إفريقيا برس”؛ أن غلق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المغربية إجراء كان متوقعاً، قائلاً: “الجزائر بعد قطعها للعلاقات الديبلوماسية وتحديد وزير خارجيتها رمطان لعمامرة للأسباب بوضوح وبدقة، بأن المغرب مستمر في ابتزازته للجزائر وتصرفاته اللامسؤولة واللامعقولة التي تريد أن تزعزع أمن المنطقة برمتها، جاء هذا القرار وهو بطبيعة الحال قرار عقلاني ورشيد، يراد منه ضبط العلاقة وتوضيحها مع المغرب”.

وأضاف عطية: “المغرب يجب معاقبته لإساءته التصرف مع الجزائر واستمراره في تلك التصرفات المرفوضة”.
وأكد عطية: “يجب على الجزائر حماية مجالها الجوي على اعتباره قراراً سيادياً تتفرد به الجزائر، لأنها تملك السيادة ولا يوجد من يمكنه الضغط عليها في سوق الضغط الدولي” مضيفاً: “الجزائر ليست دولة وظيفية كالمغرب تتلقى الإيعاذ من دول أوروبية وأجنبية”.

هذه عقوبة المغرب المستقبلية

وتوقع عطية أن تلجأ الجزائر إلى عدة عقوبات اقتصادية وسياسية جديدة على المغرب مدللاً على الأنبوب الجزائري المار من أراضيها، ملمحاً على عدم نية الجزائر بتمديد عقده الذي ينتهي شهر أكتوبر المقبل وهذا يعني حسب عطية أن المغرب مقبل على شتاء بارد وقاس جدا.

وأضاف عطية أن الجزائر ستعيد النظر أيضا في الكثير من الملفات الاقتصادية والتجارية “لأن البيان الأول للمجلس الأعلى للأمن تحدث عن إعادة نظر في فترة ما قبل قطع العلاقات، وفترة إعادة النظر تشمل العديد من الجوانب سواء الاستراتيجية خاصة أن الجزائر جيوبوليتيكياً منفتحة على الكثير من المجالات الحيوية بينما المغرب محصور بين المحيط وبين البحر الابيض المتوسط، وعلاقاته متوترة مع إسبانيا وألمانيا”.

واستغرب عطيه من استمرار المغرب في “عنجهيته” واستقوائه بالكيان الصهيوني على حساب المصالح المغاربية، معتبراً ذلك أكبر دليل على أن المغرب تحول لدولة وظيفية لتسيير أجندات أجنبية في إطار مناولة استراتيجية أو ديبلوماسية.

هذا ما سيتحمله المغرب

د.أحمد سواهلية – محلل اقتصادي

أوضح المحلل الاقتصادي الدكتور أحمد سواهلية في تصريح لـ “أفريقيا برس”؛ أن التبادل التجاري يكاد يكون معدوماً بين الجزائر والمغرب، وهو لا يتعدى نصف مليار دولار معتبراً الرقم ضئيل جدا بين بلدين تجمع بينهما حدود برية شاسعة.

وقال سواهلية: “إن القرار سيكون له أثاراً سلبية على المملكة المغربية أكثر من الجزائر”، مرجعا السبب في ذلك إلى كثرة المشاكل التي تعني منها المملكة وليست مع الجزائر فقط بل لديها خلافات سياسية واقتصادية مع دول عدة منها موريتانيا والسنغال.

وعبر سواهلية عن أسفه لعدم تلائم الأجندات السياسية الجزائرية المغربية، لا سيما بعد تطبيع الأخيرة مع الكيان الصهيوني وجلبه للحدود الجزائرية.

واعتبر سواهلية القرار الجزائري تتمة للقرارات السابقة القاضية بقطع العلاقات الديبلوماسية، معتبراً أن ستتبب الضرر للاقتصاد المغربي بحكم أن المغرب يتنظر من الجزائر أكثر مما تنتظره الجزائر منه.

وقال سواهلية:” اقتصاد المغرب قائم على السياحة والثروة السمكية ما يعني أنه بحاجة إلى الجزائر” معتبراً أن قرار غلق المجال الجوي في أمام الطائرات المغربية يزيد في البعد والهوة بين الطرفين ويزيد من مشاكل المغرب لاسيما على صعيد الطاقة، مستنداً على حاجة المغرب للجزائر اقتصادياً.

وأوضح سواهلية أن المغرب بحاجة إلى الكثير من الخدمات التجارية والسياحية على اعتبار أن أهم محددات الخدمات الاقتصادية والسياحية تعتمد على النقل، ولهذا سيكون المغرب مجبرا على ايجاد وجهات سياحية أخرى غير الجزائر، قائلا: “إن المغرب لم يحسن استغلال فرصة جواره مع الجزائر بحكم أنه زبون كبير وبلد قارة، مثلما تفعل تونس التي تستعمل اغراءات لجلب السياح الجزائريين”.

وقال المتحدث ذاته أن أثار القرار لن يقتصر على حركة النقل في المغرب فقط بل سيؤثر حتى على حركة النقل مع دول أخرى وسيقوم بحصر المغرب في زاوية مع الدول صديقة الجزائر التي تعرف جيدا الاسباب الحقيقية لهذا التوتر المتصاعد يوما بعد.

شتاء قارص ينتظر المغاربة

ورداً على سؤال حول أنبوب الغازي الجزائر العابر للأراضي المغربية  “ميد غاز” الذي لمحت الجزائر إلى إمكانية الاستغناء عنه، قال سواهلية: “إن إشكالية المغرب في مناوراته السياسية “دنيئة” وهي التي أثرت على الاقتصاد، وموضوع أنبوب الغاز سيضطر المغرب للبحث عن الانبوب النيجيري من أجل تعويض خسائره باعتبار أن اقتصاد المغرب يعتمد بنسبة 70% على قطاع الغاز لتسيير الخدمات على اعتبار أن أنبوب الغاز الجزائري يمر عبر أراضي المملكة”.

ويعتقد سواهلية أن فصل الشتاء القادم في المغرب سيشكل أزمة حقيقية ومع غلق المجال الجوي على الطائرات ستزداد الأمور تعقيدا، وستكون تكلفة الغاز مرتفعة جدا مقارنة التكاليف المرتبطة بالتعاون في هذا الشأن مع الجزائر معنبراً أن المغرب سيضطر للجوء إلى إسبانيا أو البرتغال لتعويض ذلك.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here