الجزائر.. ترحيل الملفات الكبرى الى 2022

20
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

فريدة شراد

أفريقيا برس – الجزائر. مع كل نهاية سنة وبداية سنة جديدة يقف الجميع على تقييم ما تحقق فيها من إنجازات وما وقع فيها من اخفاقات في مختلف المجالات. واستقبل الجزائريون العام الجديد وعلى طاولة الحكومة عدة ملفات فرضها الواقع المعاش، على غرار تحدي ضبط الأسعار، التي شهدث التهابا حادا خلال العام الماضي ووصلت لمستويات قياسية أرهقت المواطنين، وكذلك الفيضانات وما نجم عنها من كوارث ومشكلة الإختناق المروري الذي تشهده مختلف محافظات البلاد، وأزمة المياه التي ضربت البلاد طيلة الصيف وأخرجت مواطنين في احتجاجات وغلق الطرقات.

أوامر قرارات تنتظر التجسيد

عانى الجزائريون في الأشهر الأخيرة من سنة 2021 من ارتفاع رهيب في الأسعار ما أثقل كاهل المواطن وأخرج بعضهم للاحتجاج وغلق الطرقات وتدخل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أجل حل المعظمة التي تأرق شبه أمرا في اجتماع لمجلس الوزراء، بتشديد الرقابة الميدانية على المحلات التجارية، لمنع الزيادة غير المبررة، في أسعار المواد الغذائية، مع السحب النهائي للسجلات التجارية للمتورطين، وهي الإجراءات التي جاءت تزامنا وتركيز الحكومة على تحسين القدرة الشرائية للجزائريين، خاصة وأن الرئيس، شدد في ذات الاجتماع على ضرورة اتخاذ كل التدابير للحفاظ على القدرة الشرائية، وأمر فورا بتخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي، رفع النقطة الاستدلالية في الوظيف العمومي، وغير ذلك من الإجراءات التي تصب  في صالح هذا المسعي.

ملفات متجدّدة متوارثة

بداية كل تقلبات جوية تخلف وراءها العديد من الخسائر البشرية والمادية، بما في ذلك غلق الطرقات جراء الإنسدادات التي تشهدها المجاري، وبالرغم من أن هذه المعضلة متكررة إلا أننا لم نشهد لحد الآن حلولا ناجعة لها.

وشهدت الجزائر، خلال صيف 2021 أكبر أزمة في التزويد بالمياه، أخرجت مواطنين في العديد من الولايات في احتجاجات، وسط تبريرات من السلطات الوصية مفادها؛ ندرة المياه وتراجع منسوب السدود، وبالمقابل تقديم وعود بتدارك الوضع، إلا أن احتمال تكرار المشكلة يبقي قائما إلى حين إيجاد إستراتيجية مثلى لحلها.

الاختناق المروري، هو الأخر يعد ملفا ومشكلة قائمة منذ سنوات، في غياب حلول واقعية، بالرغم من كل الوعود المقدمة في هذا الصدد.

كورونا واقتصاد

عبد القادر بريش - نائب عن حركة البناء الوطني
عبد القادر بريش – نائب عن حركة البناء الوطني

يرى النائب البرلماني عن حركة البناء والخبير الاقتصادي البروفيسور عبد القادر بريش، أنه وبالرغم من تأثيرات جائحة “كورونا”، وانعكاساتها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الاقتصاد الجزائري بدأ في الانتعاش خلال النصف الثاني من سنة 2021، علاوة على عودة النشاط الاقتصادي والحركية الاقتصادية

وقال بريش في تصريحه أن وجود مؤشرات ونتائج إيجابية منها تقلص عجز الميزان  التجاري إلى مليار دولار بعدما كان حوالي 10 مليارات دولار لنفس الفترة من عام 2020، كذلك مواصلة الحكومة الضغط على الواردات وتقليص فاتورتها، وتحقيق نتائج غير مسبوقة في الصادرات خارج المحروقات بـ 4.2 مليار دولار حتى شهر نوفمبر. كما تم حسب المتحدث ذاته تسجيل مستوى من احتياطي الصرف بـ 44.6  دولار حتى شهر سبتمبر 2021، وهو مستوى يحقق الأمن المالي للدولة والقدرة على التسديد نحو الخارج.

الدكتور سمير محرز، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدّولية
الدكتور سمير محرز، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدّولية

في حين قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية سمير محرز، إنه على الصعيد الاقتصادي حاليا لا يمكن القول بتحقق إنجازات في هذا الجانب إلا أنه تم رسم خارطة طريق اقتصادية ينتظر  إنجازاتها ، مذكرا بقول رئيس الجمهورية، بأن السنة المقبلة ستكون سنة اقتصادية للجزائر.

ويرى المتحدث، أنه يجب مراجعة السياسات التنموية الكبرى للجزائر داخليا وخارجيا من أجل مواكبة تطورات المشهد الاقتصادي العالمي .

هل نجحت الحكومة الجزائرية؟

وعن الملفات التي نجحت فيها الحكومة، قال البروفيسور عبد القادر بريش: “نستطيع القول أن الحكومة بالرغم من الفترة القصيرة التي تشكلت فيها الحكومة في شهر جويلية 2021، فقد استطاعت التصدي لجائحة كورونا، وعودة النشاط الاقتصادي ووضوح الرؤيا بالنسبة للملفات والإصلاحات الاقتصادية التي سيتم مباشرتها، من خلال ما تضمنه مخطط عمل الحكومة من أهداف ومحاور، خاصة محور برنامج الانتعاش الاقتصادي الذي يترجم تعهدات وبرنامج رئيس الجمهورية في الشق الاقتصادي”.

ويرى بريش، أن بعض الملفات غرار ضبط الأسعار والفيضانات والاختناق المروري وأزمة المياه وتنمية مناطق الظل واسترجاع الأموال المنهوبة، تعد برنامجا لعمل الحكومة ومنها ما بدأت تظهر أثاره ومنها ما يزال نتيجة البيروقراطية. ومن الملفات التي قال بريش أن أثارها بدأت تظهر ملف القطاع الصناعي وملف الإستثمار، لافتا إلى أن ملف مناطق الظل فيه نتائح ومازالت المشاريع مستمرة للتكفل بها.

أهم ما تحقق سياسيا

قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سمير محرز، في تصريحه في تقيمه لما حققته الحكومة خلال السنة المنتهية، أنه على الصعيد السياسي، تحققت إنجازات مهمة أبرزها “الإتمام المؤسساتي” كالمجلس الشعبي الوطني والمجالس الشعبية البلدية والولائية قبل نهاية عهدتها العام المقبل، وبروز رؤساء بلديات جدد بكفاءات علمية بعيدا عن الولاءات الحزبية في أغلب بلديات الوطن والبناء الدستوري من خلال تنصيب أعضاء جدد للمحكمة الدستورية.

كما أشار، إلى تشكل خارطة سياسية جديدة من خلال بروز بعض الأحزاب السياسية وتراجع أحزاب أخرى، منوها أيضا إلى بروز المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات ساهمت في البناء المؤسساتي والدستوري، متوقعا برزوه أكثر، حيث قال انه توج في بأول هيكل يجمعهم وهو المرصد الوطني للمجتمع المدني”.

ملف مناطق الظل لازال ينتظر

ويعتقد الدكتور محرز، أن الدولة نجحت لحد كبير في الملف السياسي بعد الانتخابات التشريعية والمحلية، قبل أن ينبه إلى أنه يبقى النقص واضحا في سياسات الدولة تجاه التنمية المحلية وإعادة إعطاء نفس لبعض الولايات التي لازالت تعاني من البيروقراطية والسلوكيات البائدة والاهتمام بالولايات المستحدثة العشر الجدد. وعلى الصعيد الاقتصادي، يقول محرز، بأن الدولة مازالت في بداية الطريق في إصلاحاتها التي قدمتها كتشجيع المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة والاهتمام بالعقار الصناعي والانتاج المحلي الوطني كما أقرها رئيس الجمهورية في لقائه الأخير مع الصناعيين والمستثمرين الاقتصاديين، إضافة إلى الاهتمام بمناطق الظل بشكل أكبر وإستغلال الثروات المنجمية بشكل عقلاني ما يخدم الاقتصاد الوطني و فتح أفاق الاستثمار جيدا على الاجانب وفق معادلة. وأضاف محرز قائلا: “وعموما نرى بأن العمل لازال كبيرا وطريق الإقلاع الاقتصادي وفق الخطاب الرسمي يسير في طريقه الصحيح مع الاهتمام أكثر بالعامل الاقتصادي.

الدبلوماسية تحقق الكثير

ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، الدكتور سمير محرز، أن الدبلوماسية حققت مكاسب مهمّة بفضل الإرادة السياسية التي تبنّتها الدولة مباشرة بعد وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى سدّة الحكم،  موضحا بأن خطاب الجزائر الدبلوماسي كان واضحا خاصة بعد إعلان القطيعة أمام تجاوزات بعض القوى والأطراف الدولية، ووضع فرنسا في حجمها الطبيعي سياسيا ودبلوماسيا.

وأكد المتحدث ذاته تعزيز العلاقات الثنائية مع دول الجوار الشرقية والجنوبية للجزائر، علاوة على وضع حد لتصرفات المغرب الاستفزازية وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، وبعدها إعادة تنظيم وترتيب العلاقات وتعزيزها مع دول الجوار كالزيارة الأخيرة لرئيس تبون نحو تونس والتعاون الأمني الوثيق بين مصر والجزائر والتي برزت من خلال زيارة قائد الأركان السعيد شنقريحة، وصولا لتحركات الآلة الدبلوماسية في ليبيا من أجل إعادة بناء الدولة من خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة و زيارة وزير الشؤون الخارجية رمطان عمامرة إلى الجوار الجنوبي وبالخصوص مالي من أجل تمتين التعاون الأمني واللوجيستي بين الجزائر و دول الميدان الخليج.

وذكر محرز في السياق بزيارة الرئيس الموريتاني للجزائر التي توجت بالعديد من الاتفاقيات الاقتصادية، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه حتى دول الشرق الأوسط والخليج كان لها نصيب مهم في الأجندة الدبلوماسية للجزائر

وأكد محدثنا، عودة الجزائر على الصعيد الإفريقي من خلال دعوتها لرفض منح مقعد للكيان الإسرائيلي كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي، متوقعا تأثير أكبر لها مستقبلا، حيث قال: “ولعل الدور الجزائري سيكون أقوى تأثيرا بعد نجاح قمة الأمن والسلم الإفريقي المحتضنة مؤخرا بمدينة وهران، وآخر تحد والذي نراه طبعا إنجازا دبلوماسيا، هو احتضان الجزائر للقمة العربية في مارس 2022، والمطلب الهام بإعادة هيكلة وإصلاح جامعة الدول العربية”.

2021 سنة دينامكية

قال الدكتور سمير محرز، أن ما يمكن قوله عن سنة 2021،  هو أنها كانت سنة ديناميكية وحركية وتم تحقيق فيها الكثير من الإنجازات في إنتظار بقية المجالات من أجل اقلاع اقتصادي حقيقي، لافتا إلى أن ما تم تسجله فيها هو التحركات الدبلوماسية للجزائر والتي صنعت الفارق عن السنوات السابقة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here