القمة العربية، هل تمثل فرصة للصلح بين الجزائر والمغرب

22

بقلم : فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. أغلقت الجزائر النقاش حول قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وقطعت تصريحات وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، بالقاهرة الطريق أمام كل محاولات الصلح والوساطة بين البلدين.

وجدد وزير خارجية الجزائر، رفض الجزائر إدراج الخلاف مع المغرب في جدول أعمال الاجتماع الثاني للجنة العربية الوزارية المكلفة بالتحرك الدولي لمواجهة السياسات والاجراءات الصهيونية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة.

وقال لعمامرة في رد على محاولات عربية للوساطة، “قطع العلاقات مع المغرب لا ولن يدرج ضمن اجتماع وزراء الخارجية العرب.”

وأضاف كبير الديبلوماسيين الجزائريين، أن قرار قطع العلاقات غير قابل للنقاش أو التداول، رافضا بذلك أي محاولة للوساطة، خاصة بعد رواج حديث عن مشروع لإدراج الخلاف ضمن جدول الأعمال.

وشدد لعمامرة التأكيد على عزم الجزائر، عدم الرجوع في قرارها، قائلاً:” هو قرار سيادي ونهائي مؤسس لا رجعة فيه”

قطع العلاقات

وكان وزير الخارجية الجزائري قد أعلن، الثلاثاء 24 أوت عن قرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، واصفا السبب باستفزاز المملكة المغربية للجزائر الذي بلغ ذروته، وجاء القرار وبعد أسبوع من اتهام مجلس الأعلى للأمن في الجزائر المغرب بدعم حركة انفصالية تدعو إلى استقلال منطقة القبائل، والتحريض ضد الجزائر المدعوة الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل “الماك”.

وأكد لعمامرة لعدد من وزراء الخارجية العرب؛ أن القرار السيادي والصارم للجزائر جاء بالنظر إلى الانتهاكات الخطيرة والمستمرة من جانب المغرب للالتزامات الجوهرية التي تنظم العلاقات بين البلدين.

وأضاف لعمامرة أنه على خلفية الاعتداءات المتكررة والموثقة للمغرب، دخلت العلاقات الثنائية في نفق مسدود، لا سيما من خلال محاولة ضرب الوحدة الوطنية، علاوة على السماح للعدو التاريخي، قاصدا وزير الخارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي لدى زيارته الرباط الذي أطلق تصريحات عدائية ضد الجزائر على مقربة من التراب الوطني، هذا في العلن، عدا عما يتم تحضيره في الخفاء” على حد قول الوزير.

“مقاربة التجاوز” لن تجدي مع الجزائر 

إدريس عطية – أستاذ العلوم السياسية

يعتقد أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي ادريس عطية أن وزير الخارجية الجزائري خلال اجتماع  وزراء الخارجية العرب قد أكد على رفض الجزائر لأي وساطات موضحا أن الجزائر  من خلال قطعها للعلاقات قد وضعت الأسباب الكافية لذلك.

ويعتبر عطيه أن أسباب الجزائر واضحة وعلى الدول التي ترغب في الوساطة بين البلدين أن تستوعب هذه المسببات وان تدرسها بعقلانية وبطريقة منطقية .

عطيه في حديث مع ” أفريقيا برس” أكد أن هذه الدول تريد تطبيق مقاربة التجاوز أي أنها تدفع الجزائر نحو التجاوز عن كل تصرفات المغرب اللامسؤولة وتذهب إلى تطبيع العلاقات.

ويرى عطية أن الجزائر خسرت الكثير في علاقاتها مع المغرب وسايرته لعقود من الزمن خاصة بعد وصوله إلى استضافة وزير خارجية الكيان الصهيوني وتهديده بطريقة مباشرة للجزائر و الذي يحدث  لأول مرة في تاريخ الكيان منذ سنة 1948، مؤكدا أنه لم يحدث في أي بلد عربي أن هددته دولة الاحتلال من دولة شقيقة.

وأكد إدريس بن عطية أن هذا الاستقواء وإرساء علاقة الجيدة مع الكيان الصهيوني ومع فرنسا أو حتى المناورات السياسية التي يقوم بها لصالح العديد من الدول، لا تخدم الأجندات المغاربية ولا الأمن فيه.

وأوضح عطية ان الجزائر  تريد ضبط العلاقات مع المغرب في نقطة نظام حقيقية قد تدفع المغرب للاعتذار من الجزائر كما طالب الرئيس تبون أو تدفع إلى تقديم التزامات كبيرة.

هذه شروط الصفح عن المغرب

ورد على سؤال “أفريقيا برس” حول شروط عودة العلاقات قال أستاذ العلاقات الدولية: “إن الجزائر فقدت الثقة نهائيا في النظام المغربي لأنه اعتاد على “الخيانة” وتلفيق الأحداث والتلاعب بالكثير من الحقائق التاريخية، وأول خطوة لإعادة العلاقات هي إعادة بناء الثقة بين النظامين والدولتين لفترة معينة، لأن الأمر لا يتعلق بالقضايا التقليدية فقط كالمخدرات أو التشويه الإعلامي الذي عكف عليه النظام المغربي خاصة في المحافل الدولية في نشاطاته الدبلوماسية أو المتعلق بقضية الصحراء الغربية بل تجاوزه للاستقواء بالكيان الصهيوني عن طريق نظام “بيغاسوس”.

وأضاف عطية: “الأمر تجاوز مسألة التطبيع لأن الجزائر نظرت إليه نظرت أسف لكنها لم تتدخل في شؤون المغرب لأنه يبقى شأن سيادي”. موضحاً أن التطبيع قرار مغربي منفرد بعيد عن التوجه المغاربي والتصريحات الأخيرة، وأن الاستقواء بالدول الغربية سيزيد الطين بلة، لأنه سيذهب بتطبيع العلاقات بعيدا ولا يمكن للجزائر ان تغفر للمغرب هذه الزلات على اعتبار أن الجزائر غفر له ستة عقود كاملة من الابتزاز والممارسات اللامعقولة.

وأضاف عطية: “الجزائر أرادت من خلال قطع العلاقات؛ الإنهاء الحقيقي لهذه الممارسات السلبية، خاصة أن المغرب استخدم كل ما لديه من أجل تشويه صورة الجزائر سواء عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو عن طريق الكثير من الهجمات السيبرانية.

وأكد عطية أن: “البحث عن سبل تطبيع العلاقات مع المغرب غير وارد نهائيا في ظل فقدان الجزائر للثقة في المغرب، مضيفا: “اليوم للأسف الجزائر تنظر للمغرب أنه تحول من مشروع الدولة الوطنية إلى مشروع الدولة الوظيفية وبالتالي فالمغرب مستعد لتقديم خدمات للكثير من القوى الأجنبية على حساب مصالح المنطقة وعلى حساب علاقاته مع الجزائر”.

محمد السادس سيزور الجزائر توددا

المحلل السياسي إدريس عطية اعتبر أن الجزائر رغم قطعها للعلاقات مع المغرب لكنها تسعى للم الشمل العربي، وهي ستوجه دعوة للمغرب لحضور القمة العربية المقبلة على غرار كل الدول العربية.

وأضاف أن المغرب بدأ يتضرر اقتصاديا خاصة وسط تفكير الجزائر في استعمال هذه العقوبة ضده وكما تعول الجزائر على عدة عقوبات سياسية ضده. مضيفاً: “الجزائر مصرة على “تأديب” المغرب بعد تصرفاته اللامسؤولة ضدها”.

وتوقع عطيه أن يحضر الملك المغربي شخصياً للجزائر في القمة العربية المرجح عقدها بداية الشهر المقبل، وبكل ثقله الدبلوماسي سيسعى من أجل استغلال القمة لتلطيف الأجواء وتطبيع العلاقات بين البلدين.

ويرى عطيه أن الملك لن ينجح في فتح ملف العلاقات في حضور دبلوماسي واحد أو في إطار القمة العربية خاصة أن الجزائر رفضت جدولة قضية قطع العلاقات في القمة.

وأضاف عطيه أن مواقف الجزائر واضحة في ظل سعي المغرب لاحتضان الكيان الصهيوني في الاتحاد الإفريقي وهو صاحب الفكرة والاقتراح، ورجح عطية أن يكون المغرب يريد أن يضم الصهاينة إلى جامعة الدول العربية كعضو مراقب.

الملك سيبذل جهداً كبيراً

الدكتور طيب بروال – أستاذ العلوم السياسية في جامعة باتنة

يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة باتنة طيب بروال أن المغرب سيبذل الكثير من الجهد وسيستغل القمة العربية لمحاولة إعادة المياه إلى مجاريها مع الجزائر.

وتوقع بروال حضور الملك المغربي للقمة العربية في الجزائر لإعطاء طابع رسمي كبير وأكثر دفعاً لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي.

وقال طيب بروال في تصريحه لـ “أفريقيا برس”: “إن القطيعة جاءت من طرف واحد وهي الجزائر التي “تتعنت” وترفض العودة عن قرارها الذي كان  نتيجة التصرفات المغربية السيئة” .

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن التمادي المغربي ونظامه في الإساءات للجزائر هو الذي دفعها إلى قطع العلاقات ورفض أي وساطات، فالجزائر كانت تغض الطرف عن الكثير من التصرفات التي كان يقوم بها النظام المغربي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here