انفصال منطقة القبائل سلاح حكام الساحل الجدد ضد الجزائر

19
انفصال منطقة القبائل سلاح حكام الساحل الجدد ضد الجزائر
انفصال منطقة القبائل سلاح حكام الساحل الجدد ضد الجزائر

أفريقيا برس – الجزائر. لم يكتف بيان وزارة الخارجية المالية باتهام الجزائر برعاية الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار فقط، بل طرح بشكل صريح مسألة الطرح الانفصالي لمنطقة القبائل المرفوع من طرف حركة “ماك”، الأمر الذي يعزز الفرضية العدائية التي يروج لها الخطاب الجزائري، ويقرب إمكانية تحريكها من طرف النظام المغربي، في إطار تحول جديد في الصراع الجيوسياسي بين قوى المنطقة، يقوم على الخلق والخلق المضاد للكيانات الانفصالية.

حمل بيان وزارة الخارجية المالية، في ردها على تصريحات لوزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، جرأة غير معهودة تنطوي على تحول لافت في توظيف البعد الانفصالي كورقة ضغط ورد فعل على مواقف سياسية معينة، فلأول مرة تخاطب الديبلوماسية المالية نظيرتها الجزائرية، عن مسألة استقلال القبائل، التي ظلت معزولة طيلة السنوات الأخيرة، ولا يجري تداولها الا على نطاق ضيق بين الجزائر والمغرب، في اطار تصفية الحسابات بينهما.

ويقول الناشط السياسي والحقوقي نذير بيطاطاش، لـ”أفريقيا برس”، بأن “الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو وتطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، إلى جانب رعايتها لاتفاق السلام والمصالحة في مالي منذ العام 2015، يبدو أنها الآن تدفع ثمن مواقفها السياسية رغم طابعها المشروع، فالأولى مطروحة لدى لجنة تصفية الاستعمار الأممية، والثانية حظيت بدعم أممي وافريقي، لإحلال السلام والوحدة الوطنية في مالي”.

وأضاف: “المنطقة تشهد تحولات عميقة منذ الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول الساحل خلال السنوات الأخيرة، بدعم من قوى إقليمية ودولية، تعمل بمعية النخب الحاكمة الجديدة إعادة ترتيب الأوراق وفق خارطة جيوسياسية لا تعترف بالشرعية التي تقرها المؤسسات الدولية، فما كان الى غاية العام الماضي وثيقة سياسية موقعة من طرف حكومة باماكو والكيانات السياسية المناوئة تحت اشراف هيئات دولية وقارية وبرعاية جزائرية، صار محل اتهام برعاية الإرهاب ودعم الانفصاليين وتهديد الوحدة الترابية”.

ودعا بيان الخارجية المالية، الجزائر إلى “إعادة تركيز جهودها على معالجة أزماتها الداخلية، بما في ذلك قضايا القبائل، وعدم استخدام مالي كأداة لتحقيق أهداف سياسية خارجية”، وهي مفردات غير مسبوقة في السجال الديبلوماسي بين البلدين، تحمل في طياتها معاملة بالمثل، فكما ترعى الجزائر الكيانات المالية المعارضة، والتي تصنفها حكومة باماكو كتنظيمات إرهابية، تم استخراج ورقة الانفصاليين القبائل، الذين تصنفهم الجزائر ككيان إرهابي.

ويرى النائب البرلماني عبد الصادق سليم، في تصريح لـ”أفريقيا برس”، بأن “الوضع الجديد في منطقة الساحل أرسى ثوابت سياسية كموازين مستجدة، وبات التعامل مع القضية الصحراوية المطروحة في لجنة تصفية الاستعمار، واتفاق المصالحة الوطنية في مالي، بنفس الثقل مع ما يعرف بقضية “حركة استقلال القبائل” (ماك)، ويجري الترويج لها من طرف تحالف خفي في منطقة الساحل لثني الجزائر عن مواقفها التقليدية.

وتابع: “سبق للجزائر أن دقت أجراس الإنذار عما يجري في منطقة الساحل، ومن مخاطر تغلغل قوى إقليمية تدفع الى إعادة رسم خارطة جيوسياسية في المنطقة، على حساب الأدوار الطبيعية ولمصالح الأفارقة، لاسيما الانقلاب على الشرعية السياسية المحلية والأممية، والدفع بالوضع الى المواجهات المسلحة بدعوى محاربة الإرهاب، بينما الاجماع قائم على أن الحل يكمن في الحوار السياسي السلمي، والالتزام بمخارج الاتفاقات والوثائق الموقعة”.

وذهبت تقارير محلية في الجزائر، الى أن ظهور مسألة الانفصال المرفوع من طرف حركة “ماك”، في خطاب الديبلوماسية المالية، قد تم بايحاء من أنظمة معادية تعمل على توظيف القضية المفتعلة لثني الجزائر عن مواقفها تجاه عدد من القضايا في المنطقة وفي القارة عموما.

ولفتت الى أن النظام المغربي، يسعى عبر أذرعه السياسية والإعلامية، الى المساواة بين ما يراه دعم جزائري لانفصاليي جبهة البوليساريو المهددين لوحدته الترابية، وبين مطالب حركة “ماك” في منطقة القبائل، متجاوزا بذلك النضال الشرعي لجبهة البوليساريو من أجل تقرير المصير المطروح في الأمم المتحدة، وبين حركة الـ “ماك” المعزولة والناشطة في الدوائر والصالونات المغلقة فقط.

وفيما رجحت تلك التقارير فرضية الايعاز المغربي لحلفائها الجدد في منطقة الساحل لتوظيف قضية القبائل الانفصاليين، طرح متابعون لشؤون المنطقة التحول المستجد في صراع منطقة الساحل، القائم على توظيف الانفصال كورقة لتصفية الحسابات.

وما تراه الجزائر احترام ودعم للشرعية الإقليمية والدولية، فيما يتعلق بجبهة البوليساريو واتفاق المصالحة في مالي، يرى المغرب أنه تهديد لوحدته الترابية، ويرى حكام مالي الجدد أنه محاولة للمساس بسيادة ووحدة بلادهم، وعليه تم الغاء العمل باتفاق المصالحة العام الماضي، وفيما يسعى هؤلاء لتوظيف ورقة القبائل كحق في الانفصال، تصنف الجزائر حركة “ماك” ضمن الكيانات الإرهابية، وتعتبر داعميهم قوى معادية.

وذهب بيان وزارة الخارجية المالي الذي أوحى للحديث باسم منطقة الساحل، الى “تذكير الجزائر بأنه لا يُطلب منها تقديم الدروس في مكافحة الإرهاب، حيث إن مالي تتبنى استراتيجيتها الخاصة التي تتماشى مع احتياجاتها الوطنية، وأنها ليست في حاجة إلى توجيهات من الجزائر، التي سبق وأن خاضت حرباً ضد الإرهاب بسيادة كاملة”.

وشدد على أنه بالنظر إلى “الموقف المتعاطف الذي تُظهره بعض السلطات الجزائرية تجاه الجماعات الإرهابية في مالي ومنطقة الساحل، فانها تؤكد على رفضها الشديد لأي تدخل جزائري، وأنها مصممة على عدم السماح لأي جهة خارجية بالتأثير على استراتيجيات البلاد في مواجهة الإرهاب”.

وكان وزير الخارجية الجزائري، قد صرح في ندوة صحفية عقدها لتقديم حصيلة الجهاز الديبلوماسية خلال العام 2024، بأنه “قلنا للأصدقاء الروس لن نسمح ولن نقبل لكوننا جزائريين بأن تحول حركات سياسية (الحركات الأزوادية) كانت طرفا موقعا على اتفاق الجزائر للسلم في مالي، بين ليلة وضحاها إلى عصابات إرهابية، وهذه الجماعات (حركات الأزواد) هي التي سيتم التفاوض معها مستقبلا، وأن الجزائر تتمسك بمشاركة حركات الأزواد في أي مسار سياسي ومسعى للسلام في مالي”.

وشدد المتحدث على أن “معاودة التفاوض (بين هذه الحركات وباماكو) آتية لا محالة، التفاوض والوساطة الجزائرية آتية والحل السياسي أيضا، والجزائر ستكون موجودة، وأن الجزائر أرادت إقناع الصديق الروسي بالبديهيات التي عالجت بها الجزائر من خلال تجربتها الطويلة للملفات في منطقة ‎الساحل، على مدى عقود وأن الحل العسكري (في شمال مالي) غير ممكن، وجرب ثلاث مرات وفشل”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here