في 5 تشرين الأول/ أكتور 1988 اندلعت في الجزائر مظاهرات عنيفة، لكن بعد ثلاثين عاماً يشعر أزواو حمو الحاج الذي كلفته الانتفاضة ذراعه، بمرارة ويرى أنه في ذلك الوقت، “كان هناك أمل أكثر من اليوم” في الجزائر.
وبالنسبة لحمو فإن “الاختيار بين فترة ما قبل أكتوبر 1988 والآن ، أنا أفضل من قبل. لقد كان لدي ذراعان وكثير من الأصدقاء الذين قتلوا خلال المظاهرات”. فقد بترت ذراعه بعدما مزقتها رصاصات الجنود الذين أطلقوا النار على المظاهرة.
وفي 1988 كان المجتمع الجزائري يختنق من أثر 26 سنة من الهيمنة الكاملة للحزب الواحد، جبهة التحرير الوطني، كما كان الجيش في أوج قوته.
وبسبب ندرة المواد الأساسية وارتفاع الأسعار تزايد الغضب الاجتماعي واندلعت مظاهرات عنيفة ليل 4 إلى 5 تشرين الأول/ أكتوبر في باب الواد، وفي يوم 5 توسعت إلى كافة أرجاء العاصمة الجزائرية ثم في المدن الأخرى. فأعلنت حالة الحصار وتم تكليف الجيش بإعادة النظام.
وكان عمر أزواو حمو الحاج آنذاك 21 سنة ويعمل كصانع مجوهرات و” كما كل الشباب سئمت من الحقرة (الاحتقار والظلم) وبدأنا نسمع عن قضايا فساد ، كما سئمنا من الحزب الواحد، كنا نريد أن تتغير الأوضاع” كما يقول.
وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر شارك أزواو في مسيرة سلمية مع آلاف الأشخاص، “وقرب المديرية العامة للأمن الوطني قرب باب الواد أطلق الجنود النار، فأصبت بتسع رصاصات. نجح الأطباء في إنقاذ رجلي اليسرى لكني فقدت ذراعا”.
وكانت الحصيلة في ذلك الحادث 39 قتيلا وعددا كبيرا من الجرحى، بحسب الجمعية الوطنية لضحايا وعائلات ضحايا أكتوبر 88 التي ينتمي إليها أزواو والتي تناضل من أجل الاعتراف بهم وجعل 5 أكتوبر “يوما وطنيا للديمقراطية”.
وقال “لم أكن أتخيل أن الجيش يمكن أن يطلق النار” على متظاهرين سلميين.
وأسفرت “أحداث أكتوبر 1988″عن 159 قتيلا بحسب حصيلة رسمية بينما يؤكد مناضلون حقوقيون سقوط 500 قتيل.
وقضى هو نفسه فترة نقاهة “طويلة ومؤلمة”، وقال “بقيت بلا عمل لمدة عشر سنوات واضطررت إلى تغيير حرفتي ،عمري 51 سنة فقط لكني أشعر أني أبلغ 90 عاما”.
وأشار إلى أن “شبابا ماتوا من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعددية الحزبية” ولكن بعد 30 سنة “تم التراجع عن إنجازات أكتوبر” مضيفا “لم يبق شيء تقريبا، الحال لم يتغير في البلاد.
حقيقة أن الثورة قد أنهت عهد حكم الحزب الواحد، واحتكار العمل النقابي ووسائل الإعلام الرسمية ، لكن الفرحة لم تدم طويلاً.
في أول انتخابات تشريعية متعددة الأحزاب سنة 1991 فاز الإسلاميون بأغلب المقاعد في البرلمان من الدورة الأولى.
فتدخل الجيش وألغى الانتخابات وأعلن حالة الحصار مرة أخرى ما فتح الطريق إلى “عشرية سوداء” من الحرب الأهلية التي أسفرت عن 200 ألف قتيل بحسب حصيلة رسمية بين 1992 و2002.
وتذكر أزواو أنه في 1988 “كنا فخورين، كان أملنا أكبر قبل 30 سنة منه اليوم” والسبب أن “النطام هو هو لم يتغير، إضافة إلى فضائح الفساد وتهريب المخدرات والإفلات من العقاب”.
وقرر ابنه البالغ 21 سنة، أي نفس سن أزواو في 1988، قبل 30 سنة، مثل الكثير من الشباب الجزائري “المخاطرة بحياته بقطع البحر المتوسط مهاجرا غير شرعي” نحو فرنسا.
ويقول أزوار “قبل أن يذهب قال لي “أنت تعرضت للظلم ولكن أنا أرفض. لا أريد أن أتعرض له”.