بوتفليقة.. جدل الحياة والممات

33

بقلم : فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. تطوي وفاة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة صفحة خامس رئيس للبلاد يرحل عن الدنيا منذ استقلالها في الـ 05 من جويلية 1962، والثالث الذي يتوفى خارج الحكم، بعد كل من هواري بومدين ومحمد بوضياف، اللذان رحلا وهما في سدة الحكم، بينما غادر أحمد بن بلة والشاذلي بن جديد الحياة وهما خارج السلطة.

وتسلّم بوتفليقة مقاليد الحكم في أفريل 1999، وحكم البلاد لأربع عهدات رئاسية، وأجبر لمغادرة الحكم، بضغط حراك شعبي عارم الذي اندلع في 22 فيفري 2019، مباشرة بعد إعلانه في التاسع من الشهر نفسه، عزمه الترشّح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي كانت ستجرى في أفريل 2019، ما اضطره تحت ضغط إضافي من قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح؛ إلى تقديم استقالته في الثاني من أفريل 2019.

وأثار رحيل الرجل الذي حكم الجزائر لمدة 20 عاما الكثير من الجدل بين الجزائريين الذين تحولوا إلى مدافعين عن الرجل وإنجازاته وبين من حملوه مسؤولية ما تعيشه البلاد في الوقت الراهن من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية.

خونة بوتفليقة

المحامي فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان سابقا

قال رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان سابقا المحامي فاروق قسنطيني في تصريح لـ “أفريقيا برس” إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان خلال العهدتين الأولى والثانية على مستوى الأحداث وكان المتحكم في زمام الأمور”. وتأسف الصديق المقرب من الرئيس، “للخيانة” التي تعرض لها بوتفليقة من قبل مقربيه بعد مرضه وأوصلوا البلاد للكارثة التي عاشتها وأوصلوه هو شخصيا للحالة المزرية التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة، على حد تعبيره.

وأضاف المحامي فاروق قسنطيني أن الرئيس بوتفليقة وضع ثقته في أناس ليسوا أهلا لها، اغتنموا فرصة مرضه من أجل النهب والسرقة وتبذير المال العام، قائلا: ” إن بعض المسؤولين في عهد بوتفليقة تركوا الفساد يتغلب على الدولة الجزائرية، والفساد جاء من الدولة وليس من الأسفل أي من الطابق العلوي من المسؤولين الكبار الذين وثق بهم الراحل”. وفي حديثه عن خصال بوتفليقة، قال مُحدثنا إن الرئيس “84 سنة” كان رجل من طينة الكبار وكانت له إرادة عظيمة وتكوين الأفكار الكافية للنهوض بالجزائر.

وفي السياق ذاته تأسف الخبير الدستوري وعضو سابق بالمجلس الدستوري والباحث في التاريخ الدكتور عامر رخيلة لسوء اختيار الرئيس بوتفليقة للرجال الذين عملوا معه، قائلا: “للأسف الناس الذين اشتغلوا وعملوا معه لم يكونوا في مستوى الثقة التي وضعها فيهم ما دفع إلى تكوين مجموعات اتخاذ القرار وهذه هي النقطة السوداء في فترة حكم بوتفليقة ما تركه للجزائر من عصابة سياسية ومالية”.

المصالحة الوطنية أهم إنجاز الراحل

أجمعت الطبقة السياسية التي تحدث معها “أفريقيا برس” على أن مشروع المصالحة الوطنية التي أنهت 10 سنوات من الدم والاقتتال في الجزائر بعد توقيف المسار الانتخابي سنة 1991 كانت أهم إنجاز قام به الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وفي هذا الصدد قال المحامي فروق قسنطيني أن الأمر الأساسي الذي قام به الرئيس بوتفليقة هو نجاح مشروع المصالحة الوطنية 100 بالمائة في الوصول إلى أهدافه.

وأكد قسنطيني أن بوتفليقة دخل التاريخ من بابه الواسع لأنه لا توجد مصالحة وطنية نجحت في العالم مثل ما نجحت المصالحة في الجزائر والتي كانت جزائرية بامتياز ولم يتدخل فيها أي طرف أجنبي. وأضاف المتحدث ذاته أن المصالحة الجزائر تمت بمساعدة المصالح الأمنية والجيش الشعبي الوطني.

وذهب الخبير الدستوري وعضو سابق بالمجلس الدستوري والباحث في التاريخ الدكتور عامر رخيلة في التصريح الذي خص به “أفريقيا برس” في نفس التوجه قائلا ” بوتفليقة كان رجل سلم بامتياز وتمكن من خلال اعتماده على مشروع السلم والمصالحة بين الجزائريين من إخراج البلاد من أزمة كادت تعصف بها، ولجوئه إلى استفتاء شعبي كانت شجاعة منه.” وأوضح رخيلة أن دعوته للجزائريين بعدما أصيب العديد منهم بجروح الارهاب كانت شجاعة سياسية والتجاوب الشعبي معه يؤكد سلامة القرار.

وأكد محدثنا أن بوتفليقة أعاد للجزائر سلمها واستقرارها الاجتماعي تمكن من تفكيك خيوط مؤامرة دولية كانت تستهدف الجزائر من خلال “الاستدراج” للحيلولة دون تطور البلاد. وأضاف الخبير الدستوري أن الرئيس الراحل تمكن من الحيلولة دون تمزق الجزائر خاصة أن سياستها الخارجية كانت قائمة على الانتصار لقضايا التحرر في العالم.

وأضاف في الصدد ذاته أن بوتفليقة تمكن بشجاعته أن يقنع الرأي العام بمشروع السلم والمصالحة وتمكن أيضا أن يقنع الفرقاء على الاتفاق حول وجوب عودة السلم والأمن للجزائر.

بوتفليقة عاشق السلطة

الدكتور عامر رخيلة، عضو سابق بالمجلس الدستوري وباحث في التاريخ

في المقابل يرى الخبير الدستوري وعضو سابق بالمجلس الدستوري والباحث في التاريخ الدكتور عامر رخيلة أن الرئيس بوتفليقة كان يعاني من مشكلة نفسية كبيرة تتمثل في حب السلطة، قائلا: “كي أكون معكم أكاديمي بوتفليقة عنده مشكلة نفسية تتمثل في الحب الشديد للسلطة فتعلقه بالسلطة وإدراكه أن من يأتي من بعده سيقوم بعملية تصفية سياسية جعلته يتمسك أكثر بالسلطة”.

وحسب مُحدثنا فحب بوتفليقة للسلطة دفعه إلى تغيير الدستور وتمديد العهدات، مؤكدا أن المحيط الرئيس السابق كان أنانيا لم تكن لهم الشجاعة السياسية لتسمية الأشياء بمسمياتها سعيا منهم للمحافظة على التوازنات التي كانت موجودة في الجزائر.

وأضاف رخيلة قائلا: “ذهب الرجل وترك حاجتين، الأولى هي السلم والمصالحة الوطنية وهذه ورقة تاريخية كبيرة لفائدة بوتفليقة، وأيضا ترك الفساد الاجتماعي والمالي والاقتصادي والعبث بالسلطة وخيانة الامانة بالنسبة المسؤولين الذين اختارهم”.

الإنجازات الاجتماعية

وفي الجانب الاجتماعي قال رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان سابقا المحامي فاروق قسنطيني في تصريح لـ “إفريقيا برس” إن الرئيس بوتفليقة برز في جانب اجتماعي مهم فلا توجد أي دول في العالم قامت ببناء وحدات سكنية مثل الجزائر في عهده. وأكد المتحدث أن الأجانب خلال زيارتهم للجزائر يندهشون من عدد السكانات الاجتماعية التي توفرها الدولة للمواطن.  وفي المجال الاقتصادي أكد المتحدث ذاته أن سياسته كانت ناجحة مستشهدا بالمداخيل التي كانت تحققها البلاد من الجباية البترولية التي فاقت 1000 مليار دولار.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here