تسوية مع مختلسي المال العام، الحكومة تقترح والنواب يرفضون

14
الحكومة الجزائرية تقترح تسوية مع مختلسي المال العام

بقلم : فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. رفض نواب المجلس الشعبي الوطني” الغرفة السفلى” بالجزائر مقترح الحكومة القاضي بالتسوية الودية مع رجال الأعمال الفاسدين والمسؤولين المتورطين في قضايا اختلاس المال العام في عهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة مقابل إخلاء سبيلهم أو تخفيف الأحكام القضائية ضدهم غير نهائية لحد الآن.

وتضمن مخطط عمل الحكومة الجزائرية الذي صادق عليه مجلس الوزراء برئيس الرئيس عبد المجيد تبون ويعرض على البرلمان للمصادقة عليه في الغرفة السفلى؛ فكرة اللجوء إلى التسوية الودية بدل الإجراءات الجزائية في ملف استرجاع الأموال المنهوبة في قضايا الفساد الأخيرة.

الحكومة الجزائرية تقترح تسوية مع مختلسي المال العام

وطرح هذه الآلية الجديدة يهدف حسب الحكومة إلى تعزيز القدرات المالية للدولة ووضع إجراءات بالجملة لضبط الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد في مقدمتها إصلاح قانون مكافحة الفساد وتشديد العقوبات في ما يخص هذه الجرائم.

وحسب ما جاء في المخطط فإن تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة وتعزيز الجهاز الذي تم وضعه لتسيير الأملاك المحجوزة مع إدراج أحكام خاصة لتسيير الشركات محل متابعات قضائية أي رجال الأعمال الموجودين في السجن.

التسوية الودية تراجع عن محاربة الفساد

عبّر عدد من نواب البرلمان الجزائري المشارك في الحكومة الثانية للرئيس تبون المنتخب في 12 ديسمبر 2019 عن رفضهم لمقترح الحكومة، وفي مداخلته خلال مناقشة خطة عمل الحكومة اعتبر النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني “أول حزب تأسس في الجزائر” أحمد رابحي، أن طرح فكرة التسوية الودية مع رجال الأعمال الفاسدين يعد تراجعا خطيراً عن برنامج الحكومة السابقة التي وضعت محاربة الفساد واسترجاع الأموال ضمن أولوياتها.

وأوضح النائب رابحي أن الحكومة أمامها فرصتان؛ الأولى تتعلق بالأموال الموجودة في الخارج، وفي حال أبدى المختلس نية للتعاون مع الدولة لاسترجاعها، فيكمن أن يتم ذلك.

والثانية حسب رابحي فتتمثل في الأموال الموجودة في داخل البلاد والتي رفضت التسوية فيها معتبرا ذلك تشجيعا على الفساد، وقال: “ندين الأصوات المنادية بالتسوية الودية لهذا الملف مع المسؤولين عن الاختلاسات”، محملا الحكومة مسؤولية العمل على استرجاع الأموال المنهوبة في الفترة الماضية.

كمال بن خلوف – رئيس المجموعة البرلمانية لحركة البناء الوطني كمال بن خلوف

ومن جهته اعتبر رئيس المجموعة البرلمانية لحركة البناء الوطني كمال بن خلوف في تصريح لـ “أفريقيا برس” أن الحديث عن المصالحة الاقتصادية أمر خطير جدا، قائلا: ” الحديث عن استرجاع الأموال مهم جدا لكن هذا لا يعني العفو عن العصابة بل يجب أن يكون هناك توازن كبير”.

وطالب كمال بن خلوف من الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان توضيحاً عن الآلية التي ستنتهجها الحكومة من أجل استرجاع الأموال المنهوبة”

وأضاف بن خلوف: “يجب على الحكومة التحديد بدقة المعنين بهذه التسوية وهل هم الحاصلين على الأحكام القضائية النهاية أم لا”.

التسوية الودية خيانة

أحمد صادوق – رئيس المجموعة النيابية لحركة مجتمع السلم

ورفض رئيس المجموعة النيابية لحركة مجتمع السلم أحمد صادوق في تصريح خاص لـ “أفريقيا برس” رفض فكرة التسوية الودية مع رجال الأعمال، واصفا إياها “مصالحة مع الفساد”.

وقال رئيس المجموعة النيابية “الحزب الوحيد المعارض في البرلمان الجزائري” إن التوسية الودية تعتبر انقلابا صريحا على مطالب الحركة وعلى الحراك الشعبي، مؤكدا أن الحركة هي أول من طالب بمحاسبة الفاسدين، مضيفا: “في حال وجد توجه آخر فنحن ندين ذلك ونرفضه ولن نقبل به”.

وعبّر صادوق عن خشيته من أن تكون عبارة التسوية الودية قد دست في القانون من قبل العصابة السابقة التي ما زلت تملك أذرع لها خارج السجن، لكي يصبح للحكومة المبرر القانوني لإخراجهم من السجن بقوة القانون بعد تمريره على البرلمان.

وحذر صادوق من أن الدولة لا تملك القوة والميكانيزمات التي تسمح باسترجاع الأموال بالطرق الودية، ولذلك يجب أن يطبق القانون، وخلاف ذلك سيكون إفلاتا من العقاب وتشجيعا على الفساد الذي تسعى الجزائر لمحاربته.

الفكرة ليست جديدة

عبد العزيز بلعيد – رئيس جبهة المستقبل،

سبق رئيس جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد المشارك في الحكومة إلى التفاوض مع رجال الأعمال الموقوفين بالسجن بتهم تتعلق بقضايا فساد وتهريب الأموال إلى الخارج، لاسترداد هذه الأموال مقابل إخلاء سبيلهم.

قال عبد العزيز بلعيد في 11 نيسان ابريل 2021 الماضي: “مصالحة وطنية تسمح بالتفاوض مع رجال الأعمال الموجودين في السجون، نعم ندخل معهم في مفاوضات من أجل استرداد الأموال الموجودة في الخارج مقابل إطلاق سراحهم، ماذا نربح وما الجدوى من بقائهم في السجن، لا فائدة عندما يبقى رجل أعمال يملك ملايين الدولارات في الخارج في السجن، وتتحمل الدولة نفقات إيوائه وإطعامه، الأفضل أن يتم استرجاع الأموال، أعطنا الأموال وخذ حريتك، هاتوا الأموال واذهبوا أنتم الطلقاء”.

واعتبر بلعيد إن “التفكير بمنطق الشعبوية لن يعود على البلاد بأي فائدة، والتفاوض مع رجال المال والأعمال لاستعادة الأموال ليس بدعة، وهناك دول نحت نفس المنحى وقامت بالتفاوض مع رجال المال لاستعادة الأموال المودعة في الخارج”.

ولن تكون المرة الأولى التي يقترح فيها المنشق عن حزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلعيد هذه الفكرة، حيث سبق أن أقترح  في شهر شباط فبراير الماضي على الرئيس عبد المجيد تبون، بالذهاب في هذا الاتجاه من المصالحات المالية والاقتصادية مع رجال الأعمال والفاسدين.

واقترح بلعيد آليةً للمصالحة مع الإطارات المسجونة التي أعتبر أنها أُكرهت على الفساد في عهد بوتفليقة  الذي استقال من الرئاسة في 2 نيسان ابريل 2019، وقاموا بتنفيذ أوامر غير قانونية صادرة من جهات فوقية، ليجدوا أنفسهم تحت طائلة القانون والمحاسبة وفي السجون.

استرجاع الأموال ممكن

وكان الرئيس الجزائري قد أعلن في الخامس من نيسان ابريل الماضي أن أغلب دول الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها لمساعدة البلاد في استرجاع الأموال المهربة في عهد الرئيس السابق، واعداً بأخبار مفرحة في هذا الملف في الأيام المقبلة.

وقال عبد المجيد تبون إن أغلب الأموال المهربة أثناء العهد السابق كانت وجهتها أوروبا، من دون أن يحدد حجمها، موضحا أن عملية استرجاع هذه الأموال ستتم وفق خطوات قانونية معقدة.

وأضاف الرئيس أن هناك ملفات فساد تنتظر الأحكام النهائية للقضاء لكي تبدأ عملية التفاوض بشأن استرجاع الأموال والعقارات في الخارج، وأفاد بأن أغلب دول الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها للمساعدة في تسهيل استعادة تلك الأموال.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here