أفريقيا برس – الجزائر. تضاربت معلومات مختصين في شؤون التسليح، أن تكون الجزائر صاحبة الحصرية في امتلاك طائرات سوخوي 57 الروسية في العالم العربي وأفريقيا، ففيما تردد روايات مفادها حصولها على 14 وحدة من الطائرات المذكورة في غضون العامين المقبلين، وأن أربعة منها ستستلمهم خلال العام الحالي، استبعدت روايات أخرى المسألة، مستندة في ذلك الى خلفيات غامضة للمصادر التي كشفت المعلومات، فضلا عن طبيعة الأجواء الجيوسياسية السائدة، بعد عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض، والتقارب اللافت بين البلدين خاصة بعد توقيع اتفاق تعاون عسكري بينهما منذ أسابيع فقط.
تواصل الجزائر التكتم عما يتردد من معلومات حول امتلاكها الحصري لطائرات سوخوي 57 الروسية، المعادلة لطائرات أف 35 الأمريكية، حيث لم يصدر أي تعقيب سياسي من طرف السلطات العليا، ولا من وزارة الدفاع المستحوذة على شؤون التسليح والدفاع، ولم تتم الإشارة للموضوع في أي من مواقعها وصفحاتها على شبكة الاينترنت، إلا تسجيل قصير خصص للحديث عن خطر محتويات شبكات التواصل الاجتماعي في توجيه الرأي العام، وضرب استقرار وتماسك المجتمع عبر الأخبار المغلوطة والشائعات.
ورجح مصدر أمني فضل عدم الكشف عن هويته، لـ”أفريقيا برس”، ألا تكون الجزائر سباقة لامتلاك هذا النوع من السلاح في الظرف الراهن قياسا بالظروف الجيوسياسية القائمة، مقابل انفتاحها في الآونة الأخيرة على عدة مدارس عسكرية للاستفادة من خبراتها وتجاربها في مجال الدفاع والتسليح، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين وبعض الدول الأوروبية، وقبلها روسيا التي توصف بـ”الشريك الاستراتيجي التاريخي”.
وقال: “المتابع للروايات الزاعمة بامتلاكها الحصري بداية من العام الجاري لطائرات سوخي 57، يلاحظ أنها روايات متشابهة في السرد والمفردات، وتستند إلى التلفزيون الحكومي، وهو ما لم يكن، الأمر الذي يثير الشكوك حول خلفيات تواترها، ويطرح فرضية محاولة الإيقاع بين الجزائر وشركائها الجدد، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لاعتقاد هؤلاء بأن الجزائر تبحث عن بديل للسوق الروسية”.
ولفت الى أن سيناريو انزعاج وجوه الإدارة الأمريكية في وقت سابق من التقارب بين الجزائر وموسكو، بسبب إمكانية ابرام صفقات ضخمة للتسليح في ذروة الحرب الأوكرانية، لا زال قائما، لكن التقارب بين الروس والأمريكيين منذ قدوم ترامب يخلط أوراق تلك الأطراف، بما فيها محاولة اظهار الجزائر في موقع الشريك المنحاز”.
وذهب موقع “مغرب انتلجانس” المقرب من الاستخبارات المغربية، استناد الى مصدر لم يكشف عنه، الى أن “الجزائر حصلت على الضوء الأخضر من واشنطن قبل اقتناء مقاتلات الجيل الخامس سوخوي-57 من موسكو وقدمت ضمانات بعدم استخدامها للهجوم على المغرب”.
وأكد على أن “السلطات الجزائرية حرصت على استشارة السلطات الأمريكية قبل إضفاء الطابع الرسمي على هذا الطلب العسكري المهم، وأجرت اتصالات واسعة مع واشنطن لتجنب الوقوع تحت تهديد قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات، وهو قانون يسمح للحكومة الأمريكية بفرض عقوبات صارمة ضد زبناء صناعة الدفاع لدى خصوم الولايات المتحدة، الذين توجد ضمنهم روسيا، إلى جانب كوريا الشمالية وإيران”.
ويبدو أن رواية الموقع، التي تعكس رأي دوائر نافذة في النظام المغربي، لا زال يصنف روسيا ضمن أعداء الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يواكب التقارب المتسارع بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، كما وضع المغرب ضمن ضمانات سماح واشنطن للجزائر باقتناء الطائرات المذكورة، وهو ما يوحي الى هواجس مغربية صامتة من امتلاك جارتها الشرقية لتلك الطائرات.
وتشهد منطقة شمال افريقيا، صراع تفوق استراتيجي يقوده المغرب والجزائر، وتفاقم الأمر الى شحن غير مسبوق أفضى الى قطيعة سياسية وديبلوماسية أعلنتها الجزائر العام 2012، بسبب ما أسمته بـ”سياسة العداء التي ينتهجها ضدها النظام المغربي، وتطبيعه مع إسرائيل”.
وعلى النقيض من ذلك، اعتبر تقرير لموقع “كل شيء عن الجزائر” الناطق بالفرنسية، أن تلاعبا صارخا، اعترى الروايات المروجة لامتلاك الجزائري الحصري في العالم العربي وافريقيا لطائرات سوخوي 57، لأن المصدر الذي استندت عليه مختلف وسائل الاعلام العربية والغربية (التلفزيون الحكومي)، لم يتحدث أبدا عن المسألة، وليس من تقاليده المهنية التناول الحصري لمثل هذه الأخبار.
ويبدو أن صفحة “كلاش روبورت” على منصة اكس، الموطنة في تركيا، والتي تجهل هويتها، باتت مهتمة بالشأن العام الجزائري، فهي أول من أثار منذ أسابيع ما تردد عن سماح الجزائر لعناصر كردية للمشاركة في تظاهرة سياسية لجبهة البوليساريو المطالبة بتقرير المصير في نزاع الصحراء الغربية، وهي الآن أول من يثير رواية طائرات السوخوي 57، من خلال تدوينة ذكرت فيها أن الوزير المنتدب للدفاع الجزائري الجنرال سعيد شنقريحة، تابع معرضا لسلاح الجو خلال زيارته الى الهند، وشاهد أداء سوخوي 57 وأف 35 وقد وقع اختياره على الأولى.
ونشرت صحف ومواقع عربية وغربية، تقارير تشابهت في مفرداتها وسرديتها، ونسبت المصدر الى التلفزيون الحكومي، وأجمعت على أن “التلفزيون الجزائري أكد توقيع اتفاقية مع روسيا لشراء مقاتلات سو-57. ويتلقى الطيارون الجزائريون تدريبات في روسيا ومن المتوقع أن يتم تسليم الطائرات هذا العام. لتصبح الجزائر بذلك أول زبون لطائرات سو-57 “.
لكن يبدو أن مواقع إخبارية جزائرية، هي التي بثت صورا وتسجيلات عن المسألة ونسبتها الى التلفزيون الحكومي دون أن تتحقق من الأمر، بحسب ما أورد موقع “كل شيء عن الجزائر”، الذي قال أن المقطع الذي بثه هؤلاء أظهر أداء سو 57 وأف 37 تحت أنظار الوزير المنتدب للدفاع الوطني، لكن ذلك لا يعني أن الاختيار قد وقع، وأن الاتفاق قد تم مع روسيا، وأن تلاعبا خطيرا يلف المسألة، في انتظار إن التلاعب صارخ، في انتظار الكشف عن الجهة التي رتبت ذلك ولأي هدف.
وأكد على أن بيان وزارة الدفاع، ذكر بأنه، “خلال مشاركته في افتتاح المعرض، تابع الفريق أول ركن رفقة الوفد المرافق له، عرضا جويا ضم أحدث الطائرات المقاتلة متعددة المهام، المجهزة بتقنيات التخفي والرادارات الذكية، على غرار طائرات سوخوي 57 الروسية وطائرات أف 35 الأميركية”.
وحتى التلفزيون الروسي، قدم نفس الرواية، لما قال، بأن “الجزائر أكدت شراء مقاتلات الجيل الخامس “سو-57 إي” من روسيا، لتصبح بذلك أول بلد أجنبي يحصل على هذا النوع من الطائرات الحربية الروسية المتطورة، وقد أعلنت القناة التلفزيونية الحكومية الجزائرية عن هذه الصفقة في تقرير صحفي لها”.
أما البوابة الاماراتية “غلوبال ديفونس”، فقد ذكرت هي الأخرى، بأن “الطيارين العسكريين الجزائريين يتلقون حاليا دورات تدريبية خاصة بقيادة طائرات (سو-57) الروسية، بينما لم يتم الكشف عن عدد المقاتلات التي تم شراؤها.
واستند التلفزيون الروسي، الى تصريح ألكسندر ميخيف مدير عام شركة “روس أوبورون إكسبورت” في افتتاح المعرض الدولي للطيران في الهند 2025، أن أول وكيل تصديري لطائرات “سو-57″ الروسية سيحصل على طائراته في العام الجاري” دون أن يكشف عن تفاصيل أخرى.
وسبق للمتحدث أن صرح في معرض مماثل احتضنته الصين العام الماضي، بأن “عقدا بهذا الشأن قد تم توقيعه” دون أن يذكر اسم الدولة المشترية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس
