تقارب جزائري تركي في الأفق بعد تسلم مطلوب للعدالة

25

بعد يوم واحد من استلام الجزائر من تركيا ضابط الصف المطلوب للعدالة، قرميط بونويرة، أوردت وكالة الأنباء الرسمية التركية “الأناضول”، خبرا مفاده أن سفينة جزائرية محملة بالغاز، وصلت أمس إلى ميناء مرمريس التركي.

السفينة هي “لا لا فاطمة نسومر”، التي تحمل علم الباهاماس، وقد انطلقت من ميناء “أرزيو” في الفاتح من الشهر الجاري، محملة بنحو 144 ألفًا و888 مترًا مكعبًا من الغاز، إلى ميناء أرأيليسي في مرمريس بولاية موغلا جنوب غربي تركيا.

ويشكل تزامن هذين الحدثين مؤشرا على اتجاه العلاقات الجزائرية التركية نحو مزيد من التعزيز، ليس فقط على صعيد التبادل التجاري والاقتصادي والاستثماري فحسب، بل يمكن أن يكون عاملا مساعدا على تقريب وجهات النظر، بشأن بعض القضايا الإقليمية المصيرية بالنسبة للجزائر، وعلى رأسها الأزمة الليبية، التي باتت تهدد الأمن في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري، باتت الاستثمارات التركية أكثر إزعاجا بالنسبة لبعض الدول، وعلى رأسها فرنسا التي تنظر إلى الجزائر على أنها مجال حيوي ومنطقة استراتيجية، تندرج في محيط نفوذها، وسوق تقليدي لمنتجاتها، بسبب الحضور التركي البارز إلى جانب الصين، الشريك التقليدي.

ففي غيليزان، يوجد أكبر مصنع للنسيج في إفريقيا، وهو ثمرة استثمار تركي، وغير بعيد عن غيليزان يوجد مصنع “توسيالي” للحديد والصلب بوهران، وهو أيضا ثمرة شراكة جزائرية تركية ناجحة، فضلا عن النشاط الكبير للشركات التركية على صعيد البنى التحتية، السكن والعمران، والأشغال العمومية، والموارد المائية.

كما يوجد هناك مشروع مشترك بين سوناطراك و”رينيسانس هولدنج” التركية، في قطاع البتروكيماويات، والذي سيقام بولاية أضنة، جنوبي تركيا، وسيبدأ الانتاج في شهر جويلية المقبل، وهو المشروع الذي يسمح لسوناطراك بتصدير 450 ألف طن من غاز البروبان إلى هذا المصنع، كمادة أولية لإنتاج مادة البيلوبروبيلان، وهي مادة أولية للبلاستيك، تستخدم في صناعات السيارات والنسيج والصيدلة.

غير أن الأهم من كل ذلك، هو اتفاق الغاز المبرم بين البلدين، والذي تم تمديده بخمس سنوات (حتى 2024)، خلال الزيارة التي قادت الرئيس التركي، رجب الطيب أردوغان، إلى الجزائر مطلع العام الجاري، وهو اتفاق ينطوي على قدر كبير من الأهمية، لأنه جاء في وقت يعاني فيه سوق الغاز الجزائري في أوروبا من أزمة خانقة، جراء تدفق الغاز الأمريكي بأسعار تصل إلى نصف سعر الغاز الجزائري المصدر نحو أكبر مستورد لهذه المادة الطاقوية، وهو إسبانيا، التي استغلت هذا المعطى للضغط على الجزائر، من أجل مراجعة أسعار الغاز المحددة في الاتفاق الثنائي سلفا.

وتعتمد تركيا على مصادر متعددة للتزود بالغاز الطبيعي، وعلى رأس هذه المصدر توجد روسيا، لكن تجديد الاتفاق المنتهي في أكتوبر من العام المنصرم، سمح للجزائر برفع حصتها من الغاز المصدر إلى تركيا (من 4 إلى 5.4 مليار متر مكعب) أو ما يعادل 38 بالمئة مما تستورده تركيا من الخارج، مثلما منح هذا الاتفاق الجزائر متنفسا كانت في أمس الحاجة إليه، لتسويق غازها في وقت تعيش أزمة مالية خانقة، جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here