تهاون جزائري وشروط تعجيزية فرنسية..الجرائم النووية

22
تهاون جزائري وشروط تعجزية فرنسية.. الجرائم النووية

فريدة شراد

أفريقيا برس – الجزائر. أعلنت منظمة “إيكان الجزائر”، أنها بصدد إعداد ملف قضائي لرفعه للمحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة فرنسا على الجرائم النووية التي ارتكبتها في الجزائر، حسب رسالة للمنظمة وجهتها، بمناسبة الذكرى 62 لاندلاع الجرائم النووية الفرنسية في الجزائر.

وقالت إيكان في الرسالة “نقوم الآن بإعداد ملف لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، لأن فرنسا لا تريد الاعتراف بجرائمها التي ارتكبتها في الجزائر”. واستدركت “لقد تابعنا ما فعلته حتى الآن، ونحن مصممون للدفاع عن هذه القضية العادلة والنبيلة، لكن السياسيين الفرنسيين دائمًا ما يبيعون لنا السراب”. ولفتت إلى أن إيمانويل ماكرون “قال لنا كلام في حملته الانتخابية سنة 2017 ولكن مباشرة بعد انتخابه غير كلامه وأصبح اليوم يشكك حتى في أصلنا وفصلنا، نعم أصبح يشكك في وجود الأمة الجزائرية قبل استعمار فرنسا لأرضنا”.

ووجهت المنظمة نداءً للجزائريين من أجل الاتحاد لإيصال أصوات ضحايا الجرائم النووية التي ارتكبتها فرنسا في الصحراء الجزائرية.، وأكدت “إيكان الجزائر”؛ أن الجزائر لن تسكت عن الجرائم النووية الفرنسية في الجزائر “اليوم وغدا”، وطالبت المنظمة الحقوقية التي تدافع وترافع عن ضحايا الجرائم النووية الفرنسية في الجزائر، بفضح وكشف الجرائم النووية الفرنسية بالجزائر. كما طالبت باريس بتحمل مسؤولياتها تجاه الأضرار الصحية والبيئية التي سببتها الجرائم النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية بين سنوات 1960-1966.

قليلون من يدافعون عن الملف

جعفر بن صالح - أستاذ جامعي وصحفي مختص في ملف التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية
جعفر بن صالح – أستاذ جامعي وصحفي مختص في ملف التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية

يرى الأستاذ الجامعي والصحفي المختص في ملف التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية، جعفر بن صالح، في تصريح خص به موقع “أفريقيا برس”؛ أن السلطات الجزائرية الرسمية أو الجمعيات التي تدافع عن الملف رغم قلتها، الجزائر لم تخرج عن الخطابات الحماسية ولن تقم بخطوات علمية وعملية، للتعويض والحصول على حق مئات الآلاف من المواطنين الجزائريين المتضررين من هذه التفجيرات.

ووصف الأستاذ بن صالح، أن التفجيرات النووية الـ 17 “برقان” و”عين أمقل” بالجنوب الجزائري التي أجرتها فرنسا ما بين 13 فيفري 1961 وأفريل 1966، بـ”أطول جريمة في التاريخ”،، مضيفا أنها “لم تعد جريمة تاريخية، توقفت بمجرد حدوثها بل أصبحت جريمة حتى في الوقت الحاضر، ضحاياها مستمرون لحد اليوم، يعانون من تشوهات خلقية وسرطانات وأيضا يولدون بتشوهات وعاهات جسدية”.

وقال بن صالح أنه حسب علمه: “لا توجد قضايا لمحاكمة فرنسا لا أمام محكمة العدل الدولية، ولا حتى أمام المحاكم الفرنسية، بسبب الجرائم، والذين يتحدثون عن هذه القضايا لم يقدموا أي اسم و لا أي دليل عن فضية تم رفعها أمام العدالة”. وتابع بن صالح: “قضايا مثل هذه يجب أن تكون مدعومة بأدلة علمية وهو شرط أساسي وضعته السلطات الفرنسية، للحصول على التعويضات، أي إثبات علمي وطبي إن سبب الإصابة هو الإشعاعات النووية”.

غياب الدراسات العلمية

أكد الأستاذ الجامعي والصحفي المختص في ملف التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية، جعفر بن صالح، أن الجزائر ليس لديها دراسات علمية حول هذه القضية التي ما تزال تتسبب في الكثير من الأمراض والأوبئة للمقيمين في مناطق التجارب. وحسب مُحدث “أفريقيا برس”؛ فالوحيد الذي قدم أدلة علمية على تورط فرنسا في الأمراض التي سجلت حتى بعد أكثر من 20 سنة، ولم تستغل، هو الأستاذ العراقي عبد الكاظم العبودي العالم في الفيزياء النووية والذي كان يدرس بجامعة وهران، وتوفي قبل سنتين.

وأضاف جعفر بن صالح أن عالم الفيزياء النووية تابع البحث والتقصي العلمي في ملف “الجرائم النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية”، وأنجز عشرات من الأبحاث والدراسات العليا، وأصدر كتابه “يرابيع رقان.. جرائم فرنسا النووية في الصحراء الجزائرية” في العام 1996.

غياب الإحصائيات عائق في وجه الجزائر

وقال الصحفي المختص في ملف التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية، إنه “لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد المصابين والضحايا، مؤكدا أن فرنسا حصرت الضحايا فقط في من كان في منطقة التفجيرات بين 1961 و 1966″، وتطرق مُحدثنا إلى قضية غياب إحصائيات رسمية حول عدد المصابين والضحايا، لأن الجزائر لا تملك قائمة بمن عمل في المنطقة وبمن كان متواجد فيها أثناء التجارب. وأضاف المتحدث ذاته؛ أن فرنسا حصرت الضحايا فقط في من كان في منطقة التفجيرات بين 1961 و 1966، بين النقطة صفر في حموديا 65 كلم عن رقان المدينة.

وحسب “تأكيدات وبحوث الدكتور عبد الكاظم العبودي، الذي يعتبر أحد الضحايا حيث أن أبحاثه في هذا المجال كانت وراء إصابته بمرض السرطان، كواحد من بين عشرات آلاف ضحايا التجارب النووية ومخلفاتها، وأيضا العسكري السابق المسمى”عبد الجبار” في منطقة التفجيرات، الذي أثبت إصابته بأمراض ناتجة عن آثار التفجيرات لكن فرنسا تعترف فقط بمن ثبت خدمتهم في المنطقة أو ثبت وجودهم فيها في فترة التفجيرات على حد تعبير الصحفي.

تعويض الضحايا

وقال بن صالح: “إن فرنسا تكيل بمكيالين في قضية التعويضات، خاصة بين سكان جزر بونيليزيا والجزائر، التي جرت فيهما التفحيرات بين سنتي 1961 و1996، وحتى الفرنسيين، لأن ذلك سيفتح عليها باب التعويضات المالية الضخمة”.

ويرى بن صالح أن “قانون تعويض ضحايا التفجيرات النووية وضع بطريقة تعرقل عملية الاستفادة، بجعل عدد المستفيدين قليلا، مع الشروط التعجيزية، وأهم شرط هو إثبات التواجد في المنطقة عبر شهادة مكتوبة أو بواسطة وثائق إدارية التي هي من الأرشيف الفرنسي”.

ثاني شرط حسب المصدر ذاته هو إثبات علمي وطبي “إن سبب الإصابة هو الإشعاعات النووية وفي الجزائر لا توجد دراسات علمية، وفرنسا تملك كل المعلومات الدقيقة عن السكان وعن الضحايا، وهي تخفي جرائمها حتى لا تدفع تعويضات وحتى لا تتم متابعتها أمام المحاكم الدولية”.

وفي 5 جانفي 2010، صدر المرسوم الذي يسمح بصرف تعويضات لضحايا التجارب النووية التي قامت بها فرنسا في الفترة ما بين 1960 و1996. ويحدد المرسوم المناطق الجغرافية المعنية ولائحة الأمراض التي يُمكن للمصابين بها المطالبة بتعويضات. ونص المرسوم على تعويض الأشخاص المصابين بأحد الأمراض الـ 18 التي تم تسميتها في لائحة ملحقة بالمرسوم وكلها أمراض سرطان، كما حدد المرسوم مناطق الصحراء وبولينيزيا الفرنسية التي سيستفيد سكانها من تعويضات بالإضافة إلى شرح حيثيات تعيين أعضاء اللجنة المكلفة بصرف هذه التعويضات.

الصحراء الجزائرية وبولينيزيا الفرنسية

أفادت أرقام صادرة عن وزارة الدفاع الفرنسية بأن نحو 150 ألف مدني وعسكري شاركوا في 210 تجربة نووية قامت بها فرنسا ما بين 1960 و1996 في صحراء الجزائر وبولينيزيا الفرنسية، في المحيط الهادي. وسيتم صرف تعويضات لقدامى المحاربين والمدنيين الذين تعرضوا للتجارب النووية الفرنسية وطوروا أمراض سرطان مختلفة كسرطان الثدي بالنسبة للنساء أو سرطان المعدة أو الرئة أو الكلية أو سرطان الدماغ والجهاز العصبي.

وجاء في المرسوم على أن لجنة التعويضات ستتكون من ثمانية أشخاص سيتم تعيينهم لمدة ثلاث سنوات، يترأسها مستشار دولة أو مستشار محكمة النقض. بالإضافة إلى أربعة أعضاء من بينهم طبيب، يعين وزير الدفاع إثنين منهما ويعين وزير الصحة اثنين آخرين. كما يقوم وزيرا الدفاع والصحة بتعيين ثلاث شخصيات مؤهلة.

الجيش الجزائري يطالب خرائط النفايات النووية من فرنسا 

وكانت الجزائر قد طالبت فرنسا علنا ورسميا عند استقبال رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة، في أفريل 2022، لرئيس أركان الجيوش الفرنسية فرانسوا لوكوانتر، بتسليمها خرائط حول أماكن التجارب النووية، التي أجريت بصحراء بلاده في ستينيات القرن الماضي، لتطهير المنطقة من الإشعاعات والنفايات النووية.

وقال الفريق شنقريحة في كلمة بالمناسبة: “أنتظر دعمكم خلال انعقاد الدورة 17 للفوج المختلط الجزائري- الفرنسي (حول ملف التجارب)، المزمع عقدها خلال شهر مايي2021”.

وأوضح أن انعقاد الدورة 17 يهدف إلى “التكفل النهائي بعمليات إعادة تأهيل موقعي “رڨان وإن إكر”  التي جرت بهما التجارب النووية الفرنسية، وكذلك مساندتكم في هذا الإطار، بموافاتنا بالخرائط الطبوغرافية، لتمكيننا من تحديد مناطق دفن النفايات الملوثة، المشعة أو الكيماوية غير المكتشفة لحد اليوم”.

وأجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية، سلسلة من التجارب النووية بالصحراء الجزائرية (4 فوق الأرض و13 تحت الأرض)، في الفترة ما بين 1960- 1966.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here