جزائرون : الصهاينة أججوا الوضع بين المغرب والجزائر

52

بقلم : فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائرصنع القرار الجزائري القاضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية الحدث، خاصة أنه متزامنا مع التقارير الأمنية التي تثبت تورط المغرب ودعمها لحركات انفصالية صنفت بإرهابية لديها متحاولها إثارة الفوضي في الجزائر، في حين تطرح التساؤلات حول السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الجزائرية-المغربية، بعد بروز مساعي دولية وعربية تدعو البلدين للحوار قصد إعادة النظر في قرار قطع العلاقات.

ويستبعد خبراء في السياسة والعلاقات الدولية من الجزائر إمكانية تراجعها عن قرار قطع العلاقات مع المغرب، خاصة وأن القرار اتُخذ بعد رسائل تحذير عدة وجهتها الجزائر لجارتها الغربية بعد سقطاتها الدبلوماسية المتعددة، حسب تصريحاتهم لـ “أفريقيا برس”.

علاقة الجزائر مع المغرب تعقدت

عبد الرحمان بن شريط، محلل سياسي

أوضح المحلل السياسي البروفيسور عبد الرحمان بن شريط أن العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب فقدت كل مصداقيتها ولم يبقي بين الجزائر والمغرب أي مبرر للإبقاء على هذه العلاقة.

وقال بن شريط إن الجزائر أرادت من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية تقدم رسالة واضحة لطرف المغربي وهو أن دبلوماسيتها لا تقبل الوضعيات الغامضة أو العلاقات التي لا تكون مبنية على أسس متينة.

وأكد محدثنا أن قطع العلاقات مع المغرب كان اضطراري وجاء بعد أن تأكدت الجزائر أن المغرب كان وراء الكثير من العمليات العدوانية ضدها بداية من التجسس باستعمال تقنية بيغاسوس الصهيوني، بإضافة إلى ذلك كانت وراء بعض المعارضين الجزائريين كما شجع بعض الأطراف على التسلح وإحداث البلبلة والفوضى خاصة بعد الحرائق التي وقعت في منطقة القبائل شمال البلاد..

والملف المغربي بالنسبة للجزائر أصبح ملف كله مشاكل وأصبح لا يشجع على الإبقاء على العلاقات لذلك قامت الجزائر بكل جرأة ووضوح بقطع العلاقات مع المغرب على حد تعبير المحلل.

الوساطة العربية

ويرى المحلل السياسي الجزائري بن شريط أن الوساطات العربية قد تأخرت لأن الوضع بين الجزائر والمغرب كان متدهور منذ مدة طويلة.

وأضاف المتحدث ذاته أن الجزائر كانت تنتظر منذ مدة طويلة تدخل الأخوة العرب قبل “أن يقع الفارس في الرأس” على حد تعبيره، مؤكدا أن فشل الوساطة سببه تأخرها.

وأكد المصدر ذاته أن الجزائر تبقي أبوابها مفتوحة دبلوماسيا لأي وساطة مستقبلية في حال اطمأنت أن الطرف المغربي له مصداقية، مضيفا أن الوساطة العربية مقبولة أخلاقيا ومن ناحية العلاقات لكن تقنيا أو عمليا نجاحها غير وارد.

وقال عبد الرحمان بن شريط إن قبول الجزائر للوساطة سيكون في حالي واحدة وهي وجود تغير عميق في نمط النظر إليها وبطبيعة الحكم المملكة المغربية ونظرتها إلى الجزائر.

وشدد المتحدث أن الشعبين المغربي والجزائري بعيدين أن هذا الصراع وهما شقيقان وأن الخلاف هو بين النظامين المخزن المغربي والسلطة الجزائرية.

الدكتور سمير محرز، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

ومن جهته يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور سمير محرز أن الموقف الجزائري تجاه قطع علاقتها مع المملكة المغربية لم يكن متسرعا بالعكس جاء بعد العديد من السقطات الدبلوماسية المغربية وبعد مراسلة الخارجية الجزائرية للمغرب وبعد عدم الرد تأكيدا على أن الطرح المغربي كان خاطئا وغير مبرر ، ما جعل الجزائر تتخذ هذا الموقف.

وحسب الدكتور سمير محرز فتصريح وزير الخارجية الجزائري رمطان عمامرة كان واضحا وغير قابل لتدخل  من طرف ثالث أو أي جهة كانت وهذا ما أكده في زيارته الاخيرة لدولة مالي بأن الجزائر ترفض تدخل أي طرف حتى يعدل المغرب عن بعض قراراته ومواقفه وتصريحاته تجاه الجزائر.

وأضاف محدث “أفريقيا برس” أن هذه المبادرات لن تحل المشكل العميق بين البلدين حتى وإن كانت مبادرات من قوى دولية كبرى، معتقدا “أن المبادرة الأولى يجب أن تأتي من المغرب من خلال اعترافه بسقطاته الدبلوماسية وبعدها سيكون الحوار ثنائي بين الطرفين  لحل العديد من الملفات كملف الصحراء الغربية وملف اتحاد المغرب العربي وملف الماضي المعقد بين الجارتين” حسب تعبيره.

الصهاينة أججوا الخلاف المغاربي

عبد الرحمان بن شريط، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة الجزائر

ويرى أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة الجزائر عبد الرحمان بن شريط، أن الجزائر لها قناعة أنها لا تتعامل مع طرف مغربي له سيادة بل تتعامل طرف مغربي مخترق من طرف الموساد الإسرائيلي خاصة بعد التطبيع الخطير.

وشدد بن شريط على أن الأحداث المتسارعة في الفترة الماضية أدت إلى قطع العلاقات وكان أبرزها التطبيع المغربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في الـ 10 ديسمبر 2020، بإضافة إلى تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعطت من لا يملك إلى من لا يستحق في قضية الصحراء الغربية.

وأوضح المتحدث ذاته أن القرار المغربي ليس قرار مستقل وهو قرار صهيوني محض، قائلا: “إن الجزائر لا تتعامل مع النظام المغربي بل مع نظام مخترق حتى النخاع من الجانب الصهيوني”.

وذهب المحلل بعيدا في نظرته للاختراق الصهيوني للمغرب من خلال نظرته للتحركات الدبلوماسية المغربية الساعية لخلط أوراق نظيرتها الجزائرية بالتالي الهدف المغربي هو إعاقة الدبلوماسية الجزائرية من أجل أفشال أي مشروع دبلوماسي في إفريقيا لأنها لا تريد للجزائر أن تسترجع مكانتها المعروفة في التاريخ على أنها مكة الثوار والتي كانت وراء حل الكثير من الأزمات في إفريقيا”، مؤكدا أن النظام المغربي يتحرك بإيدز من الكيان الصهيوني.

أما الدكتور سمير محرز فيرى أن التطبيع المغربي مع الصهاينة هو أحد أسباب قطع العلاقات لكن الجزائر حسبه لم تتدخل في علاقة المغرب مع دولة الاحتلال الاسرائيل لم تقدم أي تصريح يستنكر الخيار المغربي، على اعتبار أنه خيار سيد ولا دخل للجزائر.

وأضاف في الصدد ذاته أن قطع العلاقة جاء بعد التحالف المغربي الإسرائيلي ضد الجزائر والمساس بسيادتها والإساءة اليها في عدة مناسبات.

التخبط الغربي اتجاه الجزائر  

قال المحلل السياسي عبد الرحمان بن شريط إن النظام المغربي يتخبط في الفترة الأخيرة باتجاه الجزائر ومواقفه متناقضة مستدلا بموقف عمر هلال سفير المغرب في الأمم المتحدة وتصرفه “الأرعن” في قضية إحداث الفوضى ومطالبة باستقلال منطقة القبائل وتصريح رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني الذي أوضح فيه  بأن تصرف سفير بلاه فردي ورد فعل لا يمثل المملكة المغربية وسياستيها اتجاه الجزائر.

يرى المحلل أن الدبلوماسية المغربية فقدت سيطرتها وأخلاقياتها والآن أصبحت تشكل خطر على الجزائر وهذا كله يصب في خانة أن قطع الجزائر العلاقات كان قرار صائب إلى أن يظهر العكس.

وحسب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور سمير محرز فالتخبط  المغربي دليل على الخطأ والتسرع الدبلوماسي للمغرب مع جارتها الجزائر التي تتشارك معها حدوديا واستراتيجيا ، وهذا يؤكد بأن القرار السياسي المغربي غير مستقل وتتشاركه أطراف استراتيجية جديدة لها مثل دولة الاحتلال الإسرائيلي .

وقال الدكتور في الصدد ذاته “لهذا من الخطأ أن تخسر المغرب جارة بسبب مواقف غير مدروسة من عدة جوانب، وباعتقادي كل المشاكل الموجودة حاليا بين الطرفين يمكن أن تحل دون أن تهرول المغرب للأمم المتحدة أو لـ “تل ابيب” من أجل الطعن في الجزائر.

شروط العودة

وفي إجابة عن سؤال لـ “أفريقيا برس” حول الشروط التي يمكن بها أن تعود العلاقات بين البلدين، أوضح عبد الرحمان بن شريط في أن الدبلوماسية الجزائر ليس لها حسابات، لكن ما تتطلبه العلاقات بين المغرب والجزائر ليس حسن النوايا فقط. وما يجب على المغرب فهمه هو أن افتعال المشاكل مع الجزائر على خلفية القضية الصحراوية لا علاقة لها بالجزائر.

وحسب المتحدث فالتطبيع مع الكيان الصهيوني هو الذي زاد من حدة الأزمة بين المغرب والجزائر وعدم تراجع المغرب على هذه الخطوة سيزيد من حدة المشاكل، مؤكدا أن الخارجية المغربية ليست مستعدة للتضحية بهذا التطبيع، مضيفا أن الكرة الأن في مرمى المغرب وليس الجزائر.

أما أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور سمير محرز فقال في إن الحديث عن الفشل في عودة العلاقات بين البلدين سابق لأوانه، وكل شيء متعلق بالمغرب بين أن تختار أن تبقى مع حليفها الجديد أو تحاول أن تتراجع وتعتذر للجزائر حفاظا على الجو العام والأمن الاقليمي المغاربي ، فالكرة اللآن في ملعب المملكة المغربية والجزائر ستتعامل بموضوعية مع الخيارات التي تتخدها الجارة الغربية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here