حرب سيبرانية تؤجج الأزمة بين الجزائر والمغرب

18
حرب سيبرانية تؤجج الأزمة بين الجزائر والمغرب
حرب سيبرانية تؤجج الأزمة بين الجزائر والمغرب

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – الجزائر. ألمحت الحكومة المغربية الى الجزائر، ووصفتها بالجهة المعادية التي تقف وراء الاختراق الالكتروني الذي استهدف مؤسسات رسمية وتسريب بيانات على منصات النت، في حين يتداول ناشطون على الشبكة ان العملية جاءت ردا على محاولات نفذها قراصنة من المغرب بغرض اختراق وتعطيل أنظمة الكترونية لمؤسسات حكومية، ويأتي هذا التصعيد في خضم مناخ يطبعه الشحن الإعلامي والخطاب العدائي والاتهامات المتبادلة لا سيما بعد التطورات الأخيرة في الساحل والصحراء الغربية.

وصف الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس، التسريب التي طالت بيانات شخصية على نطاق واسع لموظفين مغاربة، بـ “العمل الإجرامي”، وأن “جهات معادية” للمملكة، بهدف “التشويش على نجاحاتها الديبلوماسية” في قضية الصحراء الغربية.

وتعد الجزائر الخصم اللدود للمغرب في الملف المذكور، فهي تدعم جبهة البوليساريو في مسار تقرير المصير، وتعتبره حلا مثاليا للقضية الصحراوية باعتبارها آخر البؤر التي لم تنل حقها في ممارسة حكمها بنفسها، وهو الموقف الذي يعتبره المغرب معاديا لوحدته الترابية ولمصالحه الاستراتجية.

وقال الوزير المغربي، بأن “هذه الهجمات التي تقف وراءها جهات معادية، أدت إلى تسريب عدد من البيانات المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”. وهو التصريح الذي ينضاف الى اعلان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في المغرب عن سرقة عدد كبير من البيانات من أنظمته في هجوم سيبراني، مما أدى إلى تسريب معلومات شخصية على تطبيق المراسلة تليجرام.

وأثارت بعض البيانات المكشوف عنها، جدلا لدى الشارع المغربي، على اعتبار أن أحد مستشاري القصر الملكي يقبض ما يعادل 120 ألف دولار كراتب شهري، الأمر الذي اعتبر كشفا لأسرار غاية في الأهمية، وأن الاختراق يمثل انتهاكا للحماية الالكترونية للمؤسسات الرسمية في المغرب.

ويرى الخبير في شؤون الاتصالات والشبكة العنكبوتية يونس قرار، بأن الأمن الالكتروني بات في صدارة انشغالات الحكومات والمؤسسات الكبرى، وأن الأساليب التقليدية في الجوسسة، لم يعد لها مكان أمام تنامي دور القراصنة، فالعملية في وقت سابق كانت تتطلب إمكانيات بشرية ولوجيستية ومادية، أما الآن فانها تقتصر فقط على إمكانيات بسيطة وعقول متحكمة.

وأوضح، لـ “أفريقيا برس”، بأن “تطور تكنولوجيا الاتصالات واهتمامات المؤسسات والأفراد، سمح بظهور هذا النوع من القرصنة الالكترونية، واذا كان العمل يدخل في الممارسات المخفية في العلاقات الدولية، فان أعمالا معزولة هزت أركان حكومات ومؤسسات قام بها قراصنة بمفردهم، كما حدث مع “الهاكرز” الجزائري حمزة من دلاج، الذي اخترق مؤسسات اقتصادية وبنوك في آسيا وأمريكا”.

وأضاف: “ما يثار حول اختراقات الكترونية متبادلة بين الجزائر والمغرب، ليست وليدة اليوم ولا هي المرة الأولى، فقد سجلت العديد من الحالات في وقت سابق، خاصة خلال السنوات الأخيرة، أين يعيش البلدان على وقع أزمة سياسية وتوتر دائم، لكنه لا يمكن الجزم بوقوف جهة رسمية وراء هذه العملية أو تلك، فقد يبادر بها أشخاص بمفردهم وبارادتهم لا غير”.

وكشفت إدارة الصندوق المغربي، بأن “التحقيقات الأولية تشير إلى أن التسريب نتج عن تمكن قراصنة إنترنت (هاكرز) من اختراق أنظمة الحماية الخاصة بالصندوق، وأن العديد من الوثائق التي تم نشرها كانت مضللة أو غير دقيقة أو غير مكتملة”.

وأكد قراصنة نشروا وثائق على تطبيق تليجرام، بأن “الهجوم جاء ردا على التحرش المغربي المزعوم بالجزائر على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهدوا بشن هجمات سيبرانية إضافية إذا تم استهداف المواقع الجزائرية”.

وذكرت وسائل اعلام مغربية، بأن تسريب بيانات تتعلق بأجور نحو مليوني موظف في حوالي 500 ألف شركة، وأن حسابا على تلغرام يعلن انتسابه إلى الجزائر تحت اسم “جبروت دي زد”، في إحالة على الرمز التعريفي للجزائر على الانترنت، تبنى العملية.

وقالت: “من بين الوثائق المسربة توجد معلومات حول الرواتب، التي إذا كانت دقيقة، فإنها تعكس التفاوتات الواسعة التي لا تزال تؤرق المغرب على الرغم من تقدمها في مجال التنمية الاقتصادية”.

ولفتت الى أن الوثائق المسربة تتضمن بيانات مالية غير موثوقة تتعلق بمديرين تنفيذيين في شركات مملوكة للدولة، وأحزاب سياسية، وشخصيات مرتبطة بالشركة القابضة التابعة للعائلة المالكة وصندوقها الخيري، وكذلك مكتب الارتباط الإسرائيلي في الرباط.

وأكدت على أن قراصنة جزائريين يتحملون مسؤولية الهجوم، الذي شكل حلقة من مسلسل حرب سيبرانية تنفذها الجزائر.

لكن خبير الاتصالات والشبكة العنكبوتية، يرى بأن النشاط الالكتروني يبقى غامضا ويصعب تحديد مسؤولياته خاصة في ظل الظروف الجيوسياسية المتداخلة، فالأزمة بين الجزائر والمغرب تستفيد وتحرض عليها العديد من القوى، ولذلك لا تستبعد وقوف جهات من ذلك القبيل من أجل تأجيج الأزمة بين البلدين والدفع بهما الى الصدام.

وفي المقابل قام قراصنة مغاربة، بتعطيل حساب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية على منصة “اكس”، وأعلنت مجموعة “هاكرز” مغربية عن أنها نجحت في اختراق الأنظمة الداخلية للمؤسسة العامة للبريد والاتصالات الجزائرية، حيث تمكنت من استخراج أكثر من 13 “غيغابايت” من الوثائق السرية، تتعلق بالبيانات والمعطيات الشخصية لآلاف الجزائريين.

وقالت مصادر إعلامية جزائرية، بأن ” القراصنة المغاربة يطلقون على أنفسهم “فانتوم أطلس”، وقال فريق الهاكرز، أنه “اخترق المنظومات الإلكترونية لعدد من المؤسسات الجزائرية بكل سهولة، جاعلاً كمية ضخمة من الوثائق والمعلومات الحساسة مكشوفة أمام العالم بمنصت تيليغرام.

وأضافت: “هذه البيانات تتضمن معطيات شخصية ووثائق استراتيجية بالغة الحساسية بدأت في نشرها على مجموعة الانستغرام. وأن مجموعة الهاكرز المغربية تمكنت من الوصول إلى وثائق داخلية تابعة لوزارة العمل الجزائرية، تتعلق بملفات فساد وسوء تسيير داخل مؤسسات الدولة”.

ووجه القراصنة المغاربة رسالة إلى الحكومة الجزائرية، جاء فيها “نحن نراقب نحن قادرون أي استفزاز مستقبلي سيُقابل برد دقیق وغیر متناسب. الصحراء المغربية ليست محل نقاش ستبقى تحت السيادة المغربية الكاملة، ولن يتنازل المغرب عن شبر واحد منها. هذه ليست مجرد عملية سيبرانية. إنها رسالة ردع وتحد. لن نبقى صامتين أمام أي عدوان يستهدف المغرب أو سيادته. كل عمل عدائي سيُقابل برد واضح”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here