أفريقيا برس – الجزائر. أجمعت أحزاب سياسية جزائرية على ضرورة تعزيز الجبهة الداخلية، من أجل تفادي أي اهتزاز يستهدف أمن واستقرار البلاد، ودعت السلطة الى فتح حوار وطني شامل يستقطب جميع الأطياف السياسية والأيدولوجية، كملاذ وحيد يكفل للجزائريين التصدي لمختلف المخططات المحتملة، خاصة بعد السقوط المفاجئ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، والأعمال العدائية التي تقوم بها فرنسا.
التحقت حركة مجتمع السلم الجزائرية، بالقوى السياسية والحزبية الداعية الى الاهتمام بالجبهة الداخلية، من أجل مواجهة المخاطر والاهتزازات المحيطة بالبلاد، خاصة في ظل السقوط المدوي لنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد والمناورات التي تقودها فرنسا ضد الجزائر خلال الأشهر الأخيرة.
وانضم مرشح “حمس” في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبدالعالي حساني شريف، الى رفيقه في الاستحقاق زعيم جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، في مطلب تعزيز الجبهة الداخلية والتماسك الوطني في مواجهة الاضطرابات الجيواستراتجية التي يعيشها العالم، بمباشرة حوار سياسي شامل يستقطب جميع الأطياف السياسية والأيديولوجية.
وتحدث رئيس حركة “حمس” ومرشح الانتخابات الرئاسية عبدالعالي حساني شريف، في مؤتمر جهوي لحزبه بشرق البلاد، عن “ضرورة الذهاب الى حوار سياسي شامل يضع جميع الأطياف السياسية في جبهة واحدة متماسكة لمواجهة المخاطر المحدقة”.
وشدد في كلمته على “حتمية تضافر جهود الجميع للحفاظ على وحدة الوطن ومصالحه في مواجهة التحديات، لاسيما في ظل التطورات الجارية على الساحة الدولية، وأن حزبه ملتزم بالجهود الرامية إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعزيز الجبهة الداخلية”.
وتماهت الدعوة مع مضمون البيان الذي أصدرته حركة البناء الوطني الموالية للسلطة، الداعي الى رص الصفوف الداخلية وسد جميع المنافذ في وجه الأخطار المحدقة بالبلاد، خاصة بعد انكشاف مخطط فرنسي يستهدف اثارة الفوضى والاضطرابات في البلاد، فضلا عما يجري في سوريا.
وصرح القيادي في الحركة محمود خونا، لـ”أفريقيا برس”، بأن “المنطقة والعالم عموما يعيش على وقع تطورات متسارعة، تستدعي وقوف جميع القوى الحية والقيادة السياسية للبلاد في صف واحد، من أجل درء الأخطار المحتملة، خاصة بعد انكشاف خيوط بعضها”.
وتابع: “حركة البناء الوطني، تهيب بجميع القوى السياسية والحزبية من أجل الاصطفاف في جبهة واحدة خلف القيادة السياسية للبلاد، وهو ما عبرت عنه في بيانها، لقناعة لديها بأنه أمام الاكراهات الخارجية يجب أن تذوب كل الخلافات والتجاذبات الداخلية، حفاظا على أمن وسلامة الوطن”.
وقالت حركة البناء الوطني الموالية للسلطة، في بيان لها بأنه، “يمكن للجزائريين أن يختلفوا حول أولويات التنمية، أو حول القضايا الاقتصادية، أو الروئ السياسية، ولكنه غير مسموح لهم أن يختلفوا حول القضايا الكبرى والمصالح الحيوية للأمة الجزائرية”. في تلميح الى ترتيب أولويات الداخل والخارج لدى المكونات السياسية والحزبية في البلاد.
وشددت على “تكرار دعوتها السابقة لشركاء الوطن، من أجل التسريع في بناء حزام وطني قادر على تجاوز كل الأزمات الظرفية والمستقبلية، ويتصدى للتحديات والمخاطر ويحصن المجتمع بوعي صحيح، ذلك الحزام الذي نؤسسه معا من أجل دعم خيارات المؤسسات حاليا، وكذا التأسيس لبناء قاعدة حكم سياسية مستقرة بمؤسسات وطنية تضمن مصالحنا الحيوية وتحمي سيادتنا من شتى المخاطر والتهديدات مستقبلا”.
أما القيادي في حزب جيل جديد حبيب براهمية، فقد أكد لـ”أفريقيا برس”، بأن “مسألة فتح الحوار الوطني الشامل بات ضرورة قصوى أمام التوترات التي تعيشها المنطقة، لأن بناء جبهة وطنية داخلية مرصوصة ومتماسكة، ينطلق من جلوس الجميع على طاولة الحوار من أجل النقاش والتشاور وتبادل الأفكار”.
وتابع: “الظرف لا يسمح بتضييع المزيد من الوقت في انكفاء كل طرف على نفسه، لأن مصلحة ومصير الدولة، يستدعي حوارا وطنيا شاملا يستقطب جميع الأطياف السياسية والأيديولوجية، للخروج بخارطة طريق موحدة يلتف حولها الجميع في القيادة السياسية والقوى الحية في البلاد، لأن المخاطر صارت أكثر جدية وخطورة على الأمن الاستراتيجي للدولة”.
أما رئيس الحزب “جيل جديد” جيلالي سفيان، فقد قدر بأن “تداعيات سقوط النظام السوري على الجزائر ستكون في اطار جيوسياسي، وأن علاقاتنا مع دول الشرق الأوسط ستتأثر بشكل غير مباشر، لكن إعادة تنظيم الشرق الأوسط تحت رعاية الثلاثي الأمريكي- التركي- الإسرائيلي يمكن أن يعطي أفكارا لمحاولة توسيع النظام الجديد نحو شمال إفريقيا”.
وأضاف في تصريح صحفي، بأن “أعداءنا أصبحوا الآن كثيرين”، جميع حدودنا باتت حساسة. نحن محاطون بدول تعاني من اضطرابات داخلية أو تشكل خطرا صريحا علينا، وفي هذه اللعبة المتعددة المتغيرات، اختار الغرب دعم المغرب على حساب الجزائر”.
لكن المتحدث يحتفظ بخيط التفاؤل، ويؤكد على أنه “لا ينبغي المبالغة في تقدير المخاطر، لأن للجزائر وسائلها للدفاع عن نفسها”.
وأثناء خطاب التنصيب الذي ألقاه الرئيس عبدالمجيد تبون، كان قد وعد بفتح حوار سياسي شامل مع جميع مكونات المجتمع، وألمح حينها الى معضلة الفجوة السياسية بين الشارع والسلطة، بعدما ثبت للأخيرة حجم المقاطعة الكبير، لكن الرجل الأول في السلطة في أول خروج اعلامي له في ولايته الرئاسية الجديدة، عاد لاتهام سلطة تنظيم الانتخابات بالتلاعب بالانتخابات ووعد بفتح تحقيق في المسألة، لكن بيانات المحكمة الدستورية شكلت هي الأخرى عبئا جديدا على السلطة، كون الفارق بينها وبين بيانات سلطة التنظيم كانت بملايين الأصوات، مما أبقى نفس استفهامات التضخيم والتلاعب مطروحة من طرف معارضي السلطة.
ويبدو أن التطورات الإقليمية تدفع المشهد الجزائري الى المسارعة لايجاد تحصينات سياسية، فرئيس الجمهورية الذي بدا حينها غير قلق بشأن موعد الحوار وتوعد بأن يكون نهاية العام القادم أو بداية العام الذي يليه، سيكون تحت ضغط تسارع الأحداث الإقليمية، والقوى السياسية التي كانت تنتظر جدية السلطة في فتح الحوار باتخاذ إجراءات استباقية لتهدئة الوضع العام، صارت تطالب بفتح الحوار المذكور في أقرب وقتا، بسبب المخاطر والتوترات المتصاعدة في المنطقة.
وامتدت الهواجس الجزائرية من سقوط نظام الرئيس السوري السابق، الى الأزمة المتصاعدة مع الشريك التقليدي فرنسا، بعد التطورات التي شهدتها علاقات البلدين في الأيام الأخيرة، وتوجيه الجزائر اتهامات لباريس بضلوع جهازها الاستخباراتي في أعمال عدائية تستهدف أمن واستقرار البلاد.
ويأتي ذلك ليضاف الى بيان سابق لجبهة القوى الاشتراكية، قالت فيه، بأن “الانهيار المذهل وغير المتوقع للنظام السوري والأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط تذكرنا بحقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن قوتنا تكمن في وحدتنا وقدرتنا على بناء القدرة على الصمود القادر على حمايتنا من هذه الاضطرابات الجيوسياسية الكبرى”.
وانتقد الحزب المقاربة الأمنية التي تسير بها البلاد في السنوات الأخيرة، بدعوى الحفاظ على الأمن، بينما يجري تحييد المؤسسات الأخرى من أحزاب سياسية ومجتمع مدني ونقابات عن أداء دورها في المجتمع، الأمر الذي زاد في حجم الهوة بين السلطة والشارع، والذي يمكن استغلاله لأغراض أخرى، اذا لم يتم فتح حوار حقيقي يشمل الجميع ويؤسس لجبهة وطنية داخلية متماسكة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس