مبادرة “لم الشمل الجزائري” تواجه معضلة السجناء السياسيين

32
مبادرة لم الشمل الجزائري تواجه معضلة السجناء السياسيين

فريدة شراد

أفريقيا برس – الجزائر. كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن عقد لقاء شامل مع الأحزاب السياسية قريبا في إطار مبادرة “لم الشمل” التي تروج لها شخصيات وأحزاب موالية للنظام. واستغل الرئيس تبون لقاءه مع الجالية الجزائرية في أنقرة التركية من أجل الخوض في هذه المبادرة التي كانت بدايتها عبر برقية نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية تعلن فيها عن مد يد الرئيس لكل الفرقاء الجزائريين. ووصف الرئيس الجزائري المبادرة بـ “الخطوة الضرورية من أجل تكوين جبهة داخلية متماسكة”. وتجسيدا لها أعلن تبون عن عقد لقاء شامل للأحزاب في الأسابيع المقبلة بعد اللقاءات الفردية التي أجراها مؤخرا مع قادة بعض الأحزاب. وفتح حديث الرئيس تبون الباب أمام مزيد من التأويلات بخصوص هذه المبادرة التي تتضارب الأقوال حول المقصودين بها، بين من يرى بأن الأمر يتعلق بمعارضي الخارج ومن يعتقد أن المقصودين بها هم سجناء الرأي في الداخل، وفئة ثالثة ترجح إمكانية أن تشمل المسجونين من مسؤولين ورجال أعمال في فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في إطار “مصالحة مالية”.

المبادرة الغامضة !

بسمة لبوخ، محللة سياسية
بسمة لبوخ، محللة سياسية

ترى المحللة السياسية بسمة لبوخ في تصريح لموقع “إفريقيا برس”؛ أن مبادرة “لم الشمل” من حيث التوقيت جاءت بعد أربع استحقاقات انتخابية اعترفت فيها السلطة بالمشاركة المتدنية مما يحتم عليها اليوم معالجة الاختلال وترميم ثقة المواطن في العملية السياسية. ورجحت لبوخ أن يكون الجمود الذي ميز الساحة السياسية منذ آخر استحقاق دفع إلى إطلاق المبادرة حركت المياه الراكدة وأعادت بعث نقاشات واسعة خاصة وأن المبادرة لم تكن واضحة المعالم ولم يتم تحديد  مدتها والأطراف التي ستشملها. وفي سؤال لـ “إفريقيا برس” حول تصريحات الشخصيات التي استقبلها الرئيس الجزائري، قالت لبوخ؛ “الملاحظ في تصريحاتهم أنها تتمحور حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إذ تبدوا أكثر ارتباطا بالتغيير الحكومي المرتقب أكثر منه من مشاورات حول صياغة مبادرة لم الشمل التي يُنتظر أن تعالج ملف الحريات السياسية والإعلامية  وإطلاق سراح المعتقلين”. وترى المحللة السياسية أنه إذا تم التواصل مع المعارضين في الخارج سيكون لمعارضي الداخل نصيب من أي دعوة للحوار خاصة إذا تم إطلاق سراح المعتقلين وهذا ليس جديدا، حيث سبق وأن تم إطلاق صراح أكثر من سبعين معتقل. وربطت لبوخ نجاح المبادرة بمدى رغبة السلطة في تقديم تنازلات والذهاب بعيدا في تنفيذ إصلاحات تمكن في فتح المجال السياسي والإعلامي وتعزيز الحريات والطلاق صراح المعتقلين.

أطراف تستغلالسجناء

عبد القادر بريش، نائب في البرلمان الجزائري
عبد القادر بريش، نائب في البرلمان الجزائري

من جهته يرى النائب البرلماني الجزائري عبد القادر بريش في تصريح خص به موقع “إفريقيا برس”، أن الغاية من المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للحوار والمصالحة الشاملة هي تعزيز الجبهة الداخلية ورص الصفوف لمواجهة التحديات وفتح صفحة جديدة لانخراط الجميع في بناء الجزائر الجديدة. وثمن بريش الدينامكية التي أحدثتها المبادرة في الوسط السياسي الذي كان راكدا باستقباله لرؤساء الأحزاب السياسية، قائلا “نحن الآن في حاجة إلى بناء المتوافقات خاصة في الملفات الهامة على رأسها الملف الاقتصادي والاجتماعي، ونحن بصدد الإقدام على فتح ملفات تقتضي فتحها على أسس توافقية خاصة الاقتصادية منها التي يجب أن تكون محل إجماع لدي الطبقة السياسية والفاعلين الاقتصاديين ولدي المجتمع المدني والنقابات”. وحسب بريش أن الهدف من هذه المبادرة هو لم الشمل ورص الجبهة الداخلية من أجل تثمين قدرات الجزائر ومواجهة التحديات المحتمل والمحيطة بنا في ظل الظروف التي نعيشها خاصة التحديات والتهديدات الخارجية وبالتالي لا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا برص الجهة الداخلية بجميع الفاعلين دون إقصاء أو تهميش.

واعتبر النائب الجزائري أنه “في ظل نظام ديمقراطي وتعددي وحرية التعبير السائدة بالبلاد فأكيد يوجد من يرى أن هذه المبادرة لا تتوفر على مقومات النجاح ولكن نحن نقول بأنه المبادرة في حد ذاتها وتحرير الفعل السياسي وهذه الحيوية التي ستحدثها من شأنها فتح الباب لكل الآراء والأطروحات وبالتالي تحدث دينامكية ويكون لها مخرجات”.

وفي سؤال له عن العقبة التي تواجه هذه المبادرة السياسية الجديدة في البلاد وهي السجناء السياسيين الذين تطالب بعض القوى في البلاد بإطلاق سراهم لأولوية قبل أي نقاش قال النائب بريش إن “مصطلح السجناء السياسيين أو سجناء الرأي يجب إعادة النظر فيه هل فعلا لدينا سجناء رأي أو سياسيين”، مؤكدا وجود أطراف توظف هذا المصطلح من أجل ضرب الدولة الجزائرية وتشويه المسار الذي بدأ فيه رئيس الجمهورية. وأضاف قائلا: “لا بد لنا كجزائريين أن نتعلم كيف نتحاور حتى وإن كنا مختلفين في وجهات النظر ولأن الحوار هو السبيل الوحيد لبسط كل المسائل والقضايا وبالتالي بالمبادرة هذه لها بداية ونتكلم الأشياء التي تطرحها المعارضة الآن كمخرجات لها ونتمنى أن  تكون هذه  اللقاءات  الحوارات غير مقصية لأحد”. وأكد مُحدث “إفريقيا برس” أن الجزائر في مرحلة بناء جديدة تحتاج إلى تجميع كل قدرات الجزائريين من أجل تعزيز الوحدة الوطنية رص الصفوف الداخلية ومواجهة المخاطر التي تحيط بها.

وقال النائب عن حركة البناء الوطني إن “الأهم في هذه المرحلة أن نؤمن كجزائريين قادريين على أن نبني دولة قوية حتى أن اختلفنا، ونؤمن أن بني ديمقراطية جزائرية تراعي الظروف السياسية للبلاد وهذا ما يجعلنا نذهب بخطوات ثابتة نحو المستقبل”.

تصريحات النائب في البرلمان الجزائري عبد القادر بريش لموقع “أفريقيا برس”:

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here