مخطط عمل الحكومة الجزائرية، لا اختلاف بين برنامج أيمن بن عبد الرحمان، سلال، وأويحيى

33
رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمان في البرلمان

بقلم: فريدة شراد

أفريقيا برسالجزائر. أُزيل الستار عن مخطط عمل الحكومة الجزائرية الساعي إلى تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي سيعرض الإثنين 13 سبتمبر على البرلمان بعد المصادقة عليه خلال مجلس الوزراء الأخير، ويقترح البرنامج جملة من الاصلاحات من أجل تجسيد الإنعاش والتجديد الاقتصاديين، ضمن منظور شامل يرتكز على تشجيع الاستثمار وتنويع مصادر التمويل.

وحسب وثيقة مخطط عمل الحكومة الملخّصة في 83 صفحة، التي حصل موقع “أفريقيا برس” على نسخة منها، فقد خصصت لتعزيز دعائم الإنعاش الاقتصادي وتطوير القطاعات المساهمة في التنمية والنمو الاقتصادي واعتماد سياسة تجارية لصالح الصادرات خارج المحروقات وترقية التشغيل ومكافحة البطالة من خلال مقاربة اقتصادية و كذلك تطوير منشآت الدعم الأساسية.

جديد المخطط

عبد القادر بريش – نائب عن حركة البناء الوطني

ويرى النائب عن حركة البناء الوطني “الحزب المساند رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون” عبد القادر بن ريش؛ أن برنامج الحكومة تمحور على خمس محاور أساسية  تبدأ من تعزيز الحريات والحقوق والعدالة وتكريس استقلالية القضاء إلى الإنعاش الاقتصادي وتنمية البشرية وتحسين نوعية التعليم، كما تضمن تعزيز قدرات البلاد من الدفاع والأمن انتهاءً بالسياسة الخارجية وإعطاء دور للدبلوماسية الجزائرية خاصة الاقتصادية منها وجعها.

وفي تصريح لـ “أفريقيا برس” اعتبر النائب عبد القادر بن ريش أن برنامج الحكومة ولأول مرة في تاريخ الجزائر لا يحمل الآجال الزمنية من أجل تطبيقه، قائلا: “البرنامج جاء عبارة عن أهداف غير محددة في الزمن بمعنى أن المخطط لم يفصل ما بين ما هو استعجالي آني وبين ما هو برنامج إصلاحي على المدى المتوسط لأن برنامج عمل الحكومة هو تجسيد لبرنامج رئيس الجمهورية الذي تنتهي عهدته سنة 2024 أي أن البرنامج يغطي كل هذه الفترة”.

وشدد بن ريش على ضرورة تقديم الحكومة ربط الأهداف بالآجال الزمنية ومعايير ومؤشرات كمية، أي كم تحقق الحكومة خلال ونسب الإنجاز المتوقعة.

الدكتور سليمان ناضر – أستاذ الاقتصاد في جامعة غرداية

ونفى أستاذ الاقتصاد في جامعة غرداية سليمان ناضر خلال حديثه مع “أفريقيا برس” أن يكون عدم تحديد برنامج زمني مضبوط  لبرنامج عمل الحكومة يعني أنها تتخبط لا تعي ما تفعله بالضبط.

وعاد إلى سليمان ناضر إلى مخطط عمل الحكومة الأولي للرئيس تبون التي قادها عبد العزيز جراد والتي لم تحدد إطار زمني لها لأنها ارتبطت ببرنامج الرئيس تبون الذي يمتد لغاية 2024.

وأوضح ناضر أن بيان السياسة العامة هو من سيحمل حصيلة عمل الحكومة خلال سنة واحدة، ووجوب عرضه على البرلمان حسب الدستور الجزائري.

مقاربة الحكومة لامتصاص البطالة

تلتزم الحكومة بترقية التشغيل ومكافحة البطالة من خلال الاعتماد على مقاربة اقتصادية، وتشير وثيقة مخطط عمل الحكومة، إلى أن النمو الاقتصادي “التشاركي” يعتبر إحدى الدعائم التي يجب تفضيلها في استراتيجية ترقية وديمومة التشغيل في ظل محيط اقتصادي غير مستقر ومعرض لعوامل انكماش دورية ومتكررة مع تركيز أكثر حدة على قابلية تماسك النسيج الاقتصادي والصناعي.

وفي هذا الإطار، شددت الحكومة على تعزيز وتنفيذ برامج دعم المورد البشري وتنميته، باعتبار أن تطوير المؤسسات والصناعات المصغرة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتطلب دعم محيط ملائم لإنشاء المؤسسات بما يسمح لها بالاستفادة من خدمات تتماشى مع البحث وأدوات الابتكار ونشر معايير ومقاييس الإنتاج والإدارة التي تشكل أهم العناصر لتعزيز التنافسية وخلق القيمة المضافة.

وتتعهد الحكومة في مخططها بـ ”الإسراع في تنفيذ أدوات الدعم” التي يجب نشرها من قبل الوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الابتكار في إطار صلاحياتها وتثمين القدرات البشرية المبدعة والابتكارية من خلال تحسين نظم الإدارة وعصرنة المنشآت الأساسية النوعية بهدف تحسين تنافسية المؤسسات ونوعية المنتوجات والخدمات بغية توسيع العروض القابلة للتصدير.

كما ستعمل الحكومة على إنعاش عملية تأهيل المؤسسات ودراسة كيفيات استفادة هذه المؤسسات من التمويل البنكي إضافة إلى تسهيل استفادة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من التمويل وتعزيز ضمان القروض من خلال تنويع المنتوجات.

أما بالنسبة للمؤسسات المصغرة، تسعى الحكومة إلى تشجيع بروز محيط ملائم لإنشاء مؤسسات مصغرة وصغيرة وتطويرها وديمومتها وتعزيز وسائل دعم المرقين لمواجهة صعوباتهم وتحسين نوعية مرافقة حاملي المشاريع من خلال وضع نمط شخصي و كذلك تنفيذ الترتيبات التنظيمية المتعلقة بمنح 20 في المائة من الطلبيات العمومية لصالح المؤسسات المصغرة وإعداد دفتر أعباء خاص.

كما ستعمل على تشجيع المناولة لصالح المؤسسات المصغرة بإشراك المجمعات الصناعية العمومية الكبرى وتخصيص فضاءات مهيأة على مستوى المناطق الصناعية ومناطق النشاط لاستقطاب المؤسسات المصغرة والصغيرة وضمان نموها وديمومتها  كذلك فتح مكاتب للاستشارة و المرافقة لصالح المؤسسات المصغرة.

أما بخصوص تطوير الكفاءات وتكييف التكوين مع التشغيل، تعتزم الحكومة تحسين نوعية المنظومة التعليمية الوطنية، والتعليم التقني والتكوين المهني بشكل يسمح بتكيف ذلك مع المحيط الاقتصادي للبلاد ومواءمة المورد البشري مع حاجات السوق الوطنية بهدف تعزيز فعالية الاقتصاد الوطني ومردوديته وتشجيع اندماج المجتمع في الاقتصاد العصري.

وفي هذا الصدد قال عبد القادر بريش النائب البرلماني عن حزب حركة البناء الوطني الداعم لبرنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون: “إن الحكومة جاءت في المحور الثاني من مخططها بالإنعاش الاقتصادي وإعادة تنشيط الدورة الاقتصادية والسماح بتشجيع الاستثمار والقضاء على البيروقراطية وهذا ما سيساهم في تقليل من نسبة البطالة بالتدريج وليس دفعة واحدة لأن المشكل تتداخل فيها العديد من الظروف”.

وأوضح بريش لـ “أفريقيا برس” أن مشكلة البطالة هيكلي يتطلب وقتاً للإصلاحات الاقتصادية الكبرى لتعطي ثمارها على المدى ثلاثة سنوات على الأقل، على أن تتجاوز نسبتها الحالية التي بلغت 11 بالمائة وطنياً.

استرجاع الأموال المنهوبة

اقتراح مخطط التسوية الودية لاسترجاع الأموال المنهوبة جاء في حقبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة المستقيل في الثالث من نيسان ابريل عام 2019.

وأوضح المخطط أن الحكومة “عازمة على مواصلة مكافحة الفساد والمحاباة والمحسوبية، لا سيما من خلال إصلاح قانون الوقاية من الفساد ومكافحته”، “سيتم تشديد العقوبات فيما يخص جرائم الفساد”.

وأضاف مخطط عمل الحكومة؛ “أنه سيتم تعزيز الجهاز الذي تم وضعه لتسيير الأملاك المحجوزة مع إدراج أحكام خاصة لتسيير الشركات محل المتابعات القضائية وهي شركات رجال أعمال مسجونين مقربين من بوتفليقة”.

وأشارت الوثيقة إلى أنه سيتم “اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة وهذا مع مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

كما ستراجع الحكومة قانون تنظيم الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، من أجل تفضيل التسوية الودية عبر الإجراءات الجزائية بهدف تعزيز القدرات المالية للبلاد.

وأجمع نواب وخبراء خلال حديثهم لـ “أفريقيا برس” على أن العبارة الواردة في مخطط عمل الحكومة حول استرجاع الأموال المنهوبة كانت غير واضحة ولا دقيقة رغم الأهمية التي يكتسيها الموضوع عند الجزائريين.

وقال النائب عن حزب حركة البناء الوطني في الجزائر المتحصل على 39 مقعد برلماني عبد القادر بريش؛ إنه يتنظر بدأ المناقشات في الجلسات المفتوحة بالمجلس الشعبي الوطني – الغرفة السفلى-  حول برنامج الحكومة –الإثنين المقبل 13 سبتمبر المقبل”من أجل مطالبة الوزير الأول الجزائري وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان بتوضيح العبارة.

وشدد بريش على ضرورة توضيح الآليات التي ستستخدمها الحكومة من أجل استرجاع من نهب من الجزائريين برقم يتجاوز 200 مليار دولار.

وحسب مفهوم أستاذ الاقتصاد في جامعة غرداية جنوب الجزائر سليمان  ناضر؛ فاسترجاع الأموال المنهوبة بطريقة ودية يعني أنه لا معنى لبقاء “الناهبين” في السجون لمدة 15 أو 20 سنة دون استرجاع الأموال التي تحتاجها الدولة الجزائرية، مضيفا أن العقوبة لن تسقط عن المجرمين بل سيتم تخفيفها.

الوضع المالي الصعب

ومن بين الأهداف التي حددتها الحكومة هي مكافحة السوق الموازية للعملة الصعبة وتأهيل الإطار الإشرافي لبنك الجزائر وفق المعايير والمقاييس الدولية وتعزيز إطار التسوية البنكية وإدارة الأزمات، بما في ذلك صندوق ضمان الودائع البنكية، وكذلك وضع إطار تنظيمي ينطبق على الأوراق المالية المنقولة.

ويتضمن مخطط عمل الحكومة أيضاً تعزيز نوعية المنظومة المعلوماتية لمركزية الأخطار من أجل تحديدٍ أمثل لهوية الزبائن ووضع إطار تنظيمي وإشرافي للمالية المصغرة ورأسمال المخاطر.

وتعتزم الحكومة إدخال بنكين عموميين إلى البورصة في إطار الإصلاحات الهيكلية للسوق المالية بهدف زيادة مساهمة البورصة في تعبئة الادخار وتمويل الاقتصاد، حيث تسعى لإعادة تنظيم البورصة على نحو يصب في اتجاه تعزيز حوكمة شركات السوق وعصرنة النظم التفاوضية والإشرافي لسوق البورصة.

ويرى عبد القادر بريش أن الجزائر لا تمر بوضع مالي صعب وأن الحكومة لها هامش من الناحية المالية يسمح لها بتنفيذ البرنامج على المدى المتوسط.

وأضاف بريش أن الموارد المالية متوفرة واحتياطي الصرف الذي رجحت الحكومة أن يكون حتى نهاية 2021 إلى 48 مليار دولار.

أما الموارد على مستوى الميزانية، أكد بريش أن الحكومة جاءت بتعزيز دور التوازنات المالية العامة والرفع من التحصيل الجبائي محاربته واحتواء السوق الموازية.

واعتبر بريش أن تفعيل هذه الإجراءات سيمكن الحكومة من تسيير البلاد بحكمة بما هو متاح من موارد مالية أمامها.

وتساءل سليمان ناضر عن مصدر الموارد المالية التي ستعتمد عليها الحكومة في تطبيق برنامجها ” الوردي” على حد وصفه في ظل تآكل احتياطي الصرف والميزانية فيها عجز كبير، ووسط رفضها اللجوء للاستدانة الخارجية وطبع النقود.

وأوضح ناضر أن الموارد المالية في الجزائر نوعين؛ هما موارد الجباية العادية والجباية البترولية، والتي أصابها تدهور كبير بسبب جائحة كورونا بعد أن وصل سعر النفط إلى 11 دولارا للبرميل.

ترقية الصادرات خارج المحروقات

يقترح مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، عدة آليات تشجع على مقاومة الاقتصاد الوطني للصدمات الخارجية من خلال سياسة تجارية تعتمد على تقليص الواردات وترقية الصادرات خارج المحروقات.

خصصت وثيقة مخطط عمل الحكومة فصلا كاملا للسياسة التجارية لصالح الصادرات خارج المحروقات، وأهم محاور الاصلاحات الاقتصادية المزمع تجسيدها المتمثلة في تثمين الإنتاج الوطني وترشيد الواردات وتعزيز قدرات التصدير وتطوير الاتفاقيات التجارية الخاصة بالتبادل الحر وتطهير المجال التجاري وتعزيز أداة الرقابة.

وبخصوص محور تثمين الإنتاج الوطني وترشيد الواردات، فستعمل الحكومة على وضع ترتيبات قانونية تلزم جميع المتعاملين الاقتصاديين باللجوء إلى السلع والخدمات المنتجة محليا في إطار طلبياتهم.

وفي هذا الصدد يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة غرداية جنوب الجزائر سليمان ناضر أن برنامج عمل الحكومة لا يحمل أي جديد إلا بعض النقاط الصغيرة، قائلا: ” تقريبا نفس البرامج التي رأيناها في عهد الوزيرين الأولين الأسبقين أحمد أويحي وعبد المالك سلال فيها الكثير من الكلام الإنشائي والحديث عن الحوكمة في إنعاش الاقتصاد وترقية الصادرات، وهي نفس الكلمات التي نسمعها في كل المخططات الحكومية”.

وأوضح ناضر أن أمين بن عبد الرحمان الوزير الأول وزير المالية الجزائري لم يأتِ بالجديد بل هو برنامج الرئيس تبون حسب ما أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي لم يحصل فيها أي حزب على الأغلبية الساحقة التي تأهله إلى وضع مخطط عمل الحكومة مثل ما ينص عليه الدستور الجزائري الجديد المستفتى عليه في نوفمبر 2020.

تفاصيل مخطط عمل الحكومة الجزائرية الجديدة باللغة العربية

تفاصيل مخطط عمل الحكومة الجزائرية الجديدة باللغة الفرنسية

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here