بقلم : فريدة شراد
أفريقيا برس – الجزائر. يعيش أكثر من ثمانية ملايين جزائري من مجموع السكان المقدّر بأكثر من 44 مليون نسمة في البلاد، في ظروف معيشية صعبة لا تصون كرامتهم، في مناطق فقيرة ضمن الأرياف وفي هوامش المدن الكبرى، وتنعدم فيها مقوّمات الحياة الأساسية كالسكن والمياه والكهرباء والمدارس.
أكثر 19 في المائة من سكان الجزائر يعيشون في فقر مستدام خصوصاً في المناطق النائية أو ما يصطلح عليه بـ”مناطق الظل” وهو ما جعل الرئيس تبون يجتمع مع ولاة الجمهورية لوضع آلية عمل تعيد الحياة إلى هذه المناطق.

تقریر صادم
فاجأ رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون ولاة الجمهورية “المحافظون” ببث تقرير صادم في 15 فيفري 2020 خلال اجتماعه نقل فيه الأوضاع المزرية التي يعيش فيها الجزائريون في مناطق الظل.
ونقل التقرير الذي أنجزه التلفزيون المحلي صورا صادمة عن الظروف المعيشية لبعض المناطق التي لا تزال بعد 59 سنة من الاستقلال من دون مياه، وما زال أبناء المنطقة يحصلون عليها بمبالغ مالية خيالية أو يتم استقدامها عبر ظهور الحمير.

كما جاء في المقطع المصور أن العديد من الأطفال لم يتمكنوا من مواصلة تعلميهم بسبب عدم توفر وسائل النقل خاصة الإناث منهم، أو أنهم مجبرون على السير لمسافات طويلة للوصول إلى مدارسهم.
ووصف وقتها تبون تلك الأوضاع بأنّها أشبه بأوضاع الجزائريين خلال الاستعمار الفرنسي، مشددا على أنّ تلك المشاهد لا تشرّف الجزائر بالمطلق.
وشكل عرض التقرير تصريحا بواقع مأساوي شكل نقطة تحول ومكاشفة حقيقية للحكومة وإدانة لأنظمة الحكم السابقة وسياسات التنمية المحلية.
أكثر من 13 ألف “منطقة ظل”

بلغ العدد الإجمالي لمناطق الظل في الجزائر إلى غاية نهاية جوان الماضي ما يربو على 13 ألف منطقة موزعة على 1375 بلدية، حسبما أفاد به وسيط الجمهورية، ابراهيم مراد.
وأكد ابراهيم مراد أن مناطق الظل تحتاج إلى 43198 مشروع بتكلفة مالية تتجاوز الـ 590 مليار دينار جزائري لتحسين الأوضاع ورفع مستوى التنمية المحلية في تلك المناطق.
وكشف وسيط الجمهورية، ابراهيم مراد أن المشاريع الممولة بلغت 24115 مشروعاً رصد له غلاف مالي يزيد عن 323 مليار دينار جزائري.
وفيما يخص وضع المشاريع المنجزة؛ هناك أكثر من 11 ألف مشروع تم استلامه وهو ما يمثل 46 في المائة من المشاريع الممولة.
كما تم تخصيص لهذه المشاريع المحققة ميدانيا أكثر من 123 مليار دينار جزائري استفاد منها ما يربو عن 4 ملايين نسمة موزعين على 6118 منطقة وذلك من إجمالي 7 ملايين ساكن عبر مناطق الظل.
في المقابل، هناك 4880 مشروع في طور الإنجاز و 7253 مشروع قيد الدراسة و في مرحلة إتمام الإجراءات الإدارية سيتم إطلاقها قريبا، حسب مراد
الصحة غائبة
أفاد وسيط الجمهورية أن مناطق الظل تسجل عبر التراب الجزائري نقصا ملحوظاً في مراكز الصحة العامة قدرت بـ 1126 مركزاً صحياً هي بحاجة إما إلى إعادة التهيئة أو إنجاز هياكل جديدة.
وأضاف مراد أنه تم التكفل لحد الآن بـ 613 مركزا صحيا بهدف توفير ضروريات العلاج للمواطنين مع الحرص على ترسيخ نظام عمل منتظم عن طريق توفير ممرض دائم في كل مركز وضمان مرور طبيب عام مرة أو مرتين في الأسبوع.
وأشار في هذا السياق إلى أن سكان مناطق الظل في الجزائر يشتكون من مشاكل صحية متكررة أبرزها وفيات الأمومة نتيجة مضاعفات ما بعد الولادة، ونقص التلقيحات المخصصة للأطفال والتسمم العقربي في ولايات الجنوب و الهضاب العليا.
480 مليار دينار لتهيئة مناطق الظل
كما أعلن وسيط الجمهورية، ابراهيم مراد و المستشار السابق لرئيس الجمهورية المكلف بمناطق الظل عن الانطلاق في ما يقارب 53 في المائة من المشاريع المسجلة لصالح مناطق الظل، مؤكدا أن تخصيص ميزانية لتلك المناطق بعنوان السنة المقبلة سيقدم دفعا قويا لمسار التنمية المحلية.
وخصصت الجزائر 480 مليار دينار كتكلفة كلية للمشاريع المسجلة في مناطق الظل المحصاة في الجزائر، وتوفير 188 مليار دينار لتغطية 12831 مشروع بقدر 39.22 في المائة بعنوان سنة 2020.
وقال مراد: “لقد تم انجاز أكثر من 6 آلاف مشروع، كما أن هنالك 3916 مشروع قيد الانجاز، و2887 مشروع سيوضع على سكة العمل قريباً، وهذا يعني أن أكثر من 53 في المائة من المشاريع الخاصة بالحاجيات الأساسية التي تم تسجيلها تم الشروع فيها أو على وشك الشروع”.
وأضاف مراد: “تم تشخيص مناطق الظل في كل ربوع الجزائر وتشخيص الحاجات الأساسية في كل منطقة، وقد تم تسجيل 15044 منطقة ظل، يقطن فيها 8 ملايين نسمة، وعلى مستوى الحاجات تم تسجيل 32700 مشروع يحتاج إلى التمويل.

دليبة عبد العزيز، المفتش المركزي بوزارة الداخلية والجماعات المحلية الجزائرية، أكد بدوره أن التكفل بالتنمية المحلية في مناطق الظل يتطلب تجنيد كل مصادر التمويل من الميزانيات المتاحة على المستويين المركزي والمحلي، بالإضافة إلى تجنيد الوسائل البشرية التي سترافق إنجاز هذه المشاريع، مشددا على ضرورة المراقبة الدائمة والميدانية لهذه المشاريع من طرف المصالح التقنية والمنتخبين المحليين من أجل ضمان النوعية للإنجاز وترشيد النفقات العمومية”.
وحسب وزارة الداخلية الجزائرية فالأسباب التي أدت إلى اتساع الرقعة الجغرافية لهذه المناطق، هي السياسات التنموية المتبعة سابقا والتي كان جل اهتمامها يرتكز على المراكز العمرانية والتي تحظى بالأولوية، بالإضافة إلى عدد من الممارسات غير المقبولة التي كانت تستنزف المال العامل على حساب المناطق المعزولة.
وأوضح دليبة عبد العزيز، أن الاستراتيجية المتخذة من قبل وزارة الداخلية لتوفير الضروريات لهذه المناطق وتنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية تبنت مقاربة تشاركية مع المجتمع المدني عبر ممثلي الأحياء والقرى في ترتيب الأولويات وتسجيل العمليات منذ البداية والذي تم عبر تطبيق معلوماتي تم تطويره من طرف الدائرة الوزارية وسمحت بإحصاء العجز بالاعتماد على 16 مؤشرا للتقييم.
وكشف دليبة أن الاستراتيجية المتخذة من قبل وزارة الداخلية الجزائرية لتوفير الضروريات لهذه المناطق ترتكز على عنصرين أساسيين؛ الأول يرتكز على تسجيل عمليات صغيرة لها أثر آني، أما العنصر الثاني يتمثل في تبني حلول ظرفية استباقية في انتظار استكمال المشاريع المنطلقة والتي تحتاج إلى آجال طويلة لتفعيلها.