هل تكفي تنحية محمد شرفي لتنقية انتخابات الرئاسة الجزائرية من الشوائب؟

14
هل تكفي تنحية محمد شرفي لتنقية انتخابات الرئاسة الجزائرية من الشوائب؟
هل تكفي تنحية محمد شرفي لتنقية انتخابات الرئاسة الجزائرية من الشوائب؟

أفريقيا برس – الجزائر. حقق قرار تنحية رئيس السلطة المستقلة للانتخابات جزءا من مطالب المرشحين والقوى السياسية المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لكنها لم تشفِ غليل بعض المطالبين بمعاقبة المتسببين في البيانات التي أصدرتها آنذاك السلطة المذكورة، خاصة فيما يتعلق بنسبة المشاركة وحصيلة كل مترشح، مما جعلها تطالب بفتح تحقيق ومعاقبة من وصفتهم بالمقصرين والمتلاعبين، وهو ما كان قد وعد به الرئيس تبون، ولم تظهر نتائجه لحد الآن.

برر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، قرار إقالة رئيس السلطة المستقلة للانتخابات محمد شرفي، الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، بـ”الظروف الصحية”، و”طلب المعني بالأمر”، غير أن ملامح تسوية ملف الانتخابات الرئاسية تبدو واضحة في مسعى السلطة، لطي صفحة الجدل الذي لاحق الاستحقاق الرئاسي.

ورأى متابعون للشأن الجزائري، بأن قرار التنحية لا يعدو الا مجرد تقديم كبش فداء، من أجل إسكات الأصوات المشككة في شرعية الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن تضارب البيانات بين السلطة المستقلة والمحكمة الدستورية لم يتم احتواؤه بسبب الفوارق الشاسعة بين أرقام السلطة المستقلة والمحكمة الدستورية.

وكان مرشحو الاستحقاق الرئاسي المنتظم في السابع من شهر سبتمبر الماضي، قد أجمعوا على رمي كل ثقلهم على السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، وحملوها مسؤولية الأحكام السلبية التي أعقبت النتائج المعلن عنها آنذاك، خاصة فيما يتعلق بنسبة المشاركة والنتائج التي تحصل عليها المتنافسون، سواء بالنسبة للرئيس الفائز أو للمرشحين المنهزمين يوسف أوشيش وعبدالعالي حساني.

وفي سابقة أولى في تاريخ الانتخابات بالجزائر والمنطقة، بادر المرشح الفائز عبدالمجيد تبون، الى توقيع بيان بمعية مرشحي جبهة القوى الاشتراكية وحركة مجتمع السلم، تم التنديد فيه بأداء السلطة المستقلة للانتخابات واتهموها بالتلاعب بأرقام الاستحقاق، ودعوا الى فتح تحقيق ومعاقبة المتسببين فيما وصفوه بـ “النتائج غير الحقيقية”.

ويرى القيادي في حركة مجتمع السلم عبدالكريم دحمان، بأن “قرار التنحية كان منتظرا، وجاء تلبية لمطالب مرشحي الانتخابات الرئاسية، بمن فيهم المرشح الفائز عبدالمجيد تبون، لأن البيان الموقع في أعقاب الانتخابات كان واضحا وصريحا، لكنه يبقى غير كاف لأن الهيئة في حد ذاتها تتطلب مراجعة شاملة في الشكل والمضمون، لأن أداءها كان ضعيفا خلال الاستحقاق رغم الإمكانيات المادية والبشرية واللوجيستية التي سخرت لها”.

وأضاف في تصريح، لـ”أفريقيا برس”، بأن “الأرقام المعلن عنها من طرف السلطة شكلت نكسة للاستحقاق الرئاسي، ولم تترجم حجم التعبئة الشعبية ولا الوعاء الانتخابي الحقيقي لكل مرشح، الأمر الذي فسح المجال أمام المعارضين والرافضين للتشكيك والطعن في الاستحقاق وفي شرعية الانتخابات”.

وألمح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في أول ظهور إعلامي في الولاية الرئاسية الثانية، الى وجود إرادة دفعت إلى إضفاء الشكوك في الانتخابات، ووعد بفتح تحقيق في ظروف وملابسات أداء السلطة وفي خلفيات النتائج والنسب التي أعلنت عنها، لكنه لم يكشف عن الجهة التي تولت التحقيق ولم يُكشف لحد الآن عن نتائج التحقيق المذكور.

وفي نفس الاتجاه ذهب القيادي في جبهة القوى الاشتراكية شباطي رشيد، في تصريحه لـ”أفريقيا برس”، حيث شدد على ضرورة فتح تحقيق معمق في الخلفيات الحقيقية للنتائج والنسب المعلن عنها من طرف السلطة المستقلة للانتخابات، وأسباب تجاهل العديد من المحاضر التي تأخذ ضمن الاحصائيات المعلن عنها.

وأكد على أن “قرار تنحية محمد شرفي، تم تبريره بالوضع الصحي والرغبة الشخصية، وذلك لا يستجيب لمطالب المرشحين، الذين أجمعوا على ضرورة فتح تحقيق واحالة ملف المتورطين على القضاء، ليكونوا عبرة في المستقبل لمن يتلاعب بالانتخابات التي تمثل فرصة للتعبير والتغيير الحضاري”.

ومنذ موجة الانتقادات التي طالت عمل هيئته، لم يظهر محمد شرفي الا نادرا في بعض اللقاءات الرسمية، كما لم يدل بأي تصريح أو تعليق حول ظروف العمل أو طبيعة النتائج المعلن عنها، رغم الحاح معارضين وشخصيات مستقلة على ضرورة تمكين الرجل من الادلاء برأيه وموقفه، خاصة وأن ما اعتبر تلاعبا بالانتخابات من طرف السلطة المستقلة، غطت عليه بيانات المحكمة الدستورية بفوارق شاسعة وصلت الى ملايين الأصوات، الأمر الذي اعتبر من طرف هؤلاء تلاعبا مضاعفا.

وأعاد قرار تنحية رئيس سلطة الانتخابات الحديث مجددا عن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الجزائر، رغم نية السلطة بذلك في طي الملف نهائيا وتقديم كبش فداء لاسكات شركائها في المشهد السياسي، خاصة وأن التنحية ستعقبها تنحيات أخرى في المناصب القيادية للسلطة، مما سيفرغها من تركيبتها البشرية ويفتح المجال أمام مراجعة عميقة في شكلها ومحتواها.

وتحمل السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات شرعية دستورية، شأنها في ذلك شأن المحكمة الدستورية، لكنه جرى التعامل معها بعد الانتخابات الرئاسية المذكورة كهيئة فاشلة، وقد ظهرت الى الساحة منذ حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، لكنها عرفت عدة تحويرات، عكس المحكمة الدستورية التي كانت تدعى المجلس الدستوري.

وأقرت الهيئة نتائج ليست بعيدة عن النتائج المسجلة في انتخابات العام 2019، حيث لم يتعد سقف المصوتين حاجز الستة ملايين مصوت، وحوالي مليوني صوت ملغى، ونتائج هزيلة لمرشحي المعارضة لم يحصل فيها يوسف أوشيش وحساني شريف الا على 120 ألف و140 ألف صوت، فضلا عن رفع نسبة المشاركة من 26 الى 38 بالمائة في ظرف ساعتين فقط، وإعلان الفائز بأكثر من 90 بالمائة، الأمر الذي اعتبرته السلطة ومعها الشركاء السياسيين إهانة للاستحقاق، خاصة وأنه يعزز ما وصف بـ”الحراك الصامت”.

غير أن تضخيم النتائج من طرف المحكمة الدستورية، أدى مفعولا عكسيا على صدقية الانتخابات، بعدما تم رفع عدد المصوتين الى 11 مليون مصوت، وتحقيق المرشحين المنهزمين لوعائين انتخابيين لم يحققاه حتى في ذروة قوة جبهة القوى الاشتراكية وحركة مجتمع السلم، الذين لم يسبق لهما بلوغ سقف الـ600 ألف صوت للأولى، وحوالي مليون صوت للثانية منذ بداية مشاركتهما في الانتخابات التعددية بالجزائر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here