وفاة سجين تهز الجزائر وتفتح ملف الوضع داخل المؤسسات العقابية

26
وفاة سجين تهز الجزائر وتفتح ملف الوضع داخل المؤسسات العقابية
وفاة سجين تهز الجزائر وتفتح ملف الوضع داخل المؤسسات العقابية

فريدة شراد

أفريقيا برس – الجزائر. اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر على خلفية وفاة الناشط في الحراك الشعبي حكيم دبازي، الأحد الماضي، بعد شهرين من تواجده في سجن القليعة غربي العاصمة الجزائرية، بسبب منشورات له على موقع فيسبوك، وسط تجدد القلق على حقوق الإنسان وتكتم من السلطات القضائية وعدم تقديم أي توضيحات أو ملابسات تخص الوفاة داخل السجن. وأوضح عضو هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي، طارق مراح أن دبازي اعتقل في 22 فيفري الماضي، واحتُجز في سجن القليعة بولاية تيبازة غربي العاصمة الجزائرية، لمتابعته بتهم تتعلق بمنشورات كيفها القضاء على أنها تتضمن المساس بالوحدة الوطنية.

المطالبة بالتحقيق

طالبت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بفتح تحقيق مستعجل في وفاة “معتقل الرأي” حكيم دبازي داخل سجن، وأوضحت الرابطة في بيان لها تطالب فيه السلطات العمومية بإبلاغ الرأي العام الوطني عن ظروف وملابسات الوفاة، وتدعو لفتح تحقيق في القضية على ضوء ما تحدث به محامو المعتقل. وحسب المصدر ذاته فالمحامون سبق لهم تقديم طلب بالإفراج عن المعتقل لأسباب صحية، لكن الجهات القضائية رفضت ذلك.

ونعى الناشط السياسي والمختص في الاقتصاد إسماعيل لالماس الناشط حكيم دبازي، مؤكدا أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. وفي منشور على حسابه عل فيسبوك، أوضح لالماس أن “وفاة حكيم دبازي تعكس معاناة آلاف المحبوسين في السجون الجزائرية، ممن وقعوا ضحية السجن المؤقت، الذي تحوّل حسبه من إجراء استثنائي يُلجأ إليه في الحالات الخطيرة فقط، إلى قاعدة تتبناها السلطة القضائية أثناء متابعة المتهمين. وطالب لالماس بالإفراج عن كل معتقلي الرأي وبالحقيقة والعدل في قضية وفاة المغفور له حكيم دبازي”.

السلطة هي المسؤولة

حمل الصحفي عثمان لحياني السلطات الجزائرية مسؤولية وفاة السجين، قائلا “من الظلم أن يموت معتقل رأي في السجن لمجرد التعبير عن موقف ورأي، أيا كانت الأسباب والظروف، فإن المسؤولية تقع على عاتق السلطة والقضاء الذي يستخدم الحبس المؤقت قاعدة في محاكمات الرأي، هذا قهر سياسي وقهقرة تجدد مواجع حالات سابقة مماثلة، رحم الله الناشط حكيم دبازي ..ثمة عدالة في السماء”.

ومن جهته الصحفي جعفر خلوفي في وكالة سبوتنيك كتب على حسابه على موقع فيسبوك: “ساعات بعد دفن حكيم دبازي رحمة الله عليه، نطق مجلس قضاء الجزائر العاصمة اليوم؛ ببراءة مجموعة كبيرة من النشطاء، العديد منهم قضوا أكثر من ثمانية أشهر في الحبس المؤقت، وبعد ادانتهم في المحكمة الابتدائية”، وأضاف خلوفي: “أتت البراءة في جلسة الاستئناف، وضاع قرابة عام من حياتهم في حبس مؤقت تحول من إجراء لا يجوز الأمر به إلا عند عدم كفاية الرقابة القضائية في ضمان مثول المتهم أمام القضاء، إلى قاعدة شبه دائمة، نعم الأعمار بيد الله.. لكن منشورات المرحوم وتأثيره المنعدم لا تستحق أي متابعة فما بالك بحبس احتياطي لأشهر طويلة.. رحم الله الفقيد والصبر لعائلته، والحرية لباقي المعتقلين من نعرف ومن لا نعرف.. كفانا مآسي مجانية”.

وعبر الناشط السياسي والمعتقل السابق فضيل بوماله صدمته من خبر وفاة معتقل الرأي حكيم دبازي كونه مات معتقلا مسلوب الحرية، قائلا: “صدمت لما بلغني في ساعة متأخرة ليلة أمس خبر وفاة المغفور له بإذن الله حكيم دبازي بسجن القليعة، صدمت لأن الفقيد، عليه الرحمة والرضوان، مات معتقلا مسلوب الحرية. ولذلك أسأل الله أن ينزله منزلة الشهداء”. وأضاف بوماله قائلا: “حكيم دبازي مات معتقلا مريضا وشخصيا، رغم اجتهادي اليومي الدؤوب، في متابعة وتوثيق اعتقالات النشطاء وحبسهم ومحاكماتهم على المستوى الوطني، لم أسمع ولم أقرأ ولم أخطر من أي كان عن اعتقاله رحمه الله أو عن تواجده بسجن القليعة”. ووصل في المنشور ذاته “كم أحزنني ذلك ولو أنني، يشهد الله، من بين أشد الناس حرصا على المظلومين عموما ومعتقلات ومعتقلي الرأي خصوصا. ما عدا حسابه الذي لم اكتشفه إلا بعد الخبر الصاعقة،  والذي يقدم لنا صورة واضحة عن ناشط وطني حر صاحب موقف ومنخرط سلميا في روح ثورة الشعب البيضاء مسكون بحلم التغيير منفتح على جميع الأفكار و الاتجاهات، لم أجد أثرا، فيما تمكنت من البحث فيه على عجل، لاعتقاله و تقديمه و إيداعه الحبس المؤقت. و مهما كانت الأسباب التي أخفت عنا هذه الحالة المأساوية أخرى إلا أنني أعتذر لروحه الطاهرة واعتبر نفسي مقصرا و لو عن جهل أو حسن نية. فلا حول و لا قوة إلا بالله”.

الانفراج والتعقيد

بين الانفراج النسبي في قضية السجناء السياسيين في الجزائر وتعقدها تتراوح القضية، ففي بداية الشهر الجاري أفرج القضاء الجزائري عن 51 ناشطا في الحراك الشعبي يومي 30 و31 مارس 2022 وذلك بشكل مؤقت في انتظار محاكمتهم على التهم الموجهة لهم. وتعد هذه المرّة الرابعة التي يتم فيها الإفراج عن عدد من معتقلي الرأي منذ بداية الحراك الشعبي في الجزائر يوم 22 فيفري 2019، وفيما يشيد البعض بهذه المبادرة يرى البعض الآخر أنها تبقى رمزية في ظل بقاء المعتقلين في السجون.

ونشرت اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الرأي عبر صفحتها على الفيسبوك أسماء 51 شخصا على علاقة بالحراك الشعبي تم الإفراج عنهم من بينهم النشطاء زكي حناش وإبراهيم لعلامي وحسام الدين بلغيث والصحافي عبد الكريم زغيلش والمهندس الجزائري – الكندي لزهر زوايمية. وغالبية التهم الموجه لمعتقلي الحراك تتعلق بمنشورات على الفيسبوك ومن أبرزها “نشر معلومات كاذبة” و”الإشادة بالإرهاب” كما هو الحال في حق الناشط زكي حناش المعروف بمتابعته لقضايا المعتقلين والذي أوقف في 18 فيفري الماضي. كذلك بالنسبة للناشط إبراهيم لعلامي الذي يعتبر من أوائل من تظاهروا في الحراك احتجاجا على ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وقد حُكم عليه بالسجن عامين بتهم نشر “خطاب الكراهية” و”إهانة هيئة نظامية” و”نشر أخبار كاذبة” و”التحريض على التجمهر غير المسلّح”. لكن الهدنة لم تدم طويلا حيث عادت السلطة اعتقال الناشطين، خلال مشاركتهم في إحياء ذكرى “الربيع الأمازيغي” يوم 20 أفريل كما اعتُقل 4 ناشطين آخرين في عدة مناطق أخرى، منهم الناشط أسامة تقار، الذي تعرض بيته وحاسوبه الشخصي للتفتيش. كما عاد القضاء الجزائري لمقاضاة الصحافي عبد الكريم زغليش، وهو عضو في حزب الاتحاد من أجل التغيير والترقي في 27 أفريل الجاري، في قضية تخص المساس بالوحدة الوطنية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here