أوراق نقدية مزوّرة تتداول بعنابة

19

كشفت «آخر ساعة» من مصادر أمنية وإدارية متعددة عن تداول أوراق نقدية مزيّفة وسط مدينة عنابة مما يرجّح وجود شبكة إجرامية مختصة في تزوير العملة الوطنية تنشط حاليا بمدينة عنابة أو الولايات المجاورة.

هذا وقد قطعت مصادرنا الشكّ باليقين حين كشف لنا مجموعة من عمال البنوك العمومية والخاصة إضافة إلى موظفين بمصلحة الضرائب ممن التقت بهم «آخر ساعة» للإستفسار أكثر حول القضية الخطيرة التي تشهدها مدينة عنابة ليشير هؤلاء إلى استقبالهم خلال الآونة الأخيرة جملة من المواطنين كانوا بصدد دفع أو إرسال مبالغ مالية مختلفة قبل أن يكشف جهاز الإيداع الآلي المصرفي بأنها تحوي أوراقا نقدية مزوّرة ذات فئة 1000 و2000 دينار جزائري، كاشفين من جهتهم بأنهم قد أعلموا الأجهزة الأمنية التي فتحت بدورها تحقيقات معمّقة حول الموضوع خلال أوقاتا سابقة مما أسفر عن تسجيل عدد كبير من المواطنين الذين راحوا ضحية إحتيال عن طريق قبضهم أوراقا نقدية مزيّفة خاصة وأنهم أوردوا خلال شكاويهم وبلاغاتهم التي قدّموها لعناصر الشرطة بأنهم يجهلون مصادرها مما أجبر المصالح الأمنية على مباشرة التحريات اللازمة أين تعمل وحدات الشرطة على تقفّي أثر من يقف وراء ترويج العملة المزيفة وسط الأسواق من أجل الوصول إليه والإطاحة به لمنع حدوث مزيدا من التجاوزات، فيما رجّحت مصادر أمنية لـ»آخر ساعة» وجود شبكة إجرامية مختصة في مجال تزوير العملة الوطنية تنشط حاليا بمدينة عنابة أو بالولايات المجاورة لها، هذا ومن جهة ثانية فقد عبر لنا البعض من عمال البنوك الذين اقتربنا منهم بغرض معرفة معلومات أكثر حول الموضوع، عن الصعوبات البالغة التي تواجههم في مجال مراقبة العملة المزورة والكشف عن الأوراق النقدية المزيفة التي تكون دقيقة لدرجة كبيرة في طريقة تزويرها، كما ربط محدثونا استفحال ظاهرة تزييف الأوراق النقدية باتساع رقعة استعمال الوسائل التقنية والرقمية كالإعلام الآلي وأجهزة النسخ «السكانير» ومختلف الأجهزة المستعملة في التزوير التي زادت بشكل مباشر في تطوير العمليات التي تقوم بها شبكات إجرامية مختصة لدرجة أن صار كشفها والتعرف عليها بالعين المجردة شيئا شبه مستحيلا، مما يرغمهم على الإستعانة في جميع الأحيان بآلات الحساب التي تتوفر عليها البنوك من أجل المساعدة في معرفة ما إن كانت النقود تحوي أوراقا مزورة أم لا، ليضيف هؤلاء بأن الهاجس يواصل توغله داخل مختلف المؤسسات غير المتوفرة على آلات مراقبة تعمل بالأشعة تحت البنفسجية التي تعدّ الوحيدة القادرة على كشف العملة المزورة بطريقة لا يرقى لها الشك.

وأوضحت مصادر «آخر ساعة» بأن قضية تزوير الأوراق التقدية وتداولها بأسواق عنابة يتم عبر اتخاذ طرق استثنائية يقوم من خلالها أفراد عصابات التزوير بتمرير الأوراق المزيفة من دون الوقوع في قبضة السلطات الأمنية ودون ترك أي أثر أو دليل يثبث تورطهم في القضية، واستنادا لمصادرنا فقد تستغل شبكات تزور الأوراق النقدية مختلف المناسبات التي يكثر فيها البيع والشراء على غرار الدخول الإجتماعي وشهر رمضان إضافة إلى الأعياد وغيرها من المناسبات المساهمة في جعل الأسواق تعجّ بالزبائن والمواطنين، وهي الفرصة التي ينتهزها أفراد تلك الجماعات من أجل طرح الأوراق المزورة للتداول مستهدفين بدورهم الأسواق غير القارة والفضاءات المستقطبة لكافة أنواع التجارة العشوائية إضافة إلى الأسواق الخاصة ببيع المواشي وغيرها حيث يسهّل الأمر على المروجين بتداول وتمرير الأوراق المزورة دون أن ينتبه إليها التجار نسبة لانشغالهم بعمليات البيع والحديث مع الزبائن لا غير، هذا وقد كشفت مصادر أمنية بأن جماعات التزوير قد تفطنت مؤخرا لمختلف الوسائل التي من شأنها أن تجعلهم يقعون في قبضة الأجهزة الأمنية، حيث صاروا يتجنبون المحلات والمراكز التجارية المزوّدة بكاميرات المراقبة لعدم كشف هويتهم وباتوا يقصدون أسواق السيارات المستعملة وأسواق بيع المواشي والخضر والفواكه إضافة إلى مواد البناء وغيرها من الفضاءات التي يحتالون فيها على التجار والمواطنين دون فضح أمرهم.

كماأبدى العديد من المواطنين تخوفهم الشديد من استفحال ظاهرة التزوير ومن تداول أوراق نقدية مزيفة وسط مدينة عنابة، هذا وقد كشف هؤلاء المواطنون خاصة منهم التجار بالدرجة الأولى بأنهم كثيرا ما يتعرضون للإحتيال عن طريق تلقيهم أوراقا نقدية مزورة يجهلون كيفية وقوعها بين أيديهم نظرا لكثرة الزبائن الذين يتعاملون معهم يوميا والفائقة أعدادهم المئات من الأشخاص يوميا، هذا وقد تكلم هؤلاء التجار والمواطنون بكل صراحة حين أكدوا بأنهم يقومون بتمزيق تلك الأوراق النقدية بعد أن يتبيّنوا حقيقة عدم أصحيّتها فيما كشف أصحاب المحلات بأنهم يفضلون حرقها لعدم وقوعها بين أياد غير آمنة، كل ذلك من أجل تجنّب تبليغ الأجهزة الأمنية وتفاديا لـ «التورط « في المتابعات القضائية ـ حسبهم ـ في الوقت الذي تكون فيه وراء تلك الأوراق مهما كانت قيمتها عصابات أو شبكات متخصصة في ترويجها تهدد من خلالها النشاط الذي تقوم به التبادلات التجارية، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة عمل وحدات الشرطة ويجعل مهمّتهم في الإطاحة بالمزوّرين تأخذ فترات طويلة.

على الرغم من تشديد المصالح الأمنية للخناق على عمل الجماعات الإجرامية التي تمتهن تزوير الأوراق النقدية من العملة الوطنية إلا أن تداول الأوراق المزيفة مؤخرا يعكس وجود شبكات أخرى لا تزال تعمل طليقة داخل ولاية عنابة أو بالولايات المجاورة لها دون الإطاحة بها من طرف الأجهزة الأمنية، ولعل آخر قضايا التزوير المعالجة بعنابة تعود إلى أسابيع قليلة حين أوقفت مصالح الدرك الوطني 3 أشخاص بتهمة توزيع أوراق نقدية مزورة بعد أن تم إلقاء القبض عليهم بسوق الماشية المتواجد على مستوى قرية عين أعلام، ويتعلق الأمر بـ 3 أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 25 و40 سنة، كانوا بصدد طرح مبلغ 84000 دج مزورا من أوراق ذات فئة 1000 و2000 دج مقابل شراء خروفين، علما وأن غباء هؤلاء هو ما أدى بهم إلى الوقوع بين أيدي رجال الدرك الوطني، حيث ورغم تفطن التاجر لهم ومطالبتهم بالإنصراف دون مشاكل إلا أنهم أصروا على أخذ الخروفين باستعمال القوة ليشتد بعدها الخلاف وآل إلى تدخل عناصر الدرك الوطني الذين كانوا يتواجدون على بعد أمتار قليلة من سوق الماشية، أين قاموا بحجز النقود المزورة و توقيف المتهمين الذين قدموا إلى الجهات القضائية لمتابعتهم بالتهم المنسوبة إليهم، وهو الحال بالنسبة لعدة جماعات ممن يمتهن أفرادها التزوير حيث عالجت عناصر الشرطة والدرك مؤخرا العديد من القضايا المماثلة في وقت لا تزال فيه عصابات أخرى تعانق الحرية وتعمل دون تمكن المصالح المختصة في تفكيكها وإلقاء القبض على المتورطين.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here