“الريفيون” بطابع تقليدي جزائري لاستقطاب الأجانب

“الريفيون” بطابع تقليدي جزائري لاستقطاب الأجانب
“الريفيون” بطابع تقليدي جزائري لاستقطاب الأجانب

أفريقيا برس – الجزائر. بدأ العد التنازلي لاحتفالات نهاية السنة، وانطلق سباق الفنادق الجزائرية المحموم لكسب زبائن “ليلة الريفيون”، فشجرة “الكريسماس” المزينة بالأضواء والمحاطة بعلب الهدايا والشرائط الملونة، تربعت في زاوية بقاعة الاستقبال لهذه الفنادق منذ أيام، في حين تحولت القاعات الكبرى والردهات الفسيحة إلى ورشات عمل مفتوحة، تختلط فيها الأضواء الملونة بروائح الدهانات ولمسات الزينة الأخيرة، في مشهد يعكس استعدادا مكثفا لاستقبال واحدة من أكثر ليالي السنة حيوية.

وفي جولة عبر عدد من الفنادق بالعاصمة، لفتت انتباهنا شجرة “الريفيون”، التي تعتبر عنصرا أساسيا في الديكور، مزينة بكرات لامعة وأشرطة ذهبية وأضواء متراقصة، ورغم بساطة هذا الرمز، إلا أنه ظل يحافظ على مكانته، متحديا سيل العروض المقلدة أو المستنسخة التي تتشابه في الشكل والمضمون من فندق إلى آخر، لكن ثمة ما يختلف عن السنوات القليلة الماضية، إذ تتجه أغلب الفنادق والمطاعم والأماكن السياحية إلى عروض الألبسة التقليدية والديكورات المحلية التي أضحت تهيمن على تحضيرات “الريفيون”.

في بهو فنادق بالعاصمة كـ”الأوراسي” و”الشيراتون”، و”الماركير” بباب الزوار، وفندق “الجزائر” و”السوفيتال”، تفرض الديكورات ذات الخصوصية الجزائرية حضورها بقوة، نقوش مستلهمة من العمارة العثمانية، فوانيس تقليدية، سجاد يدوي، وألوان دافئة تحاكي أجواء البيوت العتيقة، وإن جعلتها بعض الفنادق في زاوية محاذية، فإن اغلبها خصصت لها مكانا مقابلا في قاعة الاستقبال، فهذا المزج بين الحداثة والفلكلور منح الفضاءات الفندقية روحا مختلفة، أعادت الاعتبار للرموز المحلية في ليلة طالما ارتبطت بالزينة المستوردة.

“ريفيون” بلمسة جزائرية.. عندما تلتقي الفخامة بالتراث

بعض العاملين في فندق “الأوراسي” و”الشيراتون” و”الماركير” و”الماريوت” بباب الزوار بالعاصمة، أكدوا أن التحضيرات انطلقت قبل أسابيع، حيث تم وضع برنامج سهرة متكامل يشمل العشاء، الفقرات الموسيقية، وفقرات فنية مستوحاة من الفلكلور المحلي أو الموسيقى العالمية، لكن الملاحظ هذا العام، هو اختيار العديد من الفنادق أن يظهر طاقمها، بل وحتى منشطو السهرات، بـأزياء تقليدية كـ”الكاراكو” العاصمي، “القفطان” التلمساني، الجبة القبائلية والملحفة الشاوية، في مشهد سيلقى أكيد استحسان الزبائن، خاصة العائلات التي تبحث عن أجواء احتفالية تحترم الخصوصية الثقافية.

وفي هذا السياق، أكد عبد الوهاب بولفخاد رئيس الفدرالية الوطنية للفندقة والسياحة، وصاحب فندق بقسنطينة، أن هذا التوجه نحو هيمنة الخصوصية، ليس وليد الصدفة، بل جاء استجابة لطلب متزايد من الزبائن الراغبين في قضاء سهرة رأس سنة “بنكهة جزائرية”، تجمع بين الترفيه والاعتزاز بالتراث، وقال إن الاحتفال لا يعني التخلي عن هويتنا، بل يمكن أن يكون فرصة لإبرازها بشكل راقٍ.

وأشار بولفخاد، إلى أن السنوات الماضية عرفت تشابها في العروض، حيث كانت قوائم الطعام متقاربة، فقرات غنائية مكررة، وديكورات لا تخرج كثيرا عن القالب التقليدي، ما جعل شجرة الريفيون رغم رمزيتها البسيطة تتفوق في جذب الأنظار بوصفها اللمسة الأكثر صدقا وتميزا.

ومن جانبه، قال جمال نسيب، رئيس الفدرالية الجزائرية الفندقة والإطعام، وصاحب مجمع “نسيب للسياحة”، إن الكثير من الزبائن أصبحوا اليوم يعبرون عن رغبتهم في رؤية “روح جديدة” في الفنادق، والسهرات الخاصة بنهاية رأس السنة، التي تتجاوز التقليد نحو الابتكار، سواء بإبراز المطبخ الجزائري بأسلوب عصري، أو تقديم عروض فنية تحكي قصصا محلية، ويرى أن الزبون بات يحتج عن دفع الأسعار المرتفعة في بعض الفنادق، لكنه يصطدم بنفس البرنامج كل سنة تقريبا، وباختلاف طفيف في الزينة.

وأوضح نسيب قائلا: “نحن نعمل دائما على مساعدة الفنادق وخاصة المطاعم، لإعطاء صورة جميلة للجزائر خاصة من خلال الأطباق التقليدية والديكور الذي يحمل لمسة التراث والخصوصية المحلية”، وبحسب ذات المتحدث، فإن حفلات “الريفيون” وإن كانت مطلوبة أكثر من طرف الأجانب الذين يأتون للسياحة في بلادنا أو الذين يعملون هنا، هو فرصة سانحة للترويج لفكرة التقليدي والخاص بالجزائر، حتى ولو تعلق الأمر بمثل هذه الحفلات التي لا تغيب فيها شجرة “الريفيون”.

وأكد محدثنا أن الحديث عن تصنيف المطاعم سواء الخاصة أم التقليدية، هو التفكير في رفع جودة الخدمات والتنوع في الأطباق التقليدية والتميز في الحفلات للعمل على رفع مستوى السياحة الداخلية، وجذب الأجانب إلى كل ما هو جزائري وإلى اكتشاف مناطق سياحية كبيرة سواء في الشمال أو الجنوب.

الرهان على التميز لا التقليد

وبحسب الجولة الاستطلاعية عبر بعض فنادق العاصمة مع اقتراب حفلات رأس السنة الميلادية، فإن بعض المشرفين على إدارة مثل هذه الحفلات، أرجعوا التشابه السابق في سهرات “الريفيون” بأغلب الفنادق الجزائرية خاصة ذات الأربع أو الخمس نجوم، إلى السعي لتلبية “الذوق العام”، وضمان نجاح السهرة دون مغامرة قد لا تلقى استحسان الجميع، إذ اعترف بعضهم بأن الرهان الحقيقي في السنوات القادمة سيكون على التميز لا التقليد، وأن اللمسة الجزائرية والمحلية ستكون مهيمنة مهما كانت طبيعة هذه الحفلات.

وهكذا، وبين أضواء شجرة الريفيون وبريق النحاس والحلي الجزائري، وتنوع الألبسة وخصوصية الديكور الجذاب، ستصبح فنادق الجزائر أمام مهمة كسر النمط بابتكار يجعل ليلة رأس السنة تجربة لا تنسى، لا مجرد سهرة أخرى في رزنامة الاحتفالات، بل فرصة فريدة تستقطب الأجانب وتعرفهم بما يميز بلادنا من تاريخ غني بالتراث والتقاليد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here