أفريقيا برس – الجزائر. تحولت مُعظم جدران مدن ولاية تيارت بين ليلة وضحاها، إلى لوحات فنية رائعة امتزجت بين الجمال ورسائل تفنّن مبدعيها في إيصالها للمواطنين، فمن لوحات فنية تبرز بما تزخر به ولاية تيارت من تراث مادي ولا مادي، إلى لوحات فنية تُبرز الطبيعة الخلابة التي تزخر بها ولاية تيارت، مثل شلالات سيدي واضح وغيرها، حيث شارك في هذه الملحمة العديد من الفنانين، على غرار الفنان أغوليش والفنان يوسف مبرك والفنان مراد شامخ وغيرهم.
الهدف من هذه الرسومات هو إعطاء المظهر الجمالي لمدينة تيارت، بعدما كانت هذه الأخيرة تشوه المنظر العام، ليتقرر وبفكرة أولية من الفنان مداني أحمد رفقة الفنان بن يمينة عبد الإله لتغيير هذا التشوه البصري إلى لوحات فنية رائعة تستريح لها عين الزائر وتعطي انطباعا حسناً لسكان المدينة، حملة تزيين الجدران لم تقتصر فقط على الفنانين بل تعدت إلى قيام المواطنين بحملات تزيينية طالت مساكنهم بطلائها بألوان متنوعة، توسعت إلى مختلف بلديات الولاية مثلما هي الحال في بلدية تخمارت وبلدية عين بوشقيف وبلدية مهدية وغيرها من بلديات الولاية.
مداني أحمد فنان عصامي أبدع بجداريات متنوعة
أبدع الفنان العصامي أحمد مداني بلوحات فنية رائعة، تنوعت ما بين لوحات تُبرز المؤهلات السياحية التي تزخر بها ولاية تيارت، إلى لوحات تبرز العادات والتقاليد لسكان الولاية، مثل رسومات الخيمة التي تنصب في الأفراح ورسومات تحاكي الطبيعة الخلابة التي تزخر بها ولاية تيارت، مؤكدا أن عمله هذا ما هو إلا عمل تطوعي لا غير، من أجل تزيين جدران أغلب المؤسسات التربوية منها والإدارية، داعيا من المواطنين إلى الانخراط بهذا العمل التطوعي الذي من شأنه أن يغير وجه وشكل مدن الولاية، داعيا أيضا للحفاظ على هذا المكسب والمساهمة في نظافة المحيط من رفع للنفايات المنزلية والهامدة، ولكل شخص مهمة في الحي الذي يقطن فيه، خاصة وأن ولاية تيارت أصبحت اليوم من بين الولايات التي يُضرب بها المثل في عدد من ولايات الوطن.
أحمد مداني دعا السلطات الولائية إلى دعم الفنانين ومرافقتهم في هذا العمل لإبراز الوجه الجمالي لمدينة تيارت وتثمينه، خاصة وأن ولاية تيارت مقبلة خلال الأيام القادمة على مهرجان الفرس الذي جُمد لسنوات عديدة، إذ سيكون قبلة للشعب الجزائري في الأيام القليلة القادمة.
سكان حي زعرورة بمدينة تيارت قاموا بتكريم الفنان أحمد مداني، معبرين عن اعتزازهم وافتخارهم به، فهو الذي أعطى الحياة للحي من جديد بعدما كان يغرق في الأوساخ، ما دفع بسكان الحي إلى إطلاق عمليات تنظيف وتشجير طالت المساحات الخضراء وحواف الطرقات بشوارع الحي، فيما تم طلاء حواف الأرصفة لتعطي المنظر الجمالي الحي لشوارعهم، وهي المبادرة التي استحسنها جميع سكان حي زعرورة وساهموا فيه ماديا ومعنويا ليصبح مثال حي لباقي أحياء الولاية.
بن يمينة عبد الإله صاحب أول جدارية بمدينة تيارت
يُعتبر الفنان عبد الإله بن يمينة واحدا من بين الفنانين التشكيليين العصاميين بولاية تيارت، فقد تخرج على يديه العديد من الفنانين، حيث بدأ مسيرته الفنية بالجزائر العاصمة بعد تلقيه لتكوين هناك كما درس وتخرج على يده العديد من الفنانين وطنيا، حبه للرسم جعله يعود لولاية تيارت، وكانت انطلاقته منذ الوالي الأسبق السيد ابراهيم مراد في تزيين الشوارع من خلال الجداريات التي تفنن في رسمها، مضيفا أن مسيرته انطلقت منذ ذلك الوقت وهي مستمرة لغاية اليوم.
العودة للرسم على الجداريات لقيت دعما كبيرا من طرف الوالي السابق السيد محمد الأمين درامشي، تم من خلاله رسم الجدارية على مستوى ابتدائية باستور بمدينة تيارت، ولقيت رواج وطني كبير وهي جدارية تتكلم على الوطن، مضيفا أن الوالي السابق محمد الأمين درامشي قام بتدشينها بصفة رسمية، ومنه كانت الانطلاقة الحقيقية بعد العودة للرسم على الجداريات لإعطاء الوجه الحسن لمدينة تيارت.
أضاف عبد الإله بن يمينة، أنه لم يتلق أي اتصال من الوالي الحالي لمواصلة هذه الفكرة داعيا إلى ضرورة تكاتف جهود الجميع والعمل على الرقي بالولاية، مضيفا أنه وجب أن يكون هناك عمل جماعي وتكون النية الخالصة لإنجاح هذا النوع من المشاريع على مستوى الولاية، وهو ما ترجمه من خلال إشراكه لمجموعة من الفنانين خلال رسمه جدارية على مستوى ابتدائية باستور.
موجها رسالة لجميع الفنانين أن يد الله مع الجماعة، وكل شخص معني بالعمل من أجل الوطن وليس لأهداف شخصية، كما دعا إلى احترام قواعد وأخلاقيات العمل الفني واحترام خصوصيات المواطن عند تشكيل أي رسومات أو جداريات تضر بالمواطنين أو حتى بالجدران المراد الرسم عليه، داعيا منهم إلى التقدم إلى السلطات لنيل رخصة الرسم على هذه الفضاءات.
الفنان شامخ مراد تفنّن برسم الجداريات
يواصل الفنان مراد شامخ تألقه وتربعه على عرش الرسامين بولاية تيارت، فله العديد من الجداريات بمختلف أحياء المدينة من رسومات حول الطبيعة الخلابة إلى جداريات تمجد أنصار فريق شبيبة تيارت، كون أن حلم الأنصار هو في عودة فريقهم المحبوب النسر الأزرق ( شبيبة تيارت إلى سابق عهده وانتصاراته، وهو ما تفاعل معه الفنان مراد وراح يرسم جداريات تحاكي أهازيج الجمهور بالملاعب الوطنية والتي لعب بها الفريق خلال مسيرته الكروية.
خالد أحد مناصري فريق شبيبة تيارت، أبدى إعجابه لهاته الرسومات مضيفا أنه وجب تنويع الرسومات بالجداريات ما بين الطبيعة الخلابة ورموز الولاية وحتى لرياضييها، داعيا من الرسامين إلى إنجاز جدارية تخص بطل الكرة الجزائرية المرحوم طاهر بن فرحات الذي يعتبر واحدا من بين أبرز الرياضيين الجزائريين بالمنتخب الوطني لكرة القدم.
عبد القادر أشاد بمجهودات الفنان شامخ مراد، معتبرا إياه بأنه واحد من بين سكان مدينة تيارت الغيورين عليها، فهو يريد دائما الإبداع وإعطاء الصورة المثالية لسكانها، وفي الغالب ما يعطي وقته مساءا لتزيين بعض الجداريات بالورود والمناظر الطبيعية الخلابة يتخللها رسومات لفريق شبيبة تيارت، كسب من خلاله قلوب مناصري الفريق.
يوسف مبارك عصامي تألقت الريشة بيده في سن مبكرة
أصبحت الجداريات التي يتفنّن برسمها الفنان المبدع يوسف مبارك، محل إهتمام المواطنين، وحتى للراغبين في تجسيد جداريات بمنازلهم الخاصة وحتى بروضات الأطفال وبالمؤسسات التعليمية والمؤسسات الخاصة وحتى لمؤسسات عمومية، ولكل مؤسسة رسومات خاصة بها حسب اختصاصها، إذ قام الفنان يوسف برسم جداريات بمختلف المؤسسات التربوية وهي المبادرة التي استحسنها أولياء التلاميذ، لإعطاء النظرة الجمالية للمدرسة وهي الرسومات التي تريح نفسيا الطفل وتجعله محبا لمؤسسته وتربيه على النظافة.
وبتصريحه أكد الفنان يوسف مبارك أن رحلته بدأت منذ الصغر بعدما اكتشف والديه الموهبة، شجعوه على الرسم إلى أن كبرت هذه الموهبة وأصبحت مهنة بالنسبة إليه، فقد ذاع صيته بين الناس وأصبح يتنقل لمختلف ولايات الوطن لتجسيد الجداريات ولكل زبون طلبه الخاص يحققه بأنامل يديه، مضيفا أنه تعلق بهواية الرسم منذ الصغر كون أن عمه فنان أيضا قام منذ سنوات عديدة بتجسيد جداريات على مستوى مركز تربية الخيول شاوشاوة كارمان، ليعود إليه ابن الأخ ليجسد هو الآخر عملا فنيا وبنفس الأسلوب وبنفس البراعة وبنفس الجمال.
ويطمح يوسف حسب تصريحه، أن يقفز عمله نحو العالمية إن شاء الله، والمشاركة في التظاهرات الوطنية والدولية مستقبلا.
أيوب أغوليش، هني عبد الإله و عبد المجيد يُبدعون بجداريات في وسط المدينة
صرح الفنان أيوب أغوليش، أنهم عازمون على مواصلة مسيرتهم الفنية رفقة زملائه لرسم جداريات بوسط مدينة تيارت، داعيا كل سكان المدن بالولاية إلى الانتفاضة البيضاء لإعادة الوجه الجمالي للمدينة، وكل حسب اختصاصه وميولاته، فمنهم من يعرف الرسم ومنهم من يحسن غراسة الأشجار، وفئة تعمل على تنظيف الشوارع من النفايات ومخلفات الحشائش والأشجار.
هني عبد الإله، أكد أن مشاركته بالرسم على الجداريات كانت بمحض إرادته بعد أن شاهد ابداعات الشباب بمختلف الأحياء، فأبى إلا أن يترك بصمته بجدارية قرب معهد الموسيقى بمدينة تيارت رفقة زميله عبد المجيد، مضيفا أن تكوينه بمجال الرسم كان على مستوى مديرية الثقافة لولاية تيارت، ولهم عدة رسومات وجداريات بمختلف أنحاء الولاية، الجدارية التي تم رسمها تمثل التقاليد المرأة الجزائرية وهي ترتدي (حايك) أعطت نظرة جميلة جدا.
السلطات المحلية تشارك المواطنين بعمليات تنظيف الأحياء
بادرت السلطات المحلية بولاية تيارت في الانخراط بعمليات التنظيف والتزيين التي أطلقها شباب ولاية تيارت، حيث أكد زروقي وحيد ممثل مؤسسة تيارت نظافة أن مهامهم اليوم تنحصر في تنظيف الأحياء من النفايات، سواء المنزلية أو الهامدة التي خلفها بعض المواطنون وبصفة يومية بعدما كانت تعتمد السلطات سابقا على يوم السبت البيئي لتنظيف المحيط لتصبح العملية بصفة يومية لرفع النفايات، فيما ساهمت المؤسسة في تحرير الأرصفة رفقة مصالح بلدية تيارت ومصالح الأمن الوطني من التجار الفوضويين، ما أعاد الوجه الجمالي للمدينة وخاصة مدينة تيارت.
مضيفا أن العملية لا تزال مستمر لغاية اليوم ولن تتوقف حتى يتم رفع كل النفايات، فيما تتحسب ولاية تيارت لاستقبال زوارها بما يعرف باليوم الوطني للفرس.
في الوقت الذي قام فيه والي ولاية تيارت السيد سعيد خليل بزيارة ميدانية لمدينة تيارت وخاصة للمواقع التي تمسها عمليات رسم الجداريات الفنية ولوحات تاريخية في المساحات المخصص لها في المنشآت الفنية بطريق عين بوشقيف بمدخل المدينة، حيث تستغل هذه المواقع في تجسيد أعمال فنية تعكس تاريخ ولاية تيارت بمشاركة الفنان بن يمينة عبد الإله.
وقصد تشجيع لجان الأحياء للمضي قدما في مختلف المبادرات الخاصة بتزيين وطلاء واجهات العمارات وكذا تنظيف الأحياء، قام والي ولاية تيارت بزيارة تشجيعية للشباب المتطوعين القاطنين بالعمارات المحاذية لمسجد التوبة (طريق البيضاء) والذين أطلقوا مبادرات تزيين المحيط وإنجاز جداريات فنية وحديقة بالحي، حيث استحسن والي الولاية هذه المبادرة الهادفة والتي تجسد المعنى الحقيقي للمواطنة، داعيا مختلف المصالح لتقديم الدعم لمثل هذه المبادرات.
ومواصلة لحملات تزيين مدينة تيارت وتنظيف المحيط، أشرف والي ولاية تيارت السيد سعيد خليل على انطلاق حملة نظافة واسعة بمشاركة مختلف المصالح من غابات، مديرية الأشغال العمومية، مصالح البلدية ومؤسسة تيارت للنظافة والمؤسسة العمومية لتسيير مراكز الردم التقني على مستوى الطريق الوطني رقم 14 انطلاقا من محور الدوران بحي الريجينة، وصولا إلى محور الدوران لمركز الأمير عبد القادر للفروسية، تمثلت في عمليات رفع النفايات الصلبة والهامدة مع تقليم الأشجار ونزع الحشائش والعناية بالمساحات الخضراء، فيما امتدت العملية إلى تنظيف البالوعات تحسبا لتساقط الأمطار، وتحسين الإنارة العمومية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس