أمطار الخير تبشر بموسم فلاحي ناجح

أمطار الخير تبشر بموسم فلاحي ناجح
أمطار الخير تبشر بموسم فلاحي ناجح

أفريقيا برس – الجزائر. مع التساقطات المطرية التي تشهدها عديد الولايات، ارتسمت على وجوه الفلاحين ملامح الفرح والارتياح، بعدما أنعش الغيث آمالهم بموسم واعد، ومخزون مائي معتبر، خاصة على مستوى المياه الجوفية والسدود.

هذه الأمطار جاءت في وقت حاسم بولاية عين تموشنت، حيث عرفت الولاية خلال الأعوام الأخيرة تراجعا ملحوظا في مردود العديد من المحاصيل، خصوصا الزراعات الكبرى التي تعتمد بشكل أساسي على التساقطات المطرية، على غرار القمح والشعير، ما جعل الأمطار الأخيرة بمثابة نفحة أمل أعادت الروح إلى الحقول وأدخلت التفاؤل إلى القلوب الفلاحين وحتى سكان الولاية.

السدود على موعد مع الانتعاش

وفي هذا السياق، صرح السيد بن دلة، أحد المستثمرين الفلاحيين بعين تموشنت، أن الغيث الأخير قد يعيد التوازن للنشاط الزراعي بالمنطقة، مؤكدا أن هذه الأمطار جاءت في توقيت مناسب جدا لانطلاق موسم الزرع، وأضاف أن الزراعات الكبرى ستستفيد بشكل مباشر من هذه التساقطات، ما قد ينعكس إيجابا على المردود والإنتاج خلال الموسم القادم.

من جهته، عبر السيد بن عمارة أحمد، وهو فلاح وصاحب شركة مختصة في كراء العتاد الفلاحي، عن سعادته الكبيرة بنزول الأمطار، معتبرا أن هذا العام سيرحل ويترك معه بشائر الخير على الولاية، وأوضح أن الغيث أفرح نفوس الفلاحين وأعاد البسمة إلى الوجوه بعد سنوات الجفاف، كما سيساهم في ملء السدود ورفع منسوب المياه، بفضل الكميات الهامة المتساقطة، وأكد المتحدث، أن الفلاحة كانت من أكثر القطاعات تضررا خلال السنوات الماضية، داعيا في الوقت ذاته إلى اعتماد منهجية مستدامة للحفاظ على هذه الثروة الحيوية، من خلال استرجاع المياه المستعملة، وتشييد سدود جديدة، وتطوير تقنيات تسيير الموارد المائية لتفادي أزمات جفاف مستقبلية.

تخفيف العبء عن المنتجين

أما السيد “ق.عز الدين”، فقد بدا التفاؤل واضحا على محياه، وهو يتحدث عن أثر هذه التساقطات، خاصة مع تزامنها وبداية موسم الزرع، وأشار إلى أن العديد من الفلاحين شرعوا بالفعل في زراعة محاصيلهم، وعلى رأسها القمح، معتبرا أن الأمطار أعادت الأمل وأزالت الغم الذي خيم عليهم لفترة طويلة، وأضاف أن هذه التساقطات ستخفف العبء عن الفلاحين من خلال تقليص الاعتماد على السقي بالمضخات، الذي كان يستنزف الجيوب والموارد الجوفية على حد سواء، وأكد أن فلاحـي الولاية اضطروا خلال سنوات الجفاف إلى استنزاف المياه الجوفية لإنقاذ محاصيلهم، باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد، ولم يكن أمامهم خيار آخر سوى الصمود في وجه هذه الظروف القاسية.

وفي سهل ملاتة، المعروف بطابعه الفلاحي، عبر السيد محمد العابد إبراهيم عن ارتياحه الكبير للأمطار الأخيرة، لتوالي النشريات الخاصة التي تتنبأ بمزيد التساقطات، فضلا عن تلك التي شهدتها المنطقة مؤخرا، وهي كميات لم تشهدها المنطقة منذ سنوات، ومع نزول الغيث، حسبه، عاد صوت الجرارات من جديد، فيما انتشرت رائحة التراب المبلل لتعلن عن موسم جيد طال انتظاره، وأوضح المتحدث أن بعض الفلاحين اقتنوا ما استطاعوا من حبوب كبذور، وكلهم أمل في أن يستمر الغيث ليكتمل الحلم ويعوضوا ما فقدوه في السنوات الأخيرة.

وأوضح مصدر من مديرية الفلاحة، أن حملة الحرث والبذر التي ستختتم مع نهاية الشهر الجاري، تهدف إلى استغلال ما مجموعة 51 ألف هكتار من أجل زراعة مختلف أنواع الحبوب، حيث تم برمجة زراعة 20 ألف هكتار من القمح الصلب، وألف هكتار فقط من القمح اللين، إلى جانب 29 ألف هكتار من الشعير، و200 هكتار من الخرطال.

كما شمل البرنامج الفلاحي لهذا الموسم، تخصيص نحو ألف هكتار لزراعة “ترتكال”، وهو نوع من الأعلاف يستعمل أساسا في تغذية المواشي، لما له من دور في تحسين جودة اللحوم وزيادة إدرار الحليب، إضافة إلى إمكانية استخدامه للاستهلاك البشري كبديل للقمح في بعض الصناعات الغذائية.

هكذا، أعادت الأمطار الأخيرة بعين تموشنت الحياة إلى الأرض والطمأنينة إلى النفوس، مجسدة علاقة الفلاح بالأرض والمطر، ومؤكدة أن الغيث لا يحيي التربة فقط، بل ينعش الأمل في مستقبل فلاحي أفضل، شرط مرافقة هذه النعمة بسياسات رشيدة واستراتيجيات مستدامة تضمن الأمن المائي والغذائي للمنطقة.

بدورهم، استبشر الفلاحون بولاية تيسمسيلت خيرا بكميات الأمطار التي تساقطت خلال الأيام الأخيرة بإقليم الولاية، بعد أن كانوا متخوفين من الجفاف وتكبد خسائر كالتي تعرضوا لها في المواسم الفلاحية الماضية، على أمل أن يكون هذا الموسم سنة للرفع من الإنتاج، لاسيما وأن الأمطار المتساقطة تتزامن مع موسم الحرث والبذر.

وفي هذا الشأن، يرى رئيس المكتب الولائي للمنظمة الوطنية للفلاحين المنتجين والمحوّلين، نور الدين وعزان، أن التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدها الإقليم تعد بشرة خير محفزة ومشجعة للفلاحين، من شأنها منح انطلاقة جيدة للموسم الفلاحي هذه السنة، بعد موجة الجفاف التي شهدتها الولاية في الفترة الأخيرة، والتي أثرت سلبا على المحاصيل الزراعية، خاصة خلال الموسمين الفلاحيين الأخيرين.

وأضاف وعزان أن الموسم الفلاحي الجديد سيكون واعدا إذا ما ارتوت الأرض وامتلأت السدود بما يتناسب واحتياجاتهم، خاصة في حال تواصل تهاطل الأمطار خلال شهري جانفي وفيفري المقبلين، مشيرا إلى أن الأراضي الفلاحية لا تزال بحاجة إلى كميات إضافية من المياه لضمان مردود وفير من مختلف المنتوجات الفلاحية.

مطالب بإعادة النظر في ديون المتضررين

كما وجه المتحدث نداء للجهات الوصية من أجل إعادة النظر في ديون الفلاحين المتضررين من الجفاف خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن إعادة جدولة الديون أو تخفيفها من شأنه تمكين العديد من الفلاحين من الحصول على البذور في إطار قرض “الرفيق”، وبالتالي ضمان مشاركتهم في حملة الحرث والبذر لهذا الموسم.

وفي السياق ذاته، وفرت تعاونية الحبوب والبقول الجافة بتيسمسيلت أزيد من 50 ألف قنطار من البذور بمختلف الأصناف، في إطار سياسة مرافقة الفلاحين وضمان توفير الإمكانات الضرورية لإنجاح حملة الحرث والبذر. ووفق ما أكدته مصالح التعاونية، فإن هذه الكميات خضعت لعمليات تصفية ومعالجة على مستوى محطة البذور بالولاية، التي تنتج ما يقارب 500 قنطار يوميا، ما يعكس -حسب المصدر- جاهزية التعاونية لتلبية الطلب المتزايد على البذور مع بداية الموسم الفلاحي، موضحا بأن التعاونية تسهر، بالتنسيق مع مختلف الشركاء الفاعلين، على غرار مديرية المصالح الفلاحية والغرفة الفلاحية، على متابعة الملفات المودعة ضمن آلية قرض “الرفيق”، من خلال تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة وتسريع وتيرة الإجراءات الإدارية على مستوى الشباك الموحد، بهدف تمكين الفلاحين من التزود بالبذور في الوقت المناسب.

ومن جانبها، خصصت مديرية المصالح الفلاحية لولاية تيسمسيلت أزيد من 60 ألف هكتار من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة، والمقدرة بـ145 ألف هكتار، وحسب أرقام ذات المصالح، فإن المساحة الإجمالية المخصصة لهذه السنة تشمل أكثر من 46 ألف هكتار لزراعة القمح الصلب، وأزيد من 11 ألف هكتار لزراعة الشعير، بالإضافة إلى تخصيص 850 هكتارا لزراعة الخرطال، مع توفير كافة العتاد والتجهيزات اللازمة لإنجاح الموسم الفلاحي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here