مستقبل الفلاحة في الجزائر يمرّ من هنا!

مستقبل الفلاحة في الجزائر يمرّ من هنا!
مستقبل الفلاحة في الجزائر يمرّ من هنا!

أفريقيا برس – الجزائر. تنطلق هذا الاثنين وعلى مدار يومين، الندوة الوطنية حول عصرنة القطاع الفلاحي، والتي سترسم مستقبل القطاع في الجزائر، حيث تتضمن 8 ورشات رئيسية، على غرار الإنتاج والأمن الغذائي واستخدام المكننة والتحول الرقمي والتمويل والإصلاح المؤسساتي وغيرها، بمشاركة خبراء ومختصين عرب وأجانب من إيطاليا وإسبانيا إضافة إلى زبدة الكفاءات الجزائرية في الخارج.

في هذا السياق، علمت “الشروق” من مصادر على صلة بالملف أن هذه الندوة تشكل المرحلة التمهيدية لإطلاق رؤية وطنية جديدة للفلاحة في أفق 2035، حيث ستبنى على مقاربة علمية وميدانية تدمج بين التكنولوجيا الحديثة والتسيير القائم على النتائج، موضحة أن الهدف الأساسي هو تحويل الفلاحة إلى قطاع إنتاجي متكامل قادر على ضمان الأمن الغذائي وتوجيه الفائض نحو التصدير.

وأضافت المصادر نفسها أن الورشات الثماني ستتناول محاور استراتيجية تمس صميم إصلاح المنظومة الفلاحية، حيث خصصت الأولى لتكثيف وتحسين الإنتاج في الشعب التي تعتبر “استراتيجية” على غرار الحبوب، وذلك بهدف رفع المردودية وتحقيق أمن غذائي مستدام.

وستبحث الورشة الثانية الإدارة المستدامة للموارد الفلاحية من اجل مواجهة تحديات الإجهاد المائي وندرة المياه، خصوصا أن البلاد تمر بموجة جفاف غير مسبوق منذ 6 سنوات، في حين ستركز الورشة الثالثة على تحديث القطاع من خلال تعميم المكننة والزراعة الذكية من خلال اعتماد تقنيات متطورة وتعزيز الزراعة الدقيقة.

وتسعى الورشة المخصّصة للتمويل إلى وضع تصور جديد لآليات تمويل الاستثمارات الفلاحية، يزاوج بين التمويل البنكي التقليدي والصيغ المبتكرة مثل القرض المصغر، التمويل التشاركي، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، بينما ستنظر الورشة الخامسة في تنمية وتطوير الشعب الفلاحية وتنظيم الأسواق بهدف تحقيق التوازن بين العرض والطلب.

وتهدف هذه المقاربة، حسب ما أكدته مصادر “الشروق”، إلى ضمان استدامة المشاريع الفلاحية الكبرى، وتقليص العراقيل البيروقراطية التي ظلت تعيق ولوج المستثمرين الشباب إلى القطاع.

كما تبرز أهمية ورشة “التحول الرقمي” التي تعالج كيفية إدماج التقنيات الحديثة في كل مراحل العملية الإنتاجية، بدءا من استشعار رطوبة التربة وتحديد نوعية البذور مرورا بتتبع مسار الإنتاج، وصولا إلى التسويق الذكي القائم على البيانات المفتوحة، وتعرج الورشة السابعة على العقار الفلاحي، حيث ستدرس وضعية المستثمرات الفلاحية وتنظيمها، بهدف تحفيز الاستثمارات في القطاع وتنمية المناطق الريفية.

أما ورشة “الإصلاح المؤسساتي”، وهي الثامنة والأخيرة، فستركز على مراجعة منظومة الحوكمة الفلاحية وتعزيز التنسيق بين الهياكل المركزية والولائية، من خلال منح صلاحيات أوسع للمديريات المحلية وتفعيل دور المعاهد التقنية ومراكز البحث العلمي في توجيه القرارات، وإعادة النظر في سير الشركات العمومية التابعة للقطاع.

وتشير نفس المصادر إلى أن الجزائر تسعى في هذا الإطار إلى الاستفادة من بعض التجارب الأوروبية الرائدة في هذا المجال، خصوصا الإيطالية والإسبانية، من خلال تبادل الخبرات بين معاهد البحث الفلاحي الجزائرية ونظيراتها الأجنبية.

وستعرف الندوة، حسب مصادرنا، مشاركة نوعية لعدد من الهيئات العلمية والمنظمات الدولية المتخصصة في التنمية الفلاحية، أبرزها المركز الدولي للدراسات الفلاحية المتقدمة في البحر الأبيض المتوسط بفروعه في باري الايطالية وسرقسطة الاسبانية ومونبولييه الفرنسية، إلى جانب المنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، فضلا عن ممثلين عن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية.

كما كشفت المصادر نفسها أن الندوة ستسجل حضورا لافتا لعدد من الكفاءات الجزائرية المقيمة بالخارج، خصوصا من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، من بينهم أساتذة وباحثون وخبراء مرموقون في مجالات التكنولوجيا الحيوية، والاقتصاد الفلاحي، وإدارة الموارد الطبيعية، والتغذية.

ويمثل عدد من خبراء الجالية بالخارج جامعات ومؤسسات بحث عالمية مثل المدرسة الوطنية العليا للبحث الزراعي، والجامعة التقنية بمدريد، والجامعة المستقلة بسالامانكا، ومركز التعاون الدولي في البحث الزراعي من أجل التنمية بفرنسا، إضافة إلى مختصين جزائريين يشغلون مناصب قيادية في شركات أوروبية تنشط في مجال التكنولوجيا الزراعية والمنتجات الحيوية.

وحسب المصادر، فإن الندوة ستتوج بجملة من التوصيات العملية التي سترفع إلى الحكومة لاعتمادها كخطة طريق جديدة لإصلاح القطاع، تشمل إعادة النظر في منظومة الدعم وتوجيهه نحو الإنتاج الفعلي، واستحداث نظام تتبع وطني للإنتاج لتفادي المضاربة والندرة وتوسيع الاعتماد على الرقمنة.

وأكدت المصادر ذاتها أن الرهان الحقيقي يتمثل في جعل الفلاحة قطاعا استراتيجيا مساهما في الناتج الداخلي الخام بنسبة معتبرة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في أهم المواد الأساسية على غرار الحبوب والحليب والزيوت الغذائية واللحوم.

المصدر: الشروق

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here