أفريقيا برس – الجزائر. يكشف مشروع أوروبي لربط اسبانيا بفرنسا بخطوط أنابيب نقل الهيدروجين من وحدات إنتاج مستقبلية في شبه الجزيرة الأيبيرية، نفاقا فرنسيا مفضوحا في تعاملها مع الغاز الجزائري، حيث وقفت ضده بـ”فيتو” أوروبي منذ عقود لمنع عبوره من اسبانيا نحو أراضيها بمشروع للربط البيني، بينما تمضي الأمور بسرعة نحو تجسيد المبادرة البينية فيما يتعلق بالهيدروجين.
في هذا السياق، شهد مشروع “H2med” بحر الأسبوع الماضي خطوة كبيرة نحو ربط شبكات الهيدروجين بين البرتغال وإسبانيا وفرنسا، في إطار أولى مراحل الربط مع ألمانيا ووسط أوروبا، بالتعاون مع شركاء المشروع، حيث تم الانتهاء بنجاح من الدراسات الجيوفيزيائية والهندسية لمشروع الربط “BarMar” بين برشلونة الاسبانية ومرسيليا الفرنسية، وفق ما بينه الموقع الرسمي للمبادرة، حيث أكد الخبراء أن المسار البحري تحت البحر قابل للتنفيذ تقنيا، ما يجعل خط أنابيب الهيدروجين بين إسبانيا وفرنسا على وشك أن يصبح واقعا ملموسا.
كما تم إحراز تقدم ملموس في مشروع الربط “CelZa” مع البرتغال، حيث انطلق برنامج المشاركة العامة بالفعل في إسبانيا، ومن المنتظر إقامة نقاط إعلامية في 21 بلدية بمنطقة زامورا، وتنظيم ورشات تفاعلية بمشاركة الأطراف المعنية والمواطنين لشرح تفاصيل المشروع بشكل واضح وشامل.
وتعطي هذه التطورات الجديدة للشركاء في المشروع، القدرة على الالتزام بالجدول الزمني المخطط له لبدء الاستغلال التجاري للربط بين مشروعي ” BarMarوCelZa ” وتحديدا في عام 2032.
وحظي هذا المشروع بدعم سياسي كامل من جميع الدول الأعضاء المشاركة في هذا الممر، إضافة إلى دعم المفوضية الأوروبية، التي صنفت “H2med” كمشروع ذا مصلحة مشتركة، ضمن الطرق السريعة المستقبلية للطاقة، فضلا عن توقيع اتفاقيات تمويل مع الوكالة التنفيذية الأوروبية للمناخ والبنية التحتية والبيئة (CINEA) لدعم مشروعي “BarMar وCelZa”، بالإضافة إلى إنشاء شركة “بارمار” في جويلية الماضي لتطوير الربط بين برشلونة ومرسيليا.
وبينما تمضي فرنسا بسرعة في دعم مشروع “H2med” للربط البيني بالهيدروجين مع اسبانيا على مستوى المفوضية الأوروبية وتوفير الغطاء السياسي والمالي له، تواصل باريس رفض أي ربط بني للغاز الجزائري عبر جبال البيريني، علما أن هذا الرفض حرم الجزائر من بوابة استراتيجية نحو فرنسا وأوروبا، رغم كونها المورد الأساسي للغاز في جنوب القارة.
وكانت سلطة ضبط الطاقة الفرنسية ونظيرتها الإسبانية، قد أعلنتا مطلع 2019 التخلي نهائيا عن مشروع ربط البلدين بأنبوب غاز عابر لجبال البيريني، حيث جاء القرار من خلال فيتو مشترك، لكن بإلحاح واضح من الطرف الفرنسي.
وذكرت سلطة ضبط الطاقة الفرنسية المعروفة بـ “CRE”حينها، أنها رفضت جملة وتفصيلا الاستثمار في مشروع الربط البيني بأنابيب الغاز بين فرنسا وإسبانيا المعروف بـ”STEP”، والمقدم من طرف شركتي “تيريغا” الفرنسية المختصة في منشآت نقل وتخزين الغاز وشركة “إيناغاز” الإسبانية فرع سنام الايطالية، المختصة في منشآت نقل وتخزين الغاز هي الأخرى.
وورد في الوثيقة أن الطرفين اتفقا على أن هذا المشروع المشترك وفي تكوينه الحالي وقدرته، على النحو الذي قدمه مشغلو أنظمة نقل الغاز في البلدين، لا يلبي احتياجات السوق ولم يصل بعد لمرحلة النضج الكافي.
وبرر الطرفان الفرنسي والإسباني أن سوق الغاز لم يبد أي اهتمام تجاري لضخ قدرات جديدة من خلال الربط البيني، وهو ما تؤكده عمليات استشارة تم إنجازها في 2017 من أطراف مختلفة في البلدين.
واعتبر الطرفان أن تكلفة المشروع أيضا مرتفعة مقارنة بالمعايير الأوروبية، حيث قدر بـ442 مليون أورو، منها 290 على عاتق شركة تيريغا الفرنسية، و152 للشركة الإسبانية فرع سنام الإيطالية “إيناغاز”.
واعتبرت وثيقة سلطة الضبط للطاقة في فرنسا واسبانيا، أن المشروع سيكون مربحا في حال سيناريوهين اثنين وكلاهما حالة شاذة، الأول إذا ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال “جي.أن.أل” في السوق الدولية، وانحسار وتناقص إمدادات الغاز القادمة من الجزائر.
ومن خلال التمعن في الوثيقة، يتضح أن رفض هذا المشروع كان أكثر بإلحاح أكبر من الطرف الفرنسي بالنظر إلى تكلفة المشروع المالية التي كانت ستتحملها شركة “تيريغا” والمقدرة بـ 229 مليون أورو، إضافة إلى التركيز على أن المشروع كان رابحا في حال ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، أو تراجع إمدادات الغاز الجزائرية، فإن الفائدة ستكون محصورة فقط في اسبانيا والبرتغال.
للإشارة، فإن مشروع في مشروع “H2med” يشارك فيه كبار مشغلي الطاقة الأوروبية، مثل “Enagás” الإسبانية، و”NaTran” الألمانية، و”REN” البرتغالية، و”Teréga” الفرنسية، و”OGE” الألمانية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





