أفريقيا برس – الجزائر. بات زيت الزيتون الجزائري، أحد المنتجات الوطنية المطلوبة بكثرة في الخارج، خاصة أنه نال إعجاب المستهلك في بعض الدول الأوربية والعربية، بعد مشاركة علامات محلية في صالونات ومعارض فلاحية خارج الوطن، وحصول أصحاب معاصر على ميداليات ذهبية وفضية، اعترافا بمعايير جودة إنتاجهم من الزيت… ويبدأ جني الزيتون في مناطق شبه صحراوية وفي الغرب الجزائري، وفي مختلف المناطق الغابية والجبلية مع توقعات بزيادة المنتج، وحل مشكل ارتفاع سعر زيت الزيتون، فيما يطالب المنتجون والفلاحون بعصرنة القطاع ورقمنة شعبة الزيتون ومشتقاته.
وفي سياق الموضوع، أكد أرزقي تودرت، خبير فلاحي في شعبة الزيتون، أن منتج الزيتون للمناطق شبه الصحرواية كالجلفة والمسيلة والأغواط، يمكن أن يرفع نسبة المردود الفلاحي لهذه الشعبة، متوقعا أن يأتي موسم الجني 2025 – 2026، بمردود متوسط، وقد يصل الإنتاج مابين 80 و90 ألف طن، وذلك بسبب التغيرات المناخية القاسية منذ عام 2019.
أسعار زيت الزيتون في الأسواق الدولية
وقال تودرت، إن الجفاف الذي ضرب ولايات وسطى من الوطن وهي البويرة وتيزي وزو وبجاية، إلى جانب ظاهرة المقاومة في بعض الولايات المعروفة بإنتاج الزيتون، التي تثمر أشجارها بعد كل سنة، سبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون الذي وصل إلى أكثر من 1500دج للتر، بالنسبة إلى زيت زيتون البكر الممتاز، و1200دج للزيت البكر العادي.
وأوضح الخبير الفلاحي أن زيت الزيتون في الجزائر، متوسط، مقارنة بالبلدان المنتجة للزيتون، حيث وصل سعره في إسبانيا إلى 8 أورو، وفي إيطاليا 7 أورو. وأما في تونس، فسعر اللتر 25 دينارا، وفي المغرب، 110 درهم، وفي اليونان، يصل إلى 6 أورو، مع الإشارة إلى أن المجلس الدولي في اجتماعه، شهر نوفمبر الماضي، كان قد أعلن عن أسعار شراء زيت الزيتون، ما بين 8.40 أورو و9.70 أورو، في الأسواق الدولية، بحيث يعتبر زيت الزيتون الجزائري مطلوبا جدا في الأسواق العالمية، خاصة من طرف الاتحاد الأوروبي والسوق الإفريقية والآسيوية، بالنظر، بحسب تودرت، إلى جودته العالية بعد مشاركة منتجين، ومصدرين جزائريين في مختلف المعارض والمسابقات الدولية أين حصدوا عدة ميداليات ذهبية وجوائز مشرفة، الأمر الذي ساهم في تهاطل الطلبات على زيت الزيتون الوطني، وأدى على إبرام اتفاقيات شراء الزيت والزيتون بكميات كبيرة.
مشاكل تنتظر الحلول..
وقال أرزقي تودرت، إن بعض المنتجين والمصدرين الجزائريين للزيتون وزيته، يتوجهون إلى البلدان التي تتواجد فيها الجالية الجزائرية بكثرة، فهم يحاولون أن يتجاوزوا بذلك مشكل النقص في إمكانية التعبئة والتغليف وتكاليف الشحن المرتفعة، الأمر الذي تسبب في عرقلة عملية التصدير بكميات كبيرة إلى الخارج، موضحا أن تكاليف الشحن الجوي تكلف ما بين 130 دج و140 دج للتر، من زيت الزيتون.
وأشار في السياق، إلى نقص إنتاج القارورات المعتمة في الجزائر، التي تعتبر شرطا من شروط المعايير الدولية لتعبئة زيت الزيتون وبيعه في الأسواق الأجنبية، هذا إلى جانب نقص اليد العاملة في عمليات الجني، وبقاء حظائر المعاصر تقليدية في أغلبها، وتفتقر إلى أدوات عصرية وتكنولوجية حديثة، من شأنها رفع المنتج، وحل مشكل اللجوء إلى الجني التقليدي.
ويرى أنه من أجل النهوض بقطاع الزيتون في الجزائر، ينبغي زيادة مساحة زراعة الزيتون إلى الضعف، في سنوات القليلة المقبلة، للوصول إلى الاكتفاء الذاتي وجعل الأسعار في متناول الجميع وتلبية طلبات الصادرات، كما يتطلب، بحسبه، حل مشكل الجفاف، توفير السدود والحواجز المائية في ولايات معروفة بإنتاج الزيوت، والترخيص بحفر الآبار للمستثمرات مع توفير الكهرباء الريفية وعصرنة أدوات الجني والتخزين وزيادة المعاصر العصرية.
محاربة البيع العشوائي بإنشاء ديوان وطني لزيت الزيتون
واقترح أرزقي تودرت إنشاء ديوان وطني لزيت الزيتون، بهدف تنظيم الشعبة ومحاربة البيع العشوائي للزيت وتسويق المغشوش منه، وإدراج هذه الشعبة في مراكز التكوين المهني، على المستوى الوطني، إضافة إلى إنشاء وحدات جهوية لتحويل مخلفات الزيتون، وأيضا أسواق جهوية للزيتون ومشتقاته، مع العلم، أن زيت الزيتون الجزائري، بحسبه، حصل مؤخرا على ميداليات ذهبية وفضية في مسابقات دولية، من بينها مسابقات في تركيا وإيطاليا وفرنسا وتونس ودبي وكندا وبلجيكا.
ودعا تودرت بالمناسبة، وزارة البيئة، إلى محاربة الأشخاص الذين يرمون مخالفات عصر الزيتون، في الأودية والغابات، موضحا أن بقايا الزيتون المعصور، تلوث المياه والبيئة، وتكون مادة سهلة الاشتعال في الغابات، وهي من ضمن الآثار السلبية التي يجب التصدي لها.
الجزائر تتجه نحو توسيع إنتاج زيت الزيتون العضوي
من جهته، قال الخبير في الزراعة العضوية والحلول البيئية، مسير شركة بيوسرت، إبراهيم صديقي، إن الجزائر تتجه نحو إنتاج زيت الزيتون العضوي، بعد أن بدأت أول تجربة مع معصرة “الأربعاء أوليف” بالبليدة، مؤكدا أن أغلب الجزائريين، لا يفرقون بين المنتج الطبيعي والعضوي، رغم أن ثقافة استهلاك “البيو”، بدأت تنتشر مؤخرا في المجتمع الجزائري، بعد زيادة الأمراض السرطانية والأورام.
وأوضح إبراهيم صديقي، أن إنتاج زيت الزيتون العضوي، يحتاج إلى متابعة مستمرة من طرف خبراء، ومهندسين في الفلاحة، بحيث أشرف هو على إنتاج الزيت العضوي بمعصرة الأربعاء، أين بدأت المرافقة من المزرعة، ويتم التأكد من غياب المبيدات الكيمائية، وجودة طرق الزراعة الملائمة للبيئة والتنمية المستدامة، وتأتي بحسبه، المرافقة الميدانية في المعصرة، لمراقبة النظافة وجودة التخزين، ومدته، إلى الوصول لمرحلة عصر الزيتون، ففي أثناء العصر، تراقب أساليب النظافة، والتأكد من عدم وجود مواد كيميائية، وملوثات المنتج، إلى غاية الحصول على زيت زيتون عضوي خال مائة بالمائة من مواد إضافية كيميائية.
وأشار في السياق، إلى أن معصرة الأربعاء تحصلت بعد إنتاجها للزيوت العضوية، كأول تجربة في الجزائر، على ميداليات ذهبية دولية، في كل من ألمانيا والصين واليابان، وتونس.
وأفاد الخبير في الزراعة العضوية والحلول البيئية، إبراهيم صديقي، بأن بعض الدراسات الطبية، أثبتت أن المواد الكيمائية هي السبب الرئيسي للسرطانات عند الإنسان، مؤكدا أن هناك خطوات جادة لإنتاج الكثير من المواد الفلاحية العضوية، مثل العسل والتمر والتين الشوكي، وغيرها من الفواكه والخضر ومشتقاتها.
ويرى صديقي بأن هناك طلبا كبيرا في الخارج على زيت الزيتون العضوي الجزائري، ومع التطور التكنولوجي ونشر المعرفة الصحية، بدأ المستهلك الجزائري بحسبه، يميل إلى كل ما هو عضوي “بيو”، إلا أنه لا يزال بعض المواطنين يجهلون الفرق بين المنتج الطبيعي والعضوي.
وفي السياق، أكد نصر الدين بلوط، مسير شركة “الأربعاء أوليف”، أن إنتاج زيت الزيتون العضوي يبقى ضعيفا، بحسب ما تنتجه معصرته، داعيا إلى تخصيص مساحات كبرى لزيت الزيتون في الهضاب العليا، بهدف توسيع مزارع عضوية خاصة بزيت المائدة من هذه المساحات، مع خلق معاصر عصرية.
وقال إن تجربته في إنتاج زيت الزيتون العضوي، تحتاج إلى مزيد من الترويج والتشجيع، خاصة أنه يتطلع إلى مستقبل ناجح لتصدير هذه المادة التي باتت مطلوبة عالميا، مشيرا إلى حصول علامته، على 14 ميدالية، بعد 22 سنة في ميدان إنتاج زيت الزيتون.
إحصاء 36 صنفا من الزيتون
للإشارة، فإن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، أكدت بعد عملية الإحصاء الفلاحي الماضي، أن شعبة الزيتون تتربع على مساحة نصف مليون هكتار، أي بنسبة 45 بالمائة من مساحة الأشجار المثمرة في الجزائر، ما يجعلها في المرتبة الأولى وطنيا، بمعدل 70 مليون شجرة موزعة في 49 ولاية على مستوى القطر الوطني، وتتميز أيضا بـ 36 صنفا من الزيتون المعتمد رسميا.
وتضم الشعبة بحسب الإحصاء، أكثر من 2050 معصرة، منها 60 بالمائة تقليدية، حيث تنتج هذه المساحة نحو 10 ملايين قنطار زيتون، منها 3 ملايين موجهة إلى زيتون المائدة، وهو ما يجعلها في المرتبة الرابعة عالميا، وفي المرتبة السابعة في ترتيب زيت الزيتون.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





