أفريقيا برس – الجزائر. يبدو أن الثلوج وموجة البرد لتي أعلنت عن شتاء قارس في الجزائر، على غرار الكثير من دول العالم، جراء التقلبات المناخية، أعادت، وبقوة، ألبسة الفرو التي ارتبطت بالدفء والرفاهية إلى الواجهة، فقد كان الفرو أول ما استخدمه الإنسان ليحتمي من قسوة الطبيعة، حتى صار مع مرور الزمن رمزا للمكانة الاجتماعية وقطعة فاخرة في عالم الموضة، وليس مجرد غطاء للجسد… معاطف وأوشحة وقبعات تغزو محلات الألبسة، تتنوع وتستقطب النساء الجزائريات في زمن البرد والموضة الجديدة.
وتبين، من خلال جولة “الشروق” الاستطلاعية عبر الكثير من محلات الألبسة بالعاصمة، أن الفرو الصناعي انتشر في سوق الملابس بالتنوع في الجودة والأسعار، فمع تصاعد الوعي البيئي وحقوق الحيوان، ظهر الفرو الصناعي كبديل أخلاقي وأكثر استدامة، وتطورت جودته حتى أصبح يشبه الفرو الطبيعي جمالا ولمعانا، ما جعله خيارا شائعا في الموضة الحديثة.
ولكن رغم ذلك، فإن بعض تجار الألبسة خاصة الذين يملكون محلات في الأحياء الراقية بكبريات المدن الجزائرية، لم يترددوا في استيراد معاطف الفرو الطبيعي الحاضر هو أيضا في الأزياء الشتوية، فرغم أسعار معاطفه التي تصل أو تتجاوز بحسب بعض التجار الـ 10 ملايين سنتيم، فهناك من النساء اللواتي يبحثن عنه لإضفاء لمسة فاخرة في يومياتهن، بل أن بعضهن يبحثن عن قبعات وحقائب وأحذية من الفرو الطبيعي، كإطلالة تجمع بين الدف والأناقة.
عودة قوية للفرو وتنافس شرس لبيع معاطفه عبر التجارة الإلكترونية
تعود معاطف الفرو هذا الشتاء، بعد سنوات من التراجع تحت ضغط حملات الدفاع عن حقوق الحيوانات وظهور بدائل صناعية أكثر رفقاً بالبيئة، فقد غزت منصات العرض وشوارع الموضة بقوة لافتة، وبنكهة جديدة تعكس تطور الصناعة وتغير أذواق المستهلكين، فقد أكد الخبير في سوق الألبسة والرئيس السابق للجنة الوطنية للخياطة والملابس والنسيج بالاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الجزائريين، يعقوب ابادوين، أن تطور صناعة الفرو بالبوليسترين، وهو نوع من الألياف الاصطناعية يستخدم بشكل أساسي لإنتاج هذا الفرو الصناعي بجودة ومرونة عالية ومقاومة للتجاعيد، جعل ألبسة الفرو متوفرة وتتماشى بحسب الموضة، والجودة والطلب الذي زاد مع موجة البرد الشديد.
وقال إن معاطف الفرو استحوذت على أنواع المعاطف الأخرى مع بداية شتاء 2025، في الجزائر، وبات التنافس الشديد واضحا عبر منصات التجارة الالكترونية، بحيث لم يعد يعرض بعض الباعة عبر “الفايسبوك” و”اليوتوب” إلا معاطف الفرو، والأوشحة والتي تختلف وتتنوع إلى درجة جذبت الزبائن من الجنس اللطيف، بشكل ملحوظ.
وأكد أن ورشات الخياطة المحلية هي الأخرى تخوض منافسة واضحة في تصميم ملابس الفرو، بعد أن كان الأمر يقتصر على إضافة قطع فقط من الفرو في المعاطف والأحذية والحقائب كإكسسوار، مشيرا إلى أن المصممين يقدمون قطعا أكثر خفة وأقل تكلفة مع المحافظة على مظهر الفخامة التقليدي، فالزبائن بحسب يعقوب ابادوين، يبحثون عن معاطف تمنحهم الدفء والأناقة وبأسعار معقولة.
الفرو بتقنيات ثلاثية الأبعاد
وأفاد خبير سوق الألبسة، وصاحب مصنع للخياطة الجاهزة، يعقوب ابادوين، بأن المتر الواحد للفرو الصناعي تتراوح ما بين 1200 دج و3000 دج، في حين أن المعاطف المصنوعة من هذا الفرو تتراوح أسعارها ما بين 5 آلاف دج إلى 5 ملايين سنتيم، بينما يبلغ ثمن المعطف بالفرو الطبيعي 10 ملايين سنتيم أو يفوق ذلك.
وقال إن العديد من دور الأزياء تعتمد اليوم على ألياف مبتكرة تقلد الفرو الطبيعي بدرجة كبيرة، مستفيدة من تقنيات ثلاثية الأبعاد وأقمشة معاد تدويرها، وهو ما تسعى إليه ورشات خياطة ومصانع في الجزائر، وبحسبه، فإن هذا التوجه ساهم في عودة ملابس الفرو وخاصة المعاطف كموضة الموسم، مع الحفاظ على مبادئ الاستدامة التي يطالب بها المستهلك المعاصر.
ويرى ابادوين، أن تجار الملابس في الجزائر سجلوا زيادة الطلب على معاطف الفرو خصوصا في مدن ذات الطقس البارد مثل سطيف وقسنطينة، وغيرها من مدن الهضاب، قائلا إن معطف الفرو الذي ارتبط منذ عصور قديمة بفكرة الرفاهية الراقية، يعود اليوم ليفرض نفسه كموضة عصرية، ديناميكية.
المصدر: الشروق
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





