أفريقيا برس – الجزائر. بلوط: مخالفات قانونية في الصيد قضت على ثروتنا السمكية
250 شاطئ ملوث من أصل 525 شاطئ بالجزائر!
أثارت صور الكميات الكبيرة من السردين المرمية بميناء تنس بولاية الشلف، استياء المواطنين ونقابة الصيد البحري، الذين استنكروا إهدار الثروة السمكية، بهذه الطريقة، في ظل تراجعها وغلائها الفاحش، ورغم تأكيد البحارة أن السمك المرمي لا يُستهلك أصلا، إلاّ أنّ رميه في الميناء بطريقة فوضوية، يعتبر في حدّ ذاته مخالفة قانونية.
أثارت صور انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، اليومين الأخيرين، استياء المواطنين والمختصين، بعدما أظهرت كميات كبيرة من السردين مرمية على أرضية الميناء، حيث لقيت المشاهد استهجانا كبيرا، بسبب إهدار الثروة السمكية.
وفي الموضوع، كشف رئيس النقابة الوطنية للصيد البحري، حسين بلوط، في اتصال مع “الشروق”، أن الصور المنتشرة، ملتقطة من ميناء تنس بولاية شلف، أين رمى الصيادون أسماكا لا يتعدى طولها 4 سم، هي أصلا ممنوعة قانونا من الصيد والتسويق.
وأضاف بلوط بأن المرسوم التنفيذي الصادر في 18 أفريل 2002، يجرّم صيد أسماك أقل من 11 سم، ومع ذلك نجدها تباع علنا وبطريقة عادية في أسواقنا، في السنتين الأخيرتين، مبديا تأسّفه لغياب عملية المراقبة بالموانئ، رغم وجود37 ميناء صيد بحري، تضم مكاتب مراقبة لحرّاس السواحل والشرطة، الذين يتولون مَهمة تفتيش الصيادين عند خروجهم من الميناء ودخولهم، وبالتالي “البعض منهم لا يقوم بمهمته على الوجه الأكمل” بحسب تصريحه.
وقال المتحدث بأن مشاهد الأسماك الصغيرة المرمية بالميناء، تعتبر عملية إجرامية، في ظل غلاء أسعار مختلف أنواع السمك ببلادنا، مؤكدا أن أحسن صياد اليوم يجلب 15 صندوقا من الأسماك فقط.
وأضاف: “في سنوات ماضية، كنا نصطاد أكثر من 370 ألف طن من السمك سنويا، لينخفض الرقم حتى 42 ألف طن فقط، وصرنا نستورد 400 ألف طن سمك سنويا، بعد القضاء على ثروتنا السمكية!”.
تلوث نصف شواطئ الجزائر تسبّب في نفوق السمك
ومن الممارسات الممنوعة التي ساهمت في ندرة الثروة السمكية بشواطئنا، حسب بلوط، الرمي اليومي والعشوائي لشباك الصيد وعدم ترك أيام راحة، واستعمال شباك محرمة دولية وكذا المتفجرات في اصطياد سردين يقل طوله عن 11 سم.
وأهم سبب لنفوق السمك، يقول المتحدث، هو تلوث شواطئنا، وقال: “لدينا 1284 كلم من السواحل، نصف شواطئنا ملوثة، فمن أصل 525 شاطئ لدينا 250 شاطئ ممنوع فيه السباحة، بسبب تلوثه بمياه الصرف الصحي ومختلف القمامات ومخلفات المصانع، زيادة على عبور 125 ألف باخرة تجارية سنويا ببحارنا، وما تفرزه من مخلفات خطيرة”.
وناشد بلوط كلا من رئيس الجمهورية، ومن بعده وزارت الداخلية والصيد البحري والتجارة، التدخل وإلزام الجميع بتطبيق القوانين الموجودة أصلا.
من جانبه، استغرب رئيس الجمعية الوطنية للتضامن مع البحارة، بوفريوة هشام، في تصريح لـ ” الشروق”، التفاعل الكبير الذي لقيته صور السمك المرمي في ميناء تنس، حيث قال: “حقيقة كان على الصيادين عدم رمي هذا السردين بأرضية الميناء، وكان الأجدر رميه في البحر، ولكن هذا السمك الصغير يعلق بشباك الصيادين، وتستغرق عملية التخلص منه حتى 7 ساعات أحيانا، ما يعرض البحار للإرهاق الجسدي زيادة على مشاق الصيد، وهو ما جعلهم ربما يتركون هذا السّمك بالميناء..”.
وبدوره، استنكر مُحدّثنا الممارسات التي يلجأ إليها بعض الصّيادين أصحاب القوارب الصغيرة، الذين يستعملون شباكا خيطيّة بلاستيكية ممنوعة دوليا، في الصّيد، فزيادة على إزعاجهم السمك أثناء فترة التكاثر، يتركون شباكهم في البحر، وجميعنا يعلم أن البلاستيك يبقى حتى 40 سنة دون تحلل.
إلى ذلك، تعرفُ أسعار السّردين انخفاضا محسوسا خلال هذه الفترة، حيث يتراوح بين 300 إلى 450 دج عبر معظم الولايات، وفسره الصيادون بكثرة السمك خلال هذه الفترة من السنة.
فتح تحقيق بخصوص رمي كميات من السردين بميناء المرسى
إلى ذلك، وبحسب ما علمته “الشروق”، فقد فتحت مصالح مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية لولاية الشلف تحقيقا بشأن حادثة رمي كميات من السردين في رصيف ميناء المرسى.
وقالت مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية بأن حادثة رمي كميات من سمك السردين، حدثت ليلة السبت من الأسبوع الماضي برصيف ميناء الصيد ببلدية المرسى، باعتبار أن السمك لم يبلغ الحجم التجاري الذي يسمح بتسويقه.
لتؤكد المديرية أنها فتحت تحقيقا للبحث في ملابسات هذه القضية، منددة بالحادثة التي وصفتها “بالتصرف والسلوك السيئ”، مطالبة جميع صيادي السمك والبحارة، بالتحلي بالروح المهنية.