تربية النحل تزدهر.. والعسل المغشوش يضيع ثقة المستهلك

2
تربية النحل تزدهر.. والعسل المغشوش يضيع ثقة المستهلك
تربية النحل تزدهر.. والعسل المغشوش يضيع ثقة المستهلك

أفريقيا برس – الجزائر. تُعدّ الجزائر من البلدان الغنية بتنوعها الطبيعي والمناخي، ما جعلها أرضًا خصبة لتربية النحل وإنتاج أنواع مختلفة من العسل، على رأسها عسل السّدر والحمضيّات والجبلي. ولأنّ العسل صار مطلوبا وبشدة مؤخرا، وفي ظل انتشار المغشوش منه ولغرض تأمين باب رزق، توجه كثير من الجزائريين رجالًا ونساءً، لتعلم مهنة تربية النحل وإنتاج عسلهم الخاص، عبر دورات تكوينية تنظمها جمعيات زراعية أو من خلال مبادرات فردية.

كشفت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك وإرشاده، أن منتج العسل لهذا الموسم كان وفيرا ومتنوعا، متسائلة إن كانت هذه الوفرة ستتناسب مع جودته وأسعاره في السوق، محذرة من تسويق المغشوش منه، الذي بات يباع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويشتريه أشخاص مرضى لغرض التداوي.. !

وبدورهم، أكد مختصون في تربية النحل، أن تساقط الأمطار الذي كان وفيرا في بعض المناطق، ساهم في نمو نباتات وأزهار تحتاجها النحلة في تغذيتها، ما جعل العسل متنوعا من حيث المذاق. ولكن، تبقى هذه الشعبة، بحسبهم، تتخبط في مشاكل مختلفة، وعلى رأسها انتشار بيع العسل المغشوش وبأسعار منخفضة، لجلب المستهلكين. وحتى بعض “النحالين” باتوا يلجؤون السلوكات احتيالية تقلل من جودة العسل.

ويعرف الطلب على العسل الطبيعي، ارتفاعا ملحوظا السنوات الأخيرة رغم غلاء ثمنه، الذي يتراوح من 3 آلاف دج إلى 6500 دج للكلغ للعسل الأكثر طلبا، وهو ما ساهم في انتشار ظاهرة ترويج العسل المغشوش، خاصّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

فبعض المحتالين، وبحسب تأكيد مربّي نحل، يقدمون على خلط السكر أو شراب “الغلوكوز” بمواد ملونة مع إضافة منكهات غذائية، لتقليد طعم العسل الأصلي وبيعه بأسعار منخفضة، ما يغرّر بالمستهلك، بل ويشكل خطرًا على صحته، إضافة إلى الإضرار بسمعة النحالين الحقيقيين، الذين يسهرون على إنتاج عسل نقيّ بطرق تقليدية.

3 كلغ عسل مع هدية وتوصيل مجاني بمليون سنتيم..!

وفي الموضوع، رصدت مصادر اعلامية انتشار عدة إعلانات لبيع العسل عبر موقع “فيسبوك”، ومنها شخص يعرض للبيع 3 كلغ من العسل بمبلغ مليون سنتيم، مع استفادة الزبون من علبة غذاء ملكات النحل هدية وتوصيل مجاني.. ! ومثل هذه الظواهر، جعلت المربين يطلقون حملات توعية على منصات التواصل الاجتماعي، لتعريف المستهلك بطرق التمييز بين العسل الطبيعي والمغشوش.

وفي هذا الصدد، أقرّ مربي نحل وصاحب مبادرات لتنظيم معارض لبيع منتجات النحل بالجزائر العاصمة، بوجود وفرة في منتج العسل لهذه السنة، ولكن جودته كانت متفاوتة من منطقة إلى أخرى.

وبحسبه، فإن بعض عسل السدر المنتج في مناطق صحراويّة، وجد أصحابه صعوبة في استخلاصه نقيا وخاما، بسب نمو نباتات شوكية إلى جانب نبتة السدر، بفعل الأمطار الغزيرة التي تهاطلت سابقا على المنطقة. وبالتالي، جاء عسل السدر مختلطا بنكهة نباتات شوكية، والذي تراوحت أسعاره بين 4 إلى 6 آلاف دج للكلغ، ومؤكدا أن عسل السنة الماضية كان أفضل من حيث النوعية.

سعر العسل الأصلي يصل 6500 دج للكلغ

وأشار محدثنا، بأن عسل بعض المناطق مثل المتيجة وغليزان وآفلو والبيض، جاء مختلطا مع عشبة اللبينة والحرمل التي نمت بشكل كبير هذا العام.

ليؤكد أن أكثر أنواع العسل المطلوبة من الجزائريين، هي عسل السدر والكاليتوس والعسل الجبلي، التي يستعملونها لشفاء بعض الأمراض، وتبدأ أسعارها من 4500 دج إلى غاية 7 آلاف دج للكلغ، بينما لا يتعدى سعر عسل البرتقال 2500 دج للكلغ غالبا، “رغم أن جميع أنواع العسل الأصلي مفيدة للصحة” على حد قوله.

وتأسف محدثنا، لانتشار العسل المغشوش، مناشدا المواطنين الشراء من “نحّال” ذي ثقة حتى ولو كان نحّالا بسيطا، لأنه حتى بعض مربي النحل ويحتالون، موضحا: “بعض المربين يُغذي نحله بالسكر رغم توفر الزهور، وآخرون يكثرون من استعمال عسل التغذية الذي هو موجه أساسا لإطعام النحلة، الذي قد يؤثر على جودة العسل المنتج لاحقًا إذا لم يُفصل وقت التغذية عن وقت الجني.

النساء اقتحمن شعبة تربية النحل وقوة

ومن جهته، أكد المربي والمكون في تربية النحل، سيد علي بوبكر، من ولاية بومرداس، أن الإقبال على التكوين في مهنة تربية النحل، صار ظاهرة لافتة مؤخرا، كاشفا أنه يستقبل شبابا من نساء ورجال إضافة إلى مراهقين وشيوخ بعضهم في سن الثمانين، يبحثون عن تعلم مهنة تربية النحل، حيث يتلقون تكوينا تطبيقيا لمدة أسبوع.

وغرض الباحثين عن تعلم المهنة، هو تأمين عسلهم الخاص في ظل غلاء أسعاره، أما الأهم فهو الحصول على عسل أصلي مضمون الجودة.

واللافت، هو اقتحام النساء هذا المجال وبقوة، حيث ظهرت جمعيات نسائية للنحالات، خاصة في العديد من المناطق الريفية، في إطار سعي النساء إلى المساهمة في اقتصاد الأسرة ودعم مشاريع التنمية المحلية.

وسبب الظاهرة، بحسب بوبكر، هو غلاء أسعار العسل الأصلي وعدم الثقة في بعض البائعين، وخاصة أن العسل يُستعمل غالبا لشفاء الأمراض.

وأردف سيد علي بوبكر قائلا: “في وقت نشهد إقبالا على تعلم هذه المهنة، نرصد نقصا في مدخلات هذه الشعبة، ومنها نقص الغطاء النباتي وانحسار الغابات، والتي تعتبر مصدرا رئيسا لتغذية النحل”.

وتأسف مربي النحل، لظاهرة بحث كثيرين عن شراء العسل بسعر “منخفض” ما يجعلهم فريسة لبعض أشباه النحالين أو التجار “الغشاشين”.

ردع مروجي العسل المغشوش.. ضرورة

وحتى بعض تجار الجملة للعسل، يبحثون عن السعر “البخس” ما يجعل المربين الحقيقيين، يتنازلون ويرضون بسعر منخفض، رغم ما بذلوه من جهد وواجهوه من صعوبات في إنتاج العسل.

“وهي الظاهرة التي دفعت ولا تزال كبار النحالين لمغادرة مجال تربية النحل، ما يهدد بتضرر شعبة تربية النحل في الجزائر”، على حد قوله.

ويدعو “النحالون” السلطات الوصية إلى مراقبة سوق العسل ومنتجات الخلية، وردع الغش الذي استفحل بشكل جنوني في هذه الشعبة، ولن يكون ذلك إلا بإنشاء مخابر تحليل العسل بمعايير دولية، وفتح باب التصدير وتسهيله، عندما يُسجل السوق فائضا في الإنتاج.

يبدو مستقبل تربية النحل في الجزائر واعدًا، خاصة إذا دُعّم بالنصائح العلمية، الرقابة الصحية، وتشجيع المبادرات الشبانية والنسوية. فهي ليست مجرد مهنة تقليدية، بل رهان اقتصادي وبيئي يحافظ على التنوع البيولوجي ويساهم في الأمن الغذائي.

كما أن تربية النحل في الجزائر ليست مجرد صناعة عسل، بل هي ثقافة راسخة في تقاليد كثير من الأسر وهي مصدر رزق لآخرين، وقد تشوهها ظاهرة ترويج العسل المغشوش، في ظل جهل كثير من المستهلكين بخصائص العسل الأصلي، وهو ما يستوجب رقابة صارمة وردع المتحايلين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here