حملة جني الزيتون؛ فرصة للم شمل العائلات

2
حملة جني الزيتون؛ فرصة للم شمل العائلات
حملة جني الزيتون؛ فرصة للم شمل العائلات

أفريقيا برس – الجزائر. تتواصل حملة جني الزيتون بمختلف ولايات الوطن وسط أجواء عائلية وفي ظروف جوية حسنة، ما ساهم في تقدّم حملة الجني بمناطق عديدة، فيما تستمر الحملة إلى غاية أواخر شهر جانفي بمنطقة الصومام التي تحوز أكبر عدد من بساتين الزيتون، علما أنّ أشجار الزيتون تكسو أكثر من 50 ألف هكتار من تراب ولاية بجاية بأكثر من 4 ملايين شجرة، وبالنظر إلى طريقة جني الزيتون فإن ذلك يحتاج إلى الكثير من الصبر والوقت وحتى الأيادي التي توفرها العائلات صغيرها وكبيرها في أجواء تمتزج بين الرفاهية والشقاء.

وفي هذا الصدد، أشارت عجوز تتولى مهمة جني زيتون أشجارها منذ أكثر من نصف قرن إن “عملية جني الزيتون مهمة شاقة ومتعبة تحتاج إلى الكثير من الصبر والجهد ليس خلال الجني، وإنما عند نقل أكياس الزيتون الثقيلة على الظهر لمسافات طويلة ومنحدرة خاصة مع البرد الشديد ولكن عندما ترى كل هذه الخيرات تفرح وتحمد اللـه على نعمته”.

من جهته، شبّه شيخ طاعن في السن موسم جني الزيتون بمناسبة “الوزيعة” التي تجمع أفراد العائلة الواحدة حتى القاطنين منهم بعيدا، إذ أن الشوق إلى أشجار الأجداد يدفع الأحفاد لتحمل المشقة وقطع مسافات طويلة من أجل المساهمة في عملية الجني، حتى إن اجتماع أفراد العائلة يجعل من مهمّة الجني سهلة، رغم تعقدها وحاجتها إلى الكثير من الوقت، لكن تبادل أطراف الحديث بين أفراد العائلة يجعلهم لا يحسّون بمرور الوقت، وهم يداعبون الزيتون بين أناملهم جبة بحبة.

تقاسم للأدوار

وقد ساعدت الأجواء المشمسة التي ميزت الولاية منذ بداية فصل الخريف، إلا فيما ندر، تقدم عملية الجني وهي الأجواء “الربيعية” التي شجعت حتى الشباب في تغيير وجهة تنزههم باتجاه بساتين الزيتون التي بدت أشجارها سخية، حيث تحضر في هذا الصدد العديد من الأمهات كل المستلزمات في الصباح الباكر على غرار الأكياس والأغطية البلاستيكية التي يتم نشرها تحت أشجار الزيتون بالإضافة إلى أغصان القصب، رغم سلبيتها حسب المختصين، فيما يفضل آخرون استعمال السلالم بالأماكن المسطحة، كما يتم تحضير كل الخضروات والخبز وقارورات الماء ومختلف التوابل، وذلك قبل أن يهم الجميع بالانطلاق صوب بساتين الزيتون، البعض منها بعيدة، وكأنهم على موعد مع نزهة باتجاه أعالي الجبال، وغالبا ما ترافقهم في هذه المغامرة بعض الحيوانات على رأسها الحمير التي لا تزال أهم وسيلة نقل بالأماكن ذات التضاريس المنحدرة والوعرة، في ظل استحالة وصول المركبات إليها.

ويتم تقسيم الأدوار تلقائيا بين أفراد العائلة الواحدة وسط البستان، حيث يشرع الرجال في إزالة الأعشاب الضارة وتنظيف المناطق المحيطة بكل شجرة، لتسهيل عملية الجني ومن ثم نشر الأغطية البلاستيكية تحت الشجرة التي يراد جنيها، وذلك قبل أن يهم الشباب بقطف الثمار سواء بتسلق الأشجار أو انطلاقا من الأرض باستعمال العصي، وذلك قبل أن يأتي دور النساء تتقدّمهمن العجائز، اللواتي يشرعن في جمع حبات الزيتون ووضعها في الأكياس، في الوقت الذي يشرع فيه الرجال في “هز” أغصان الشجرة الموالية، لتتواصل العملية إلى غاية المساء، وكذا في اليوم الموالي وذلك إلى غاية جني آخر شجرة، ومن حين إلى آخر يجتمع الجميع لأخذ قسط من الراحة وتبادل أطراف الحديث، فيما تتولى البنت الصغرى وأحيانا الزوجة الجديدة، مهمّة طهي وجبة الغداء على الهواء الطلق، أمّا الصغار فيستغلون من جهتهم الفرصة للعب والجري في كل الاتجاهات، وأحيانا يداعبون حبّات الزيتون بين أناملهم وكأنّهم في تربص يمهدهم لاستلام مشعل الجني قريبا.

تراجع طفيف في المنتوج

وتراجع مردود أشجار الزيتون بشكل ملفت للانتباه بالعديد من المناطق بإقليم ولاية بجاية، وذلك راجع لعوامل عدّة طبيعية كانت أو بشرية، ما انعكس سلبا على كمية الإنتاج ومن بين هذه العوامل نجد تلك المرتبطة بالطبيعة من ارتفاع درجة الحرارة والبرودة الشديدة، وكذا الرياح القوية التي تعمل على إسقاط ثمرة الزيتون قبل أوان جنيها، بالإضافة إلى ظاهرة التناوب الطبيعي التي تغير من كمية الزيتون المنتجة سنويا، والذي يكون متباينا من سنة إلى أخرى، بحسب العوامل والمؤثرات الطبيعية وكذا درجة العناية البشرية التي تحظى بها هذه الأخيرة بما فيها الأرض المحيطة بها، أضف إلى ذلك عملية التقليم والتخصيب.

ومن جهة أخرى، تلعب الطريقة المستعملة في جني المحصول دورا كبيرا في الحصول على نوعية جيدة من الزيت بحسب درجة الحموضة التي على أساسها تصنف زيت الزيتون المتوفرة في الأسواق العالمية، حيث ينصح الخبراء المختصون في مجال الفلاحة بضرورة التخلي عن استعمال العصي لإسقاط حبات الزيتون الذي يؤثر سلبا على حبة الزيتون والأغصان الصغيرة المساهمة في إنتاج الثمرة، وذلك ما نجده ينعكس سلبا ليس على وفرة إنتاج مادة زيت الزيتون وإنما على النوعية المتحصل عليها بعد القيام بعصرها، علما أن سلبيات هذه الطريقة لا تظهر في موسم الجني الآتي بل في العام الذي يليه، وذلك من دون الحديث عن الأضرار التي ألحقتها الحرائق بالعديد من البساتين.

ورغم جل هذه العوامل إلا أن ولاية بجاية لا تزال تحافظ على عرش الصدارة في إنتاج زيت الزيتون حيث يرتقب أن يصل مردود هذه السنة إلى حدود 15 مليون لتر أي بانخفاض طفيف مقارنة بالأعوام الفارطة، فيما استقر سعر لتر واحد من زيت الزيتون في حدود 700 إلى 800 دينار علما أن الولاية تتوفر على العدد الكافي من المعاصر، التقليدية منها والحديثة، فيما أضحى من الضروري الاستثمار وتوفير القارورات الزجاجية بأسعار معقولة لفائدة الفلاحين، وذلك بغرض حفظ زيت الزيتون بطريقة جيدة بعيدا عن قارورات المياه المعدنية التي يعاد استعمالها بشكل واسع لدى الفلاحين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here