أفريقيا برس – الجزائر. القرار سيسمح بتحريك الاقتصاد وتغذية العمليات التجارية والسيولة
أماط بنك الجزائر عبر العدد الأخير للجريدة الرسمية النقاب عن خطة جديدة لتمويل الاقتصاد الوطني، وذلك بعد الإطلاع على مداولات مجلس القرض والنقد، من خلال اعتماد برنامج خاص لإعادة التمويل لمدة سنة ابتداء من الفاتح جويلية كدعم لبرنامج إنعاش الاقتصاد الوطني، من خلال تدابير لتغطية العجز بمقدار 2100 مليار دينار، عبر أذونات الخزينة، أي أوراق مالية سهلة التصرف، والتي تعتبر أحد أدوات السياسة النقدية التي تم اللجوء إليها لتفادي العودة مجددا إلى خيار طباعة النقود.
ويرى الخبير المالي كمال سي محمد، في تصريح لـ”الشروق” أن البرنامج الخاص لإعادة التمويل وفق القانون 21 ـ 02 الصادر الأول في الجريدة الرسمية، والمعتمد على السندات، يختلف من حيث الشكل وطريقة التمويل عن طباعة النقود، وهو الخيار الذي تخلت عنه الحكومة بأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بسبب مخاوف التضخم والانعكاسات السلبية للعملية المقننة عبر قانون القرض والنقد نهاية سنة 2017، حيث يعد الوزير الأول السابق أحمد أويحيى عرّابها، وأردف قائلا: “التمويل التقليدي يعتمد على طباعة الأموال بدون مقابل، وضخها في السوق، أما أذونات الخزينة فتعتبر هذه الأوراق المالية دينا للبنوك”.
ويشدد سي محمد على أن برنامج إعادة التمويل الجديد يسقّف المبلغ لمدة سنة، والمقابل الذي يمنحه هو غطاء نقدي عبارة عن أذونات الخزينة، تغطي الاقتصاد الجزائري، كما ذكر الخبير أن التمويل غير التقليدي لا يحتاج لسياسة السوق المفتوحة، لكن العكس بالنسبة للتمويل الجديد المعتمد من قبل بنك الجزائر، والذي يتم عن طريق السوق والمزايدات بين البنك المركزي والبنوك التجارية والخزينة، بصفة شهرية، في حين يتم توجيه الأموال في التمويل غير التقليدي مباشرة إلى السوق التمويلية.
ومن بين أهم إيجابيات هذه الخطة التمويلية الجديدة، يقول كمال سي محمد أنها أقل ضررا من الخطط التي كانت تنتهج من طرف النظام السابق، على غرار طباعة الأموال والتفكير في الاستدانة الخارجية، رغم أنها تحمل نفس الأهداف، وهي تدبير أموال لمواجهة العجز، قائلا: “التمويل الجديد عبارة عن مسكّن لمجابهة أزمة السيولة.. ولكن بالمقابل يجب الشروع في البحث عن حلول جدية لمجابهة الأزمة على المدى البعيد”، معتبرا أن الإنقاذ الحقيقي للاقتصاد الجزائري هو توفير مناصب الشغل وترشيد النفقات، وتقليص عدد الوزارات وإنعاش القطاعات الاقتصادية.
ويعتبر الخبير المالي سي محمد، أن تدابير تغطية العجز لسنة 2021 بمقدار 2100 مليار دينار، عن طريق أداة من أدوات السياسة النقدية وهي أذونات الخزينة، ستكون متبوعة بداية السنة المقبلة بتخفيض جديد للعملة، في حال شهدت أسعار النفط انخفاضا أو لم تحقق الارتفاع المرتقب.
من جهته، يعتبر الخبير المالي والمصرفي، أبو بكر سلامي، في تصريح لـ”الشروق” أن ضخ أذونات الخزينة بقيمة 2100 مليار دينار، من طرف البنك المركزي مع فتح إمكانية الاستدانة للبنوك لتغطية عجز السيولة، يعتبر أفضل الخيارات المتاحة في ظل الأزمة الحالية، خاصة بعد تخفيض احتياطي البنوك التجارية التي لم يتبق لها سيولة كبيرة، مشدّدا على أن ” أذونات الخزينة التي تقتنيها البنوك بمعدل فائدة ومهلة معينة للسداد أرحم للاقتصاد الجزائري من طباعة النقود”.
ويرى المتحدّث أن طباعة النقود يعتمد إما على تعويض النقود القديمة أو ضخ كمية كبيرة من الأموال في السوق، دون مقابل، ولكن أذونات الخزينة تعد أوراق مالية، تضخ بمقابل لتوفير السيولة التي يتم استقدامها من البنوك، بهدف تحريك الاقتصاد وتغذية العمليات التجارية ومجابهة العجز حيث كان اللجوء إلى هذه الطريقة حتميا لمجابهة انسداد الاقتصاد، وقال أن الضرر الذي يمكن أن تسببه هو التضخم خاصة إذا كانت كمية الأموال التي يتم ضخها كبيرة.