أفريقيا برس – الجزائر. بين الصناعات الثقيلة والخفيفة، التقليدية والعصرية، والغذائية، والتجميلية، والعلاجية، معركة تخوضها الكثير من الشركات والمؤسسات العمومية والخاصة، منها الناشئة، لاقتحام السوق المحلية والإفريقية والعالمية، حيث التركيز على الجودة، والإنتاج، والتميز، والاستمرار في الريادة، أهم ما يركز عليه المصنعون والمنتجون الجزائريون..
وأتاح معرض الإنتاج الجزائري، فرصة للفاعلين للتعريف بالمنتج الوطني، وعرضه في مكان واحد لربح الوقت وتقليص المسافات، حيث جمع مختلف المنتجين والمستهلكين، قصد قياس النمو الاقتصادي لقطاعات متعددة، ولشعب مختلفة، تزامنا مع المساعي التي تأخذ من أجل ترقية العلامات التجارية.
وبحسب الجولة الاستطلاعية، إلى المعرض في طبعته الحادية والثلاثين، بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة، فإن أغلب المشاركين، يعتبرون هذه التظاهرة نشاط مهم، يوفر منصة للتواصل بين المهنيين، ويتيح لهم إقامة علاقات العمل وشراكات بين المتعاملين المحليين.
اللمسات التقليدية.. بين النهوض بالمنتج المحلي والمحافظة على التراث
وبحسب الجولة الاستطلاعية في معرض الإنتاج المحلي، تبين أن شركات صناعة الأثاث والأفرشة، والديكورات، اجتاحت بمنتجها السوق الجزائرية، وحاولت أن تبقى على تلك اللمسة التقليدية والأصيلة لتاريخ الجزائر، حيث انبهر زوار المعرض بالديكور الجميل الذي تميز به جناح مؤسسة “لمسات”، المختصة في صناعة الأثاث الخشبي والأفرشة والديكورات.
وقال صاحب هذه المؤسسة، محمد عبد العزيز بلقصير، إن جده كان خياطا في الخمسينيات، لتتجسد فكرته في “لمسات” التي تطورت منذ 1994، حيث تحاول أن تحافظ على التقاليد والتاريخ من خلال طريقة تصميم الأفرشة والأثاث، وكذا تحضير كل مستلزمات ديكور تقليدي.
وأوضح أن الديكور المشارك به في المعرض سمي “المنصورة” التي تقع في تلمسان، وهذا لتوفره على أثاث خشبي به أقواس، حيث تتواجد المؤسسة في ولاية البليدة وشاركت في تصميم عدة ديكورات لقنوات تلفزيونية خاصة وعمومية.
ومن جهتها، قالت سامية كودري، مختصة إعلامية في شركة “لاليتري بارفات”، الكائن مقرها بالأربعاء البليدة، إن الشركة تضم 40 عاملا، وقد نجحت في إنتاج أفرشة وأغلفة لتزيين وتجهيز الفنادق الجزائرية، والإقامات الجامعية، حيث تعمل دائما على إبقاء تلك اللمسة التقليدية في بعض الأغطية والوسادات والأفرشة المبطنة، لكي تساهم في نشر التراث والحفاظ على الموروث الجزائري.
والتمست محدثتنا من السلطات المسؤولة، توفير الوعاء العقاري، لكي تتوسع الشركة، وتتيح فرص تشغيل 100 شخص، وبهدف تشجيع الإنتاج المحلي، مشيرة إلى أن المؤسسة يمتد عمرها إلى أكثر من 10 سنوات.
وأما شركة “عالم الراحة” التي بدأ نشاطها سنة 1980، فتمكّنت، بحسب ممثل جناحها في معرض الإنتاج الجزائري، من اجتياح المستشفيات والعيادات، والإقامات في الصحراء بأفرشتها، ومستلزماتها الطبية، حيث تخصصت في كل أنواع الإسفنج والأفرشة الطبية والعادية وأثاث الصالونات، وألبسة الأطباء، وهي تحضر للمشاركة في معارض خارج الوطن تمهيدا لخوض عملية التصدير.
وأكثر ما يميز شركة “عالم الراحة”، هو صناعة ما يسمى “ماطلا لوكس”، التي يقبل عليها الأثرياء، حيث تنتج 1000 “ماطلا” يوميا من بينها تلك المميزة التي يتم التركيز فيها على الكثافة العالية.
وتعتبر شركة “سيمو ديكو” الواقعة بسيدي راشد ولاية تيبازة، بين المصانع التي لها تاريخ طويل في الجزائر، حيث تمكنت من الحفاظ على لمسة خاصة ومميزة وتتعلق بموديلات لكراسي وطاولات، وأسرة، وأثاث من أفكار جزائرية، تعود إلى قبل 1975.
وأوضحت ممثلة الشركة، ووالدة مسيّرها، السيدة كاملة مازيني، أن والدها هو من كان يقوم بتصميم الموديلات، وأن ابنها نسيم وهو المسير الحالي، طورها وحافظ على اللمسة التقليدية، حيث تنتج الشركة 1200 صنف من عتاد المستشفيات والمصانع، والمنازل من الخشب والبلاستيك، وتصدّر بعض منتجاتها إلى دبي وفرنسا والسينغال.
وتميزت بعض الأدوات الخشبية منها التي تستعمل في المطبخ، التي عرضت في جناح خاص بلمسة مميزة، حيث أكد الشاب محمد إسلام غرابسي، أنها صنعت بطريقة يدوية ومن دون مواد كيماوية، حيث خاضت عائلته هذه التجربة، ويمكنها أن توفر يوميا 1000 قطعة تحت الطلب، وهذه الصناعات تضاف إلى المنتج الجزائري المحلي الذي يجمع بين الموروث والمنافسة في السوق لتطوير الاقتصاد.
الصناعات الغذائية والتغليف سوق واعدة
وحظي فضاء الصناعات الغذائية والتغليف بإقبال واسع من طرف زبائن المعرض، حيث ضم أكثر من 100 عارض، وهنا تنافست الشركات على إبراز أحدث منتجاتها، سواء من خلال السماح بالتذوق أو إعطاء عينات لموادها لبعض الزوار.
وقالت آمال راجي، مساعدة تجارية في شركة “غلاكسي”، إن عمليات إعادة التدوير الورق، سمح بتوفير هذه المادة الأولية وزيادة الإنتاج.
وأفادت بأن الورق الحراري، من أهم منتجاتها وهو الورق الذي يستعمل في البنوك، إلى جانب ورق الكومبيوتر، حيث تقوم الشركة بالتوزيع عبر التراب الوطني، وقد خاضت تجربة للتصدير نحو تونس منذ 2019.
وتملك الشركة التي مقرها ببئر توتة، فرعين، واحد في غرداية والآخر في أم بواقي.
وتحاول بعض الشركات أن تجد في تغليف وتعبئة المواد الغذائية في الأكياس، وبحسب أوزان وأحجام مختلفة، فرصة لترك بصمة في السوق الجزائرية، على غرار شركة “مهدي فود إنترناسيونال” الكائن مقرها ببومرداس، حيث أكد مسيرها محمد نجيب صادق، أن ديوان الحبوب الجافة يبيع للشركة هذه المواد الغذائية بأسعار أقل، ما يساعدها في النشاط وتغليف وتعبئة كميات كبيرة في أكياس وعلب تختلف في الشكل والأوزان لتباع في حلة جميلة للمستهلك الجزائري.
ومن جانبه، أوضح أكرم حواس، الممثل التجاري لشركة “حواس”، أن اختيار نوعية البلاستيك والمادة التي تصنع منها أكياس التغليف والتعبئة من الأولويات الحفاظ على صحة الزبون وكيل ثقته، حيث إن الحبوب الجافة كالأرز مثلا يستورد من الهند ودول أخرى مع التركيز على النوعية الجيدة، وخير دليل أن أرز الوسام الذي تسوقه الشركة، بحسبه، يلقى رواجا واسعا في السوق.
وفي ذات السياق، يرى مستشار شركة “عمور”، عمر بن سعدي، أن زيادة انتاج العجائن المعلبة، يتوقف على زيادة المادة الأولية المدعمة المتمثلة في دقيق القمح اللين والصلب، حيث تركز الشركة بحسبه، على ضمان الجودة والنوعية.
وقال أحمد حمدان، مسؤول المبيعات لجهة الوسط بشركة “سوسومي”، الكائن مقرها ببني مراد بالبليدة، إن هذه الأخيرة تسعى للتعريف بالكسكس الجزائري، وبثمن مناسب للمستهلك، كما ستوفر في السوق بعد 15 يوما، منتوج جديد من العجائن، مشيرا إلى أن الإنتاج اليومي للشركة يتمثل في 450 طن يوميا من العجائن.
وتنوعت الصناعات الغذائية بين العجائن والأجبان والبسكويت، والعصائر، والشكولاطة، وتعليب التونة، والقهوة، والسكر، وإنتاج “الكاشير”، والشكولاطة ومواد صناعة الحلويات، والعسل، والزيوت، والألبان، حيث كل شركة تحاول أن تتميز عن الأخرى.
وتلتزم شركة “شوكو دادا”، باستخدام مكونات عالية الجودة، حيث صنعت منتجات جديدة للمعرض، وهي أقراص الشكولاكة، التي تتكون من خمسة أذواق، بينها البيضاء بالحليب تحتوي نسبة 70 بالمائة من الكاكاو، وشكولاطة “تيرا” داكنة نسبة 65 بالمائة من كاكاو.
صناعات تفرضها المشاريع الكبرى وأخرى تفرضها التكنولوجيا
ومن بين المؤسسات الجزائرية المشاركة في معرض الإنتاج الجزائري، من تحاول أن توفر مواد البناء والحديد والعتاد لاستكمال مشاريع سكنية أو مشاريع الطرقات والإنجازات الكبرى، والميكانيك، على غرار مجمع “سوناريم”، الذي يخوض رهانات رفع عدد المواد المنجمية،، حيث أكد مدير الاستغلال بالمجمع، محمد الرشيد بن زيان، على ضرورة رفع التحدي لاستغلال “غارا جبيلات”، والاستفادة من كميات الحديد.
وكما شارك في المعرض، مركب الحديد والصلب “توسيالي” الكائن مقره بوهران، حيث كان هناك اهتمام كبير من طرف الزوار الذين قصدوا جناح القصبة “سي”، للتعرف على أضخم الصناعات في الجزائر.
وإلى جانب ذلك، أكد بعض المتعاملين الاقتصاديين، أن المعرض، أتاح فرصة البحث عن شركاء لاستثماراتهم حتى في مجالات الصناعات كالحديد والصلب، وشد انتباههم تواجد المؤسسة الرائدة في الأشغال السككية، وهي المؤسسة العمومية الاقتصادية لإنجاز الهياكل الأساسية للسكة الحديدية “أنفرافير”، التي تسارع الزمن لإنجاز مشاريع موكل لها من طرف الدولة، والشروع في تنفيذ المشروع الضخم، بشار تندوف، المتعلق بـ”غارا جبيلات”.
وإلى جانب ذلك، أنعشت بعض الشركات إنتاجها في ظل توزيع المشاريع السكنية بمختلف صيغها، فشركة “التكاثر”، الكائن مقرها بسيدي موسى بالعاصمة، اختصت في صناعة الأبواب المحشوة بالصوف الصخري، وهذا بعد استفادة عمالها من خبرة تركية في هذا المجال.
وفي السياق، قال المسؤول التجاري بالشركة، فيصل جوامع، إن صناعة الأبواب الراقية، تطورت في الجزائر، بعد أن كان استيرادها من الصين ومن تركيا، حيث تتميز بالصلابة والصوف الصخرية العازل، والحديد والإكسسوارات، وتتراوح أسعار هذه الأبواب بين 3 ملايين ونصف مليون إلى قرابة الـ9 ملايين سنتيم.
وكانت الصناعات الكهرومنزلية والإلكترونية، موجودة بكثرة في معرض الإنتاج الجزائري، على غرار شركة “ماكستور إلكترونيك”، التي استقطبت الزوار من خلال “طومبولا”، يمكن للفائزين فيها الاستفادة من أحد منتجاتها، المتمثلة في طباخات وأجهزة كهرومنزلية، وأجهزة تلفزيون.
وقال مدير التموين بمؤسسة “جيون إلكترونيك”، موسى تيرانتي، إن للمؤسسة مجمعات صناعية، حيث يمكنها الرفع من قدرة الإنتاج، مشيرا إلى أن العمل جار على أن يكون المنتج النهائي جزائريا 100 بالمائة، حيث تلجأ المؤسسة للاستيراد فقط في حال عدم وجود مدخلات الإنتاج في السوق المحلية.
ومن جانبه، أكد مسؤول الاتصال علامة “ستريم” المتخصصة في الصناعات الإلكترونية، شمس الدين بن عمران، أن المؤسسة تركّز أكثر على صناعة أجهزة التلفاز، وأن نسبة الإدماج بالمؤسسة وصلت إلى 40 بالمائة، قائلا إن المؤسسة تمكّنت من اقتحام الأسواق الأوروبية حيث تواجدت في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا، جودة منتجاتها.
شركات ناشئة تجتاح الأسواق الجزائرية
وشاركت في المعرض بعض المؤسسات والشركات الخاصة التي حاولت أن تجعل من منتجها بديلا للمنتج المستورد، وتوفير مواد وسلع لطالما كانت الأسواق المحلية تعاني من ندرتها، حيث ارتأت شركة مصطفاوي “ترندينغ” الكائن مقرها بسطيف، أن تتخصص في صناعة “الرادياتور” الخاص بالمباني، وبجودة وضوابط عالمية.
وقال الممثل التجاري للشركة، عبد النور عبد المالك، إن النشاط بدأ منذ سنتين، ويشمل إنتاج أنابيب الغاز، والخزانات البلاستيكية، ذات الطبقات المتعدّدة، والمدافئ، وبعض مستلزمات المباني الخاصة بالتجهيز الكهربائي والغاز والماء.
وأوضح أن بعض المتعاملين يشترون منتجاتهم على غرار “الرادياتور”، ويقومون بتصديرها للخارج، مؤكدا أن هذه الأخيرة تتميز بضوابط عالمية، حيث تم أخذ الخبرة من ألمانيين.
ومن جهته، أكد حسام الدين قادري، ممثل شركة “قادري” الملقبة باسم “بريكس”، الكائن مقرها ببرج بوعريريج، أن السوق الجزائرية كانت تعاني كثيرا من نقص قطع غيار المركبات، ولهذا، تم التفكير في صنع وسادات فرامل السيارات، كمنتج محلي بضوابط عالمية، وضمانات، وقال إن الشركة فتية أنشئت مع بداية 2023.
وأشار إلى أن تلف وسادات الفرامل يعود إلى نقص المادة الأولية في مكوناتها، حيث تم تكوين العاملين في شركته من طرف ألمانيين، الذين يعتمدون على صنع هذه الوسادات من مادة السراميك.
وتوافد الكثير من أصحاب المركبات على جناح شركة “فابكوم باتري”، المختصة في صناعة البطاريات، حيث بدأت نشاطها منذ 2015، بعين مليلة أم البواقي، وهي تقدم ضمانات لزبائنها، وتوفر بطاريات للكثير من أصناف السيارات، حيث لديها نقاط بيع عبر أغلب ولايات الوطن.
وتخصصت شركة “ديمال” في مجال الطاقة والكهرباء، حيث تنتج مصابيح الإنارة واللوحات الشمسية، فحسب المسؤول التجاري، إبراهيم عمارة، هذه الصناعات ستغني مستقبلا عن نسبة كبيرة من استيراد مثل هذه اللوازم.
وأكد أن نسبة الإدماج بمؤسسة “ديمال” وصلت إلى 50 بالمائة، وهو تحدّ تقوم به المؤسسة لبلوغ مستوى عالمي.
ومن بين الصناعات التي ستسد احتياجات السوق الجزائرية، صناعة الدراجات النارية، حيث قال عبد الكريم بلقيدوم، مهندس بشركة “سيم ألجيريا هام موتورز”، إن عمليات توسعة المصنع المتواجد بعين أزال سطيف، سيتيح رفع مستوى الإنتاج بعد إدراج ورشات القطع البلاستيكية والدهن.
ورفعت شركة “جومي إندوستري” لصناعة المتاجر الثابتة والمتحركة، شعار “مواد أولية وسواعد جزائرية”، حيث عرضت دراجات نارية تحمل مبردات صغيرة ومتاجر متنقلة، شدت إليها زبائن معرض الإنتاج الجزائري، ويأتي اهتمامها بهذا النوع من الصناعات بعد انتشار التجارة المتنقلة والبيع الإلكتروني.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس