أفريقيا برس – الجزائر. يُجمع فلاحو ولايات عنابة والطارف وسكيكدة، وغيرها من الولايات الشمالية، على أن الإنتاج، الذي عرفته كل أصناف الحمضيات، بما فيها ذات الجودة العالية، هذا الموسم، تاريخي، من حيث الكمية والنوعية، وفاق كل التوقعات، وفرض على المنتجين والتجار، الاكتفاء بأسعار متدنية، بعد سنوات من الغلاء، الذي عرفه البرتقال بكل أصنافه، على وجه الخصوص، وحتى الليمون الذي بلغ في بعض المواسم، سعر الألف دينار جزائري للكيلوغرام الواحد وصار في غير المتناول.
يقول رشيد غريب، وهو مهندس فلاحي، بأن الحمضيات تعرف توسعا كبيرا في السنوات الأخيرة، بعد أن دخلت محيطات جديدة حيّز الإنتاج، فضلا عن محيطات البساتين القديمة، وعملية إعادة تجديد البساتين والأشجار التي شاخت، وبعضها يعود إلى العهد الاستعماري، قد بلغت مرحلة متقدمة بكل من سهول متيجة ومعسكر وغليزان وسكيكدة وعنابة والطارف، وهي التي مكّنت من رفع الإنتاج الوطني من الحمضيات، بشكل لافت صار أشبه بالظاهرة، ويُعلن عن رخاء في مختلف أنواع الفواكه في الأشهر القليلة القادمة بدءا بحمضيات الشتاء ووصولا إلى الفواكه الصيفية.
والملاحظة الطاغية في الفترة الأخيرة، هي اهتمام واسع من قبل المستثمرين، في قطاع الفلاحة بالأشجار المثمرة، بشكل عام وأشجار الحمضيات بشكل خاص، مع دخول أصناف عدة وأخرى، هجينة تعطي مردودية كبيرة، مكّن من إنتاج قياسي، يمكن ملاحظته في كل الأسواق وشاحنات البيع.
التصدير هو الحل
ويرى الفلاحون بأن النتيجة الرائعة والتي فاجأتهم، كانت بسبب الزراعة المكثفة واستعمال السقي بالتقطير، مع ما شعروا به من التشجيع على الاستثمار في هذا الجانب، من قبل السلطات، عبر وزارة الفلاحة، التي صارت ترصد سنويا دعما كبيرا للاستثمار في التشجير بشكل عام، ساهم في الإقبال على شعبة الحمضيات كغيرها من الأشجار المثمرة، باستثناء التفاح، الذي يتطلب تضاريس ومناخا خاصين، لا يوجدان سوى في منطقة الأوراس.
الإنتاج الكبير الحالي، تسبب في تراجع الأسعار، حيث يباع هذه الأيام في حقول ولاية سكيكدة، الليمون، بسعر 40 دج، وهو رقم لم يصله منذ عقدين أو أكثر، كما تباع اليوسفي والبرتقال من نوع “الكيلمونتين” الجزائرية الأصل، و”الطومسون” بأقل من 60 دج في الحقول، وهي أسعار يقول الفلاحون بأنها لا تخدمهم إطلاقا، لأن الاستثمار في شعبة الأشجار المثمرة يتطلب إمكانيات كبيرة، منها تجهيز وتسييج وتشجير البساتين وتوفير مصادر مياه دائمة للسقي، مع وضع شبكات السقي، ما يستدعي وبإلحاح، البحث عن أسواق بديلة مستقبلا، قصد ضمان استمرار الفلاح من خلال ضمان تسويق منتجاته، بالتصدير والتصنيع.
وقد عرف سوق البوني للجملة، في ولاية عنابة منذ أسابيع بيع برتقال “الطومسون” دون المئة دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، وكان في الموسم الماضي في نفس التوقيت قد سوّقها بمبلغ 250 دج، بحسب نورين بادي، أحد رواد هذه السوق، التي تتسلح بالحمضيات من حقول منطقة الذرعان بولاية الطارف، التي توصف بالرائدة في هذه الشعبة، ومن المحتمل أن تستقر الأسعار بحسبه إلى غاية بدايات شهر فيفري، القادم، مع بلوغ ذروة الإنتاج، ومن المحتمل أن تبقى أسعار البرتقال في شهر رمضان في متناول المواطنين.
مليون شجرة برتقال جديدة في إقليم واحد
يقول المستثمر الفلاحي ياسين سعداوي، بأن هناك توجها للاستثمار في زراعة الأشجار المثمرة في إقليم بن عزوز بولاية سكيكدة على سبيل المثال، حيث تم فيها زراعة مليون شجرة في هذا الإقليم فقط، وهو رقم مهم يمكن ضربه في المئات وربما في الآلاف في بقية أقاليم الحمضيات عل المستوى الوطني، والبرنامج في توسع كبير، لاسيما مع برنامج الرئيس عبد المجيد تبون، الذي مكّن من ربط المستثمرات الفلاحية بالكهرباء، والتوجه نحو الزراعة المكثفة، والسقي بالتقطير، وإنجاز الأحواض المائية التي توسّعت بشكل لافت أمام الدعم المخصّص لإقامة ما يسمى بـ”الجيومومبران” الموجّه لسقي وتربية المائيات.
وقال المعني بأن توسّع شعبة الأشجار المثمرة، يتطلب مستقبلا البحث عن أسواق بديلة دون السوق الوطنية، التي ستعرف تشبعا كبيرا، بمختلف المنتجات الفلاحية خاصة الفواكه، وهناك طلبات قديمة وجديدة من فرنسا على وجه الخصوص.
فالجزائر تحتل قبل فائض هذه السنة، في الحمضيات الرتبة العشرين عالميا، فالمراتب الأولى حاليا لصالح الصين والبرازيل والهند والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، كما تتفوق عليها بلدان متوسطية مثل إسبانيا ومصر وتركيا، وكان إنتاج الجزائر، منذ سنتين قد بلغ، حوالي مليونا و200 ألف طن في السنة، وهو قابل للتضاعف، بسهولة، وقد تتحول الجزائر إلى مراكز متقدة عالميا إن تواصل الإنتاج في تصاعده وضمن الفلاح تسويق منتجاته من دون الشعور أو تحسس الخسارة مع الأسعار الحالية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس