معركة ساخنة حول “المضاربة على قوت الجزائريين”

8
معركة ساخنة حول
معركة ساخنة حول "المضاربة على قوت الجزائريين"

حمزة كحال

أفريقيا برس – الجزائر. عاد السجال والجدال في الجزائر ليتجدد حول قانون مكافحة المضاربة، وذلك بالموازاة مع ندرة بعض المواد الغذائية وارتفاع أسعار الخضر والفواكه في مقدمتها البصل.

ففي وقت ينتقد فيه التجار “التعسف” في استعمال القانون، تدافع الحكومة الجزائرية بقوة عن القانون بحجة حماية “قوت الجزائريين”.

في أسواق الجزائر العاصمة، لا حديث إلا عن انفلات الأسعار وتضاعفها، في ظل تراجع العرض خاصة ما تعلق بالمواد واسعة الاستهلاك كالخضر وبعض المواد الغذائية.

اختلال السلسلة التجارية

تتقاطع تحليلات التجار سواء في أسواق الجملة أو التجزئة في نقطة واحدة، وهي اختلال السلسلة التجارية بفعل امتناع كبار التجار وحتى الصغار منهم عن تخزين السلع في المستودعات، خوفا من الوقوع في جريمة المضاربة غير الشرعية التي يعاقب عليها القانون بين 10 سنوات سجنا إلى المؤبد.

وفي هذا الصدد، يقول التاجر عمار من سوق الجملة “الرافيقو” للخضر والفواكه في الضاحية الجنوبية للعاصمة إن “الفلاحين والوسطاء باتوا يتخوفون من تخزين الخضر والفواكه، ويفضلون بيعها مباشرة، تفاديا للوقوع في جريمة المضاربة، بالرغم من وجود بعض الأنواع من الخضر والفواكه التي تحتاج إلى فترة تخزين حتى تكتمل فترة نموها، وهذا التخوف أثر على سلسلة الانتاج والتوزيع”.

وأضاف نفس المتحدث أن “أسعار البصل مثلا قفزت من 90 إلى 250 دينارا في ظرف قصير بفعل تراجع الإنتاج، الذي كان سببه تحويل كبار المنتجين نشاطهم نحو الفواكه، بعد سجن العديد منهم بتهمة المضاربة، مع العلم أن البصل يحتاج من أسبوع إلى أسبوعين تخزين حتى يجفّ من رطوبة الأرض والتربة، لهذا على الحكومة ألا تتعسف في تطبيق القانون، لأن الأسواق تتأثر على المديين المتوسط والطويل”.

عقوبات مشدّدة على المضاربين

وكانت الحكومة الجزائرية قد سنت مطلع 2022 قانونا يجرم المضاربة، ويعاقب عليها بالحبس من 3 سنوات إلى 10 سنوات، وإذا وقعت أفعال المضاربة على الحبوب ومشتقاتها أو البقول الجافة أو الحليب أو الخضر أو الفواكه أو الزيت أو السكر أو القهوة أو مواد الوقود أو المواد الصيدلانية، فإن العقوبة تكون الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة.

وحسب القانون، ترتفع العقوبات في حالة ارتكاب المضاربة في المواد المذكورة سابقا، في الحالات الاستثنائية أو عند ظهور أزمة صحية طارئة أو تفّشي وباء أو وقوع كارثة، إلى السجن من 20 سنة إلى 30 سنة، أّما في حالات ارتكاب الأفعال في نفس المواد من طرف جماعة إجرامية منظمة، فإن العقوبة تكون السجن المؤبد.

وانتقل الجدال حول قانون المضاربة إلى قبة البرلمان، إذ وجه النواب مساءلة لوزير العدل عبد الرشيد طبي، حول “التعسف” و”الإفراط” في استخدام قانون المضاربة، وفي المقابل، دافع الوزير بكشف حالات مضاربة تم إجهاضها بكميات كبيرة، مضيفا أن حماية “قوت الجزائريين” ستكون بالتطبيق الصارم للقانون.

ويعاني الشارع الجزائري من موجات غلاء طاولت مختلف السلع. وفي هذا الصدد أكد صندوق النقد الدولي، على ضرورة تفادي عدم استقرار توقعات التضخم المرتفع في الجزائر، عبر تشديد السياسة النقدية من دون تأخير.

وقال الصندوق في تقرير صدر في شهر فبراير/ شباط الماضي، إن ارتفاع سعر صرف الدينار مؤخرا أمام العملات الأجنبية، لا يمكن أن يكون بديلا عن التشديد اللازم للسياسة النقدية. وساهم تهاوي العملة المحلية في زيادة أسعار معظم السلع والخدمات.

نقص السلع

من جانبه، يقول رئيس الجمعية الجزائرية للتجار الحاج طاهر بلنوار إن “القانون ساهم بشكل كبير في الحد من العديد من الممارسات غير الأخلاقية التي أضرت بالسوق المحلية في وقت سابق، لكنه أثار مشكلا أضحى يؤثر سلبا على السوق المحلية.

وأكد بولنوار أن “أغلب التجار صاروا مرغمين على التزود بكميات قليلة من مختلف المواد المطلوبة حتى يكونوا في منأى عن أية شبهة لدى الجهات المكلفة بالرقابة والمتابعة الميدانية، هذا ما يفسر غياب بعض المواد المطلوبة في السوق ببعض المناطق، خاصة تلك المدعمة من طرف الدولة، وكذا ارتفاع أسعار الخضر والفواكه”.

ودخلت منظمة حماية المستهلك على خط الأزمة، حيث أكد رئيسها مصطفى زبدي أن “المنظمة أبدت استعدادها الكامل، للتعاون والمساهمة مع مختلف القطاعات التنفيذية في تشخيص مواقع الخلل داخل السوق وكذا تقديم المقترحات العملية لتعزيز استقرار السوق”.

وأضاف رئيس منظمة حماية المستهلك: “نحن تتابع بقلق واهتمام كبيرين تطورات السوق، وتكرر التذبذب في توزيع بعض المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، ما انعكس سلبا على المستهلك ماديا ومعنويا وتجلى الأمر في العدد اللامتناهي من الشكاوى التي تصل للمنظمة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here