أفريقيا برس – الجزائر. تحافظ الأسواق الشعبية، ومنها ذات العراقة والصيت الوطني، مثل تاجنانت في ولاية ميلة والخروب في ولاية قسنطينة، على منح مساحة واسعة من السوق لتجار الألبسة المستعملة المعروفة باسم “الشيفون”، والتي يتضاعف عملها ويزيد عليها الإقبال قبيل العيدين والمناسبات المختلفة، وخاصة عيد الفطر المبارك.
ففي ولاية قسنطينة، مثلا، توجد ثلاثة أسواق شعبية كبرى، في الخروب في يوم الجمعة، وعين السمارة في يوم الاثنين وحامة بوزيان في يومي الأربعاء والجمعة، وجميعها تضم سوقا جانبيا للألبسة المستعملة، التي يتوجه إليها عامة الناس بمن فيهم ميسوري الحال، بحثا عن قطع قماش أو أحذية جلدية نادرة، على حد تعبيرهم.
يقول التاجر فاطمي الربيع، وهو من منطقة الشريعة بولاية تبسة، وينقل أسبوعيا بضاعته إلى سوق حامة بوزيان، بأن سوق “الشيفون” انتهى، منذ أن منعت الدولة استيراده بطريقة قانونية في سنة 2015، حيث كان هناك ما لا يقل عن خمسة وأربعين مصنعا كبيرا في ولاية تبسة، تشغل المئات من الشباب والشابات، يقومون بتوضيب الألبسة بأنواعها وتنظيمها وترتيبها، وأيضا تطهيرها ومعاودة وضعها في رزم بطريقة منظمة، كأن تضع الألبسة الصيفية أو الشتوية مع بعضها، والخاصة بالأطفال، وهكذا، قبل تحويلها إلى عمق الأسواق الداخلية للوطن، ولكن منذ أن تقرر منع استيراد “الشيفون” منذ حوالي عشر سنوات، وأغلقت كل مصانع توضيبها أبوابها في ولايتي تبسة وسوق أهراس، صار اعتماد الأسواق على مصادر مختلفة، منها ما تجود به السوق من الداخل من بضاعة، يبيعها أصحابها سواء لقدمها أو ربما لكسب المال، وأحيانا من أجل التخلص منها فقط.
فاختلف منظر سوق “الشيفون” ما بين السابق والحاضر، من بضاعة في الرزم، إلى تناثرها على طاولات عملاقة، يتجمع من حولها الزبائن، وحتى الفضوليون، فقلّ في كميته ونوعيته أيضا.
وتؤشرمراكز السجل التجاري في مختلف الولايات بالسماح ببيع الألبسة المستعملة، وهناك محلات كثيرة اختصت في هذه التجارة، ومنها محل في الوحدة الجوارية السابعة بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، حيث أدهشتنا الأسعار المرتفعة للبضاعة، خاصة الأحذية الرياضية التي وصل بعضها إلى سعر 5 ملايين سنتيم، ويشرح صاحب المحل: “لقد تخصصت في بيع ما هو مستعمل، ولكن في حالة جيّدة جدا، من أشهر الماركات العالمية، وخاصة الرياضية وما نقول عنه “حرّ”، ومثل هذه الأحذية عندما تكون جديدة لا يقل ثمنها عن 2500 أورو، وتباع هنا بسعر أراه مقبولا، ولمن أراد ماركات مزوّرة أو غير معروفة، فإن محلات “الشيفون” وأسواقه موجودة في كل مكان”.
يبقى الإشكال الذي رفضت مديرية التجارة التعليق عليه، هو كيفية مراقبة أسعار الألبسة المستعملة، في غياب فواتير الشراء، وجهل مصدرها، ويقال بأن بعضها يتم التحصل عليه بالمجان، من أناس فقدوا عزيزهم فتخلوا عن لباسه، وقد يكون المتوفى من عشّاق الأناقة واللباس الفاخر.
عدنا إلى الأسواق الشعبية، حيث مازال الزبائن والزبونات يتجوّلون في سوق الألبسة المستعملة على استحياء، ووجدنا صعوبة في أخذ رأي أي منهم، باستثناء شاب من مدينة عين مليلة بولاية أم البواقي، قال بأنه لا يعاني من الفقر، ولكنه يجد أحيانا قطعا من الألبسة في أسواق “الشيفون” لا يمكن أن يجدها في مكان آخر، وهو لا يشتري من أسواق “الشيفون” البذلات أو المعاطف، وإنما الألبسة الخفيفة التي يستعملها كثيرا خاصة الربيعية والصيفية من أحذية وأقمصة.
وهنا يعود تاجر ولاية تبسة، الربيع فاطمي، ليقدم لنا ما كان يحدث سابقا: “اللباس المستعمل موجود في كل بلاد العالم، وحتى في عواصم البلدان المتقدمة، وقد اشتهر في مدينة تبسة منذ سنوات تاجر لا يبيع إلا الألبسة الفاخرة، وبعضها كان ملكا لمشاهير في العالم، يرتدونها لسهرة واحدة أو لنهاية الأسبوع ويتخلون عنها، وكان زبائنه من رجالات المال والأعمال وهناك من احتفل بعرسه ببذلة فاخرة جدا أدهشت الحضور، وهي في الأصل مستعملة”.
مواطنون وأمهات بالخصوص يشترين الأحذية الرياضية لأبنائهن، ما دام مصيرها قذف الكرة والتمزيق، ومع ارتفاع درجة الحرارة، واقتراب العطلة الصيفية، يستهلك الأبناء في اللعب الكثير من الألبسة والأحذية، فالأحسن استعمال ما هو مستعمل، بدلا عن الجديد، بحسب ما قاله التاجر الربيع على لسان النسوة اللائي يشترين منه لباس الأطفال.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس