من هم الذين اتهمهم الرئيس تبون بالتآمر على الجزائر؟

23

اتفق رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والوزير الأول عبد العزيز جراد، على وجود تهديدات، تقف خلفها “قوى الشر”، تستهدف ضرب استقرار البلاد، واستمرار السلطات الراهنة، التي أفرزتها نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

رئيس الجمهورية اقترب كثيرا من تحديد الجهة التي استهدفها بهجومه، عندما تحدث عما وصفها “الثورة المضادة”، وهو توصيف عادة ما يشير إلى القوى التي تعمل من أجل العودة إلى الوضع الذي سبق الثورة، علما أن البلاد دخلت مرحلة جديدة منذ ثورة 22 فبراير 2019.

وقال الرئيس تبون: “هناك من لا يساعده الاستقرار ويريد العودة. لكن هيهات، هذا حلم. القطار انطلق ولن يوقفه أحد.. الشعب الجزائري انتفض وإرادته هي العليا، لأنها من إرادة الله التي لا تقهر”. كما تحدث أيضا عن “متواطئين مازالوا يتطلعون إلى إثارة الفوضى”. واضح إذن، الرئيس هنا يشير إلى “أزلام” النظام السابق وبعض أذيالهم، الذين أطاح بهم “الحراك الشعبي”.

لكن كلام الوزير الأول لم يكن أقل دقة في استهداف ما كان يقصده الرئيس، عندما قال إن “البيروقراطية التي عششت في الإدارة، لا تريد التغيير الذي وعد به الرئيس وينتظره عموم الجزائريين.. وإن البيروقراطيين يعرقلون جهود الرئيس وعمل الحكومة، والكوادر على المستوى المحلي”.

خطورة “المؤامرة” تتمثل في كون أن دواليب الدولة كانت شبه متوقفة، لأن نسبة تنفيذ التوجيهات لم تتعد ما بين 10 و20 بالمائة على الأكثر، ولم تصل حتى الخمسين بالمائة وفق ما صدر عن الوزير الأول، على الأقل.

كلام الرئيس عن المؤامرة غلب عليه الطابع السياسي وهذا أمر طبيعي، أما توصيف وزيره الأول فقد كان تكنوقراطيا أفرزته طبيعة عمله، لكنهما يتفقان في نتيجة واحدة، وهي أن من يقف خلف هذه “المؤامرة”، كان يستهدف خلق حالة من عدم الثقة بين الدولة والمواطن، من أجل دفع الأوضاع نحو التعفين، حتى تتجمع شروط الانفجار، التي كانت سببا في اندلاع الحراك الشعبي على النظام السابق.

والسؤال هنا، هو: من يقف خلف “المؤامرة”؟

الإشارة في كلام كل من الرئيس تبون وجراد، تتوجه مباشرة نحو من كانت ممارساتهم سببا في الثورة على نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أو هكذا فهم الجميع. لكن رموز “النظام البائد” من سياسيين ورجال مال فاسد ووو.. يوجدون خلف القضبان، كل حسب موقعه في الجريمة.. فمن يحرك إذن خيوط المؤامرة؟

يجمع الكثير من المراقبين على أن رموز النظام السابق المعروفين والبارزين، تم الزج بهم في السجون، وهناك من فصلت العدالة العسكرية في أمرهم، وهناك من ينتظر، لكن الآلاف منهم لا يزالون مختبئين، يتقلدون مناصب حساسة في دواليب الدولة ومؤسساتها، وحتى خارج الدولة، من أصحاب المال الفاسد والمسيّس على المستوى المحلي، الذين لا يزالون يحنّون إلى النظام السابق، وهم لا يتورعون عن فعل كل ما يعتقدون أنه يقربهم من العودة إلى الظرف الذي كانوا فيه أسيادا..

السلطات الحالية تفطنت لهذه “المؤامرة”، وقد شرعت في التصدي لها حتى قبل الإعلان عنها، وذلك في أعقاب تسرب معلومات عن دفع نحو عشرة ملايين دولار لجماعات ضغط أمريكية، للدفاع عن علي حداد مالك مجمع الإنشاءات “أو تي آر آش بي”، المدان بـ 18 سنة حبسا نافذا في قضايا فساد مالي وسياسي.

ويصب في هذا الاعتقاد، تحويل رئيس منتدى رؤساء المؤسسات السابق، الذي يعتبر الذراع المالي لنظام بوتفليقة، من سجن الحراش إلى سجن تازولت في باتنة، ومحيي الدين طحكوت، الذي لا يقل الدور الذي كان يؤديه عن دور حداد، إلى سجن بابار بولاية خنشلة، وهو إجراء من شأنه أن يعزل هذان الرجلان عن نفوذهما خارج السجن.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here