الاستفتاء يعيد للمشهد السياسي حيويته

9

استعاد المشهد السياسي حيويته المفقودة منذ أشهر بفعل فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وقد جاء مشروع التعديل الدستوري المرتقب، ليحرك المياه الراكدة، ويبعث بإشارات هي عبارة عن مؤشرات بشأن طبيعة تشكل المرحلة المقبلة.

وكان المحرك الفعلي والحقيقي لهذا “الحراك السياسي” هو الاستفتاء حول الدستور في الفاتح من نوفمبر المقبل، وتمظهر ذلك من خلال المواقف التي عبرت عنها مختلف الأحزاب السياسية، التي انخرطت في هذا المسعى، إن بالإيجاب (التصويت بنعم أو لا) أو بالسلب من خلال إشهار ورقة المقاطعة، أو ترك الحرية للمناضلين في التصويت.

وساعدت التحولات السياسية الراهنة على عودة مؤسسات الأحزاب إلى النشاط بعد فترة ليست بالقصيرة من البطالة، وقد فرض ذلك حتمية الخروج بمواقف واضحة في التعاطي مع موعد الفاتح من الشهر المقبل، وهو ما حدث، حيث التأمت مجالس الشورى لبعض الأحزاب، واجتمعت هيئات قيادية لأحزاب أخرى، لكونها الجهة المخولة لاستصدار القرارات الهامة والحاسمة في القضايا الكبرى.

وكان اللافت في هذه التطورات، هو ترسّخ حالة من الانطباع لدى الكثير من المراقبين، بعودة المياه إلى مجاريها السابقة، ويمكن الوقوف على هذا من خلال موقفها من الدستور، فأحزاب التحالف الرئاسي سابقا، أبانت عن وفائها لتقاليدها المعهودة، فيما نأت أحزاب أخرى بنفسها عن الموعد وفضلت الانزواء بعيدا، وبقيت أخرى تتأرجح بين هذا وذاك.

وكشفت مواقف كل من حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحزب تجمع أمل الجزائر “تاج”، دعوة إلى دعم المشروع الدستوري والتصويت عليه بنعم، مذكرة الجميع بموقعها السابق، كأحزاب “وظيفية” وفق مصطلحات علم الاجتماع السياسي، في حين يبقى حزب عمارة بن يونس، “الحركة الشعبية”، غارقا في أزمته بعيدا عن دواليب اللعبة السياسية.

والتحق حزب جبهة المستقبل، الذي يقوده المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، عبد العزيز بلعيد، بركب التكتل السياسي الداعم للتعاطي الإيجابي مع مشروع الدستور، حاله حال بعض الأحزاب الصغيرة التي اعتادت الدوران في فلك السلطة، مثل حركة الإصلاح الوطني.فيما فضل ما يعرف بـ”القوى الوطنية للإصلاح”، والتي تضم مجموعة من الأحزاب أبرزها “جبهة التغيير” التي يقودها، عبد القادر بن قرينة، الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وحزب الفجر الجديد.. ترك الحرية لأنصارها في التعاطي مع الدستور المقبل.

ويتموقع في الجهة المقابلة الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية، وعلى رأسها حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية التي يرأسها الشيخ عبد الله جاب الله، وقد دعت مناضليها إلى التصويت بـ”لا” في الاستفتاء حول الدستور المقبل، وهو قرار ينقلها إلى المعارضة بعدما كانت في المنطقة الرمادية في الاستحقاق الرئاسي الأخير، حينما تركت الخيار لمناضليها.

ومثلما كان متوقعا، قررت أحزاب ما كان يعرف “البديل الديمقراطي” سابقا، والتي ضمت كلا من جبهة القوى الاشتراكية وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب العمال، الدعوة إلى مقاطعة الاستحقاق المقبل، وإن بحدة متفاوتة بين الأحزاب الثلاثة، التي رفضت الانخراط في مسعى ما بعد الحراك، لاعتبارات سياسية وإيديولوجية، بعدما فقدت كل نقاط الارتكاز التي كان تتكئ عليها في عهد النظام السابق.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here