الأحمديون في الجزائر.. عبادة في الظل خوفا من الملاحقات

9

تقدّم الجماعة الإسلامية الأحمدية نفسها على أنها مجموعة مسالمة تجديدية، لكن عموم المسلمين من سنّة وشيعة مجمعون على وصفها بالخروج عن الدين، مجبرين أفرادها في كثير من الأحيان على ممارسة معتقداتهم في الظل، كما هو الحال في الجزائر. ظهرت الجماعة الإسلامية الأحمدية في أواخر القرن الـ19 في شمال الهند، على يد مؤسسها ميرزا غلام أحمد.

وانتقلت إلى بلدان عدة منها دول عربية. في عام 2007 انتقلت الدعوة الأحمدية إلى الجزائر بفضل محطة تلفزيونية تبثّ أفكار الجماعة، صار من الممكن التقاطها في هذا البلد المغاربي عبر البث الفضائي، لكن أحدا هناك لم يكن مدركا لوجود هذه الجماعة إلى أن صبّ الإعلام المحليّ تركيزه وهجومه عليها اعتبارا من حزيران/يونيو 2016.

ومعظم الجزائريين مسلمون سُنّة على المذهب المالكي، والإسلام هو الدين الرسمي للدولة، لكن دستور البلاد يكفل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، شرط أن ينال مكان العبادة ترخيصا من السلطات. بيد أن الأحمديين في الجزائر لم يقدّموا طلبا لترخيص مسجدهم لاعتقادهم بأن السلطات لن تمنحه لهم. وفي الثاني من حزيران/يونيو 2017، أوقفت السلطات رئيس الأحمديين في الجزائر محمد فالي وهو تاجر في الـ44 من العمر، ومساعده، وداهمت منزليهما وصادرت جوازي سفرهما، بعدما طلبا من وزارة الداخلية ترخيصا لجمعية خيرية.

ومنذ ذلك الحين لاحقت السلطات 286 شخصا بينهم خمس نساء، تتراوح أعمارهم بين 20 و71 عاما، وفقا لفالي. وصدرت على الموقوفين أحكام تتراوح بين السجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ والسجن أربع سنوات مع النفاذ، ما عدا ثلاثة حكم عليهم بدفع غرامات. ويقول محاموهم إن العقوبات صدرت بموجب تهم تتعلق بمخالفات في قانون الجمعيات، لكنهم يؤكدون أن دافعها الحقيقي هو معتقدهم.

“خارجة عن الإسلام”

يشدد الأحمديون على أنهم مسلمون، يؤمنون مثل سائر المسلمين بنبوّة محمد ومن سبقوه من الأنبياء، والقرآن وما سبقه من كتب منزلة. لكن منظمة التعاون الإسلامي، والجزائر عضو فيها، قررت في 1973 اعتبار هذه الجماعة خارجة عن الإسلام.

يقدر عدد الأحمديون بـ 10 ملايين في العالم وفي الجزائر، يقول الأحمديون إن عددهم يربو على الألفين، وهم يعيشون حياتهم الإيمانية في الظل، ويجتمعون خلسة لدى بعضهم للصلاة، وليس لديهم أي مسجد أو مصلّى معترف به.

ويقول فالي الذي يسكن في مدينة تيبازة على بعد 80 كيلومترا غرب العاصمة إنه يستاء من الاتهامات التي تكال للأحمديين بالخروج عن الإسلام لا سيما من بعض وسائل الإعلام المحلية. ويرى رئيس الأحمديين أن ما تتعرض له الجماعة في الجزائر له خلفية سياسية ولا علاقة له بالدين، معتبرا أن جماعته تشكل تهديدا للفكر السلفي.

وتقول سيرين رائد من منظمة العفو الدولية إن الاتهامات التي تُكال للجماعة الأحمدية لا أساس لها، ولا تؤدي سوى لتغذية التعصّب الديني، داعية السلطات الجزائرية إلى حماية الأقليات والتعددية الدينية داخل الإسلام نفسه وخارجه. وتؤكد أن العداء الذي يلاقيه الأحمديون في الجزائر لا مثيل له في بلدان المغرب، إذ لم تتلق المنظمة أي إبلاغ عن انتهاك حرية الاعتقاد في المملكة المغربية أو تونس أو غيرها من دول المغرب العربي.

المصدر: أ ف ب

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here