تتوجه الأنظار في الجزائر نحو الجنوب، حيث من المرتقب أن يشهد مظاهرة حاشدة دعا إليها نشطاء حقوقيون في ولاية ورقلة، لتنظيم مسيرة مليونية في الـ 3 من نوفمبر القادم، احتجاجا على “غياب المشاريع التنموية، وما يصفه النشطاء بـ”تهميش السلطات لسكان الجنوب الجزائري”.
المبادرة يشرف على تنظيمها ما يعرف بـ “مجلس المجتمع المدني”، وتأتي أياما بعد احتجاجات شهدتها مدينة ورقلة، الواقعة في الجنوب.
ويقول العضو في مجلس المجتمع المدني بورقلة، رمضان مريزيق، إن “المليونية الجديدة تعبر عن استمرار الحراك الذي تعرفه المدينة منذ عدة أيام احتجاجا على الوضع الاجتماعي لسكانها”.
وأضاف في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، أن “جميع سكان مدينة وقلة يدركون جيدا أنهم لا يملكون نفس المزايا التي يتمتع بها مواطنون آخرون في مناطق مختلفة عبر البلاد”.
وتساءل المتحدث “نعيش على مقربة من آبار البترول التي تغذي الاقتصاد الوطني، لكننا لا نملك الحق في الشغل، ولا الصحة ولا السكن”.
وأفاد المصدر ذاته أن “منظمي هذه المسيرة أمهلوا السلطات المحلية حتى الأول من نوفمبر القادم من أجل الاستجابة للعديد من المطالب، على رأسها فتح مناصب عمل لـ 3 آلاف عاطل، وهي فرص الشغل الي ظلت مجمدة منذ سنوات”.
“دون تحقيق هذا المطلب سنكون مضطرين لتنظيم المليونية التي سيحضرها شباب من ولاية ورقلة وحدها” يستطرد المتحدث.
وتعتبر مدينة ورقلة من أكثر المناطق “سخونة” في الجنوب الجزائري، حيث شهدت العديد من الحركات الاحتجاجية، كما كانت عاصمة المظاهرات التي شهدتها الجزائر في السنوات الماضية، ضد مشروع استخراج الغاز الصخري.
ويبدي العديد من السياسيين والمسؤولين اهتماما كبيرا بما يجري في الجنوب الجزائري، على خلفية تصاعد غضب السكان، الذين يتهمون السلطات المركزية بـ “حرمانهم من العديد من المشاريع التنموية”.
ويقول الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، رابح لونيسي، إن منطقة الجنوب الجزائري تحولت فعلا إلى “شبه قنبلة موقوتة في الجزائر بالنظر إلى الأخطار الكبيرة التي أضحت تلوح من هناك”.
ويؤكد في تصريح لـ “أصوات مغاربية”، أن “المطالب التي يرفعها سكان مدينة ورقلة ومدن أخرى تقع في الجنوب الجزائري شرعية، وتعكس التهميش الكبير الذي يعاني منه سكان هذه الجهة”.
لكن المصدر ذاته يستدرك “لكن القول بوجود تهميش يستهدف الجنوب لوحده دون مناطق الجزائر هو تفكير خاطئ، لأن أغلب مناطق الوطن تعاني من نفس الوضعية”.
“في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، كانت الحكومة تعتمد على سياسة التوازن الجهوي في إعداد وتوزيع البرامج التنموية، لكن كل ذلك زال، بسياسات خاطئة ارتكبتها الحكومات التي تعاقبت على تسيير شؤون البلاد”.
ويحذر لونيسي من محاولات “الجماعات الإرهابية الاستثمار في الوضع الاجتماعي لسكان الجنوب، من خلال مخطط يهدف إلى السيطرة على المناطق التي يتواجد بها البترول”.
ويرى المحلل السياسي أنه “لا حل لمشكل الجنوب الجزائري سوى باعتماد سياسة التوزيع العادل لثروات البلاد، وعدم حصر الانتفاع منها في مجموعة أو جهة معينة”.
أما القيادي في حزب التحرير الوطني، والوزير السابق، الهادي خالدي، فيؤكد أن “عودة الاحتجاجات إلى الجنوب الجزائري بهذه الكثافة له خلفيات سياسية واضحة تجد تفسيرها في الاستحقاقات الرئاسية المقبلة”.
ويقول “إن منظمي هذه الاحتجاجات يهدفون إلى التأثير على النظام وخلط أوراقه من خلال المساس بمنطقة جد مهمة وحساسة في التراب الجزائري”.
ولا ينفي المتحدث وجود “أطراف تحاول استغلال الوضع الاجتماعي لسكان منطقة ورقلة والجنوب الجزائري لذات الهدف”.
وينفي الهادي خالدي وجود أي “حرمان أو تهميش ممنهج لسكان الجنوب من طرف السلطات الجزائرية”.
ويدعو القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني إلى “تحرك مستعجل للطاقم الحكومي من أجل مناقشة كل المشاكل التي يطرحها السكان ومواجهتها بحلول واقعية”.