أفريقيا برس – الجزائر. تعرض، غدا الاثنين، حكومة أيمن بن عبد الرحمن، مخطط عملها على المجلس الشعبي الوطني، في أول احتكاك بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، اللذين أفرزتهما الانتخابات التشريعية الأخيرة، ولا يستبعد أن يمر في هدوء، بالنظر إلى المعطيات السياسية الراهنة.
ويأتي عرض “المخطط” هذه المرة في ظرف مميز، يتمثل في كونه الأول بالنسبة لحكومة أيمن بن عبد الرحمن وكذا بالنسبة للنواب، الذين لا زالوا لم يتواجهوا في أي مشروع قانون منذ تنصيبهم شهر جوان المنصرم.
ويبدو الوزير الأول في راحة من أمره وهو يعرض مخطط عمل حكومته، فالمعطيات السياسية تشير إلى أنه يتمتع بحزام سياسي يقيه من أي إحراج قد يتعرض له في الغرفة السفلى للبرلمان في ظل الدعم الذي وعد به من قبل كتل برلمانية وازنة، ممثلة في كتلة كل من حزب جبهة التحرير الوطني والأحرار والتجمع الوطني الديمقراطي.
أما كتلتي جبهة المستقبل وحركة البناء، وعلى الرغم من بعض الملاحظات التي سجلتها على مخطط عمل حكومة أيمن بن عبد الرحمان، ولاسيما ما تعلق بآجال تنفيذ بعض الوعود التي تضمنها “المخطط”، إلا أن واجب التضامن الحكومي يفرض عليهما الوقوف مع المشروع، الذي يعطي الضوء الأخضر للحكومة للانطلاق في عملها بكل أريحية.
وعلى العكس من ذلك، لا يستبعد أن تقدم كتلة حركة مجتمع السلم على رفع السقف أثناء النقاش، لكونها الحزب الوحيد الذي أعلن التموقع في الجهة المقابلة للمعسكر الداعم للحكومة، ويتوقع أن تسبب حرجا لبعض القطاعات الوزارية، خلال الأيام الثلاثة التي يناقش فيها “المخطط الحكومي”.
وباستثناء هذا، لا يستبعد أن تتحول مناقشة مخطط حكومة أيمن بن عبد الرحمن، إلى مداخلات استعراضية لبعض النواب الجدد، الذين قد ينزلون في النقاش إلى مستويات محلية تخص الدوائر الانتخابية التي جاءوا منها، لمحاولة إبراز قدراتهم الخطابية وإظهار مدى اهتمامهم بمشاكل وانشغالات الناخبين الذين اختاروهم لتمثيلهم تحت قبة البرلمان.
ومن بين النقاط التي يمكن أن تثير الكثير من الجدل في النقاش، ما تضمنه “المخطط” فيما تعلق بالتسوية مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد، من أجل استرجاع الأموال المنهوبة، إذ تبحث الحكومة عن طريقة ما لتسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة، وهي المسألة التي سيحاول النواب معرفة تفاصيلها بدقة، طالما أن الأمر يتعلق بقضية على قدر كبير من الحساسية، بالنظر إلى هول ما تم نهبه وفق الأرقام التي كشفت عنها العدالة أثناء محاكمة المتهمين.
النقطة الأخرى التي سجلت على مخطط عمل الحكومة من قبل بعض النواب، هي ما تعلق بآجال الوفاء بالوعود التي عادة ما يتضمنها “المخطط”، وهي نقطة أثيرت حتى مع الحكومات السابقة، وبقيت من دون إجابة، غير أن هذه النقطة لا يمكن أن ترقى إلى مستوى من شأنه أن يعرقل مرور المخطط، لعدة اعتبارات، أولها الدعم السياسي الواسع لحكومة أيمن بن عبد الرحمن الذي يعكف على تنفيذ برنامج الرئيس تبون، وثانيها، إمكانية قيام الحكومة بتعديلات على المخطط في حال سجلت عليه مؤاخذات تهدد مروره، وذلك استنادا إلى نص الفقرة الثانية من المادة 194 من الدستور، والتي تنص على: “يمكن للوزير الأول أن يكيّف مخطط العمل هذا، على ضوء هذه المناقشة، بالتشاور مع رئيس الجمهورية”.
المسألة الأخرى التي قد تحرج الحكومة في النقاش حول مخططها، هو ما تعلق بالبعد الاقتصادي والاجتماعي، في ظل المعطيات التي يعيشها المواطن، والتي يطبعها انهيار كبير في القدرة الشرائية والغلاء الفاحش والارتفاع المثير في أسعار بعض المواد والسلع ذات الاستهلاك الواسع، وهي المسألة التي يتعين على الحكومة تحضير إجابات مقنعة على الأسئلة التي يتوقع أن تتوجه إليها بحر هذا الأسبوع.