أفريقيا برس – الجزائر. كشف الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عمار تاقجوت، المستور عن الواقع المالي للتنظيم النقابي الأكبر في البلاد، وقدم صورة سوداوية عنه خلال لقاء له بنقابيين وإطارات في ولاية البيض تضمن أيضا جلدا صريحا للذات حول الوضعية المزرية للمركزية النقابية في هذا الجانب المالي، كاشفا عن اختفاء وضياع 14 مليار من أموال الانخراطات لم تقدر الاتحادات الولائية على إعادتها منذ 2020.
وجاء الجهر بهذه الوضعية من طرف المسؤول الأول للمركزية النقابية خلال لقاء بنقابيين وإطارات بولاية البيض قبل يومين، تحدث فيه بإسهاب عن واقع التنظيم النقابي وأيضا وضعيته المالية وما يتعلق بمطالب تعديل قانون ممارسة الحق النقابي.
وأشار تاقجوت، في حديثه الصريح الذي وثق في فيديو، إلى أن القانون 23/02 المتعلق بممارسة الحق النقابي جاء ليضع حدا لحالة الفوضى المالية والتنظيمية التي سادت لسنوات داخل العديد من الهياكل النقابية، موضحا أن هذا القانون يشترط صراحة مرور حسابات مختلف الهياكل النقابية عبر محافظ حسابات معتمد، وإخضاع كل العمليات المالية لإجراءات محاسبية واضحة وشفافة، متسائلا بلهجة انتقادية: هل هذا ممنوع؟ أم نواصل “التبزنيس” كما كان يحدث في السابق؟”
وأوضح الأمين العام للمركزية النقابية، أن القانون نفسه يمنع بشكل صريح تلقي الهياكل النقابية أو النقابيين أموالا من أرباب العمل أو من مسؤولين آخرين، بهدف التغطية على المطالب العمالية أو تكسيرها، أو لتعطيل إنشاء نقابات داخل المؤسسات والشركات، مؤكدا أن هذه الممارسات كانت موجودة في الواقع، وأن القانون 23/02 جاء ليضع لها حدا نهائيا.
وشدد تاقجوت على أن القانون الجديد يحدد بوضوح كيفية العمل النقابي، وينص على ضرورة عقد الاجتماعات النقابية بصفة قانونية ومنظمة، مؤكدا أنه لا يمكن لأي نقابي، مهما كانت صفته، أن يعلن أو يتخذ قرار إضراب بمفرده، خارج إطار التشاور مع العمال.
وقال في هذا الشأن: “كيف تعلن عن إضراب لوحدك؟ تنام وتستيقظ وأنت أمين عام، وتقرر إضرابا وتدّعي أنك تمثل العمال والناطق الرسمي باسمهم، بينما الناطق باسم العمال لا يمكنه اتخاذ قرار فردي خارج إرادة العمال”.
وأكد تاقجوت في السياق ذاته أن قرار الإضراب يجب أن يكون جماعيا، نابعا من القاعدة العمالية، ولا مكان فيه للفردانية أو القرارات الشخصية، مذكّرا بأن هذا المبدأ لم يأت به فقط القانون 23/02، بل كان منصوصا عليه أيضا في القانون 90/14، غير أن الإشكال، حسبه، يكمن في أن القوانين لم تكن تحترم، لا القوانين المتعلقة بالعمل النقابي، ولا أموال العمال، ولا حتى الإطارات ولا الذات النقابية نفسها.
وأضاف تاقجوت أن اشتراط القانون 23/02 المرور عبر المحاسبة ومحافظ الحسابات ليس عيبا ولا استهدافا للعمل النقابي، بل هو إجراء ضروري لتنظيف البيت الداخلي وإعادة الاعتبار للعمل النقابي الجاد والمسؤول، قبل المطالبة بالصدق والأمانة من الآخرين.
وأوضح تاقجوت، بنبرة صادمة، أن المركزية النقابية يفترض أن تتلقى من الاتحادات الولائية ما يقارب 14 مليار سنتيم من أموال انخراطات العمال، غير أن هذه المبالغ لم يظهر لها أي أثر منذ سنة 2020، مؤكدا أن الاتحادات الولائية لم تتمكن إلى غاية اليوم من تحويل هذه الأموال إلى المركزية أو تبرير مصيرها. وتساءل تاقجوت بصراحة غير لافتة: أين ذهبت هذه الأموال؟ وأين اختفت أموال انخراطات العمال؟ مشددا على أن الحديث عن الإصلاح والشفافية لا يمكن أن يكون ذا مصداقية ما لم يسبقه تقييم حقيقي وحصيلة دقيقة للوقوف على النقائص والاختلالات.
وأكد أمين عام أكبر تنظيم نقابي في البلاد في ختام مداخلته، أن المطالبة بالصدق والأمانة من الآخرين لا تستقيم عندما يكون التنظيم نفسه غير صادق وغير أمين مع نفسه ومع مناضليه، معترفا بأن هذا هو الواقع الحقيقي للمركزية النقابية اليوم، وأن قانون 23/02، ورغم صدوره، ما يزال لم يُطبّق فعليا، ولم تنطلق بعد عملية تجسيده على أرض الواقع.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





