أفريقيا برس – الجزائر. رغم تمكن حزب جبهة التحرير الوطني من التواجد في المحليات المقبلة في أكثر من 55 ولاية على المستوى الوطني، إلا انه غاب هذه المرة عن البلديات التي تعوّد على اكتساحها في الماضي، والتي تشكل أحد معاقل الأفلان التاريخية، في وقت برر الحزب العتيد هذا الغياب بالأخطاء المسجلة في ملفات المترشحين، وتأخر السلطة المستقلة في إصدار استمارات الاكتتاب.
شكل غياب الأفلان في البلديات التي تصنف بين قوسين بالتاريخية بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني ضربة موجعة للأخير، والذي يعول على المحليات المقبلة لاكتساح المجالس البلدية والولائية.
وحسب مصادر “الشروق”، فقد تلقى حزب جبهة التحرير الوطني “صدمة” في ولاية الجلفة التي سبق وأن حقق فيها نتائج مبهرة في التشريعيات الماضية، بعد أن غاب هذه المرة عن 26 بلدية في الولاية ذاتها، والأمر نفسه بالنسبة لولاية تلمسان، أين غابت قوائم الحزب في عاصمة الولاية وبلديات أخرى.
نقائص في ملفات المترشحين والتأخر في إصدار استمارات الاكتتاب وراء الأزمة
بالمقابل، كشفت ذات المصادر أن حزب جبهة التحرير الوطني لم يتمكن من التواجد في 14 بلدية تابعة لولاية تيبازة، إضافة إلى بلدية بومرداس التي سجل فيها الحزب غيابا في 10 بلديات، وكذلك الأمر بالنسبة لولاية المدية، حيث تشير التقارير النهائية أنّ الحزب العتيد غاب عن 10 بلديات في الولاية، من بينها قصر البخاري التي تعتبر معقلا من معاقله.
وغير بعيد عن الولايات الوسطى، فقد غاب الأفلان عن الولايات الشرقية، على غرار قسنطينة، والأمر نفسه بالنسبة لولاية تيزي وزو، أين أودع الأفلان قائمة واحدة في بلدية من أصل 67 بلدية، تضاف إليها الولايات الغربية، على غرار سعيدة ومستغانم، والتي لم يودع فيها الحزب أية قائمة في ثلاث بلديات.
وحسب قيادة الحزب، فإن الأفلان ورغم الأرقام المسجلة في بعض بلديات الوطن، غير أنه تمكن من التواجد في أكثر من 55 ولاية من ولايات الوطن في ظل الشروط الصارمة التي فرضتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وفي هذا الإطار، يؤكد عضو المكتب السياسي، سيد أحمد تيمامري، في تصريح لـ”الشروق” أن سبب غياب الجبهة في عدة بلديات لا تتحمله قيادة الحزب، وإنما هو راجع للأخطاء المسجلة في الاستمارات، وعدم استيفاء النصاب القانوني لاستمارات الاكتتاب، إذ تم رفض الكثير منها بهذا السبب.
وأشار تيمامري أن العديد من التوقيعات تم إلغاؤها بسبب ازدواجية التوقيع، وكذا عدم وجود اسم الموقع رغم امتلاكه لبطاقة الناخب، والأمر نفسه بالنسبة للقرص الذي يقدم من طرف القائمة بحجة أن هذا الأخير معطل بسبب “فيروس”، وهنا لا يمكن تسليم المحاضر، وهو ما وقع في ولاية الجلفة، يضيف -المتحدث – على سبيل المثال، إضافة إلى انتفاء الآجال القانونية، حيث أن العديد من مندوبيات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أغلقت أبوابها في وجه الأحزاب التي تأخرت في تسليم الاستمارات.
بينها قسنطينة وعنابة
“الأفلان” يخسر رئاسة بلديات كبريات مدن الشرق
في مفاجأة سياسية مدوّية خرج حزب جبهة التحرير الوطني من سباق المحليات بسبب أخطاء إدارية وسوء في تسيير ملف الترشيحات للمحليات، وكان يراهن على الدخول بقوة في المجالس البلدية والولائية، بعد النصر الذي حققه الحزب العتيد في المجلس الشعبي الوطني، بحصوله على المركز الأول وطنيا، لكنه سقط قبل بداية السباق للمحليات المزمع إقامتها في أواخر شهر نوفمبر القادم.
ففي قسنطينة التي صال وجال فيها الأفلان على مدار قرابة 60 سنة، وعرفت محافظتها مرور الكثيرين من مشاهير الأفلان من أمثال شريف مساعدية والسعيد بوحجة وعبد الكريم عبادة وغيرهم، تأكد رسميا بأن المجلس البلدي القادم سيكون من دون أي عضو من جبهة التحرير الوطني، حيث رمت المندوبية الوطنية للسلطة المستقلة للانتخابات ملف الأفلان، لعدم توفره على الشروط القانونية، حيث أن القرص المضغوط الذي تم وضعه على طاولة المندوبية الولائية المستقلة أصيب بعطب، وحتى الاستمارات الورقية المودعة وصلت بعد المدة الزمنية المطلوبة، وقال مصدر من أفلان قسنطينة، بأن الحزب فهم من الساعة 12 من يوم الخميس كآخر أجل لدفع الاستمارات أن الأمر يتعلق بمنتصف الليل وليس الزوال، فجاء متأخرا، واعتبر فهم التوقيت بهذه الطريقة، قصر نظر وعجز، لأنه من غير المنطقي أن تحدد الدولة توقيتا بعد الحجر الصحي، وهو ما جعل المندوبية ترفض ملف الأفلان تماما كما فعلت مع أحزاب أخرى على غرار حركة النهضة.
وقال أحد مناضلي الأفلان للشروق اليومي، بأن جبهة التحرير الوطني على مستوى قسنطينة، تعودت منذ عقود على مثل هذه الأخطاء من خلال إعطاء معلومات غير دقيقة وخاطئة وحتى مزورة لمرشحيها، من سن وحتى مستوى تعليمي، وكان يتم تجاوزها بسبب القوة التي كان يتواجد عليها الحزب، كجزء من النظام، ولكنه في هذه المرة سقط وهو الذي قاد بلدية قسنطينة دائما، إلا مرتين، في تسعينيات القرن الماضي، عندما فاز الحزب المحل مرة، وحزب الأرندي مرة أخرى، تحت قيادة المير الأسبق بوجريو في زمن الرئيس الأسبق اليمين زروال.
الأمر لم يتوقف عند عاصمة ولاية قسنطينة، بل شمل أيضا بلدية عنابة، حيث كانت استمارات بلدية عنابة ضمن 1500 استمارة تم رميها جانبا من المندوبية المحلية للجنة المستقلة، وكان افلان عنابة قد فشل في التشريعيات وهو ما أدخل الحزب العتيد في معارك وتبادل للتهم، انتهت بخسارة المحليات قبل بدايتها ليس في بلدية عنابة فقط، بل امتد الأمر إلى سرايدي والعلمة والبوني ووادي العنب والشرفة وشطايبي، وكانت الفتنة قد اشتعلت عندما حاول الحزب فرض أسماء لرؤساء بلدية سابقين، حيث فشلوا في جمع التوقيعات برغم من أنها لا تزيد عن 35 توقيعا، ليغيب الحزب العتيد عن بلدية عنابة بصفة رسمية، ويبقى أمله في بعض مقاعد المجلس الولائي لا غير، وامتد فشل الأفلان في قلاع العروشية، في الأوراس، حيث سقط اسم الحزب العتيد من نقطة الانطلاق في بلديات كانت قلعة للأفلان.
مفاجآت بالجملة وأحزاب تطالب بالتمديد
الأفلان يفشل في الترشح ببلدية وهران
أفرزت النتائج الأولية لعملية جمع التوقيعات وإيداعها على مستوى اللجنة المستقلة للانتخابات بوهران، مفاجآت بالجملة، كيف لا وقد عرت مشكلة كبيرة يتخبط فيها الحزب العتيد جبهة التحرير الوطني، الذي لم يقدر مناضلوه على جمع العدد الكافي المقدر بـ1500 توقيع من أجل قبول ملفه ضمن سباق الفوز بـ”بناية الأسدين”، والشيء المحير، أن هناك أسماء مترشحين ثقيلة، منها وجوه رياضية وحتى رئيس فريق كروي مشهور، ومع ذلك لم ينجح في جمع التوقيعات الكافية لدخول معترك الانتخابات البلدية المقبلة.
وعكس ذلك، فقد تمكنت حمس من جمع استمارات كافية، لتمثيل الحركة في الانتخابات البلدية والولائية، وهو ما نجح فيه أيضا جبهة المستقبل والأرندي، لكن تم تسجيل مفاجأة أخرى مدوية حين فشلت قوائم الأحرار في مقدمتها “السبيل” برعاية الإمام البرلماني بحري بشير في دخول المعترك ببلدية عين الترك، مسقط رأس الإمام الذي حصد الأخضر واليابس في التشريعيات الماضية، لكن هذه المرة لم تكلل محاولاته بالنجاح في السيطرة على الوضع ببلدية الكورنيش الوهراني.