أفريقيا برس – الجزائر. بعد فترة من التهدئة، استعادت الجزائر لهجتها القوية في إدانة جرائم الاستعمار الفرنسي، بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة والستين للتفجيرات النووية الاستعمارية في الصحراء الجزائرية، والتي ما تزال أضرارها على البيئة والسكان قائمة إلى اليوم. ويتزامن ذلك، مع أزمة متصاعدة مع فرنسا، فجّرتها قضية الناشطة السياسية أميرة بوراوي.
وفي كلمته، خلال أشغال لقاء علمي نظم حول هذا الحدث في رقان (أبرز مناطق التجارب)، أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة أن التفجيرات النووية الفرنسية في الجنوب كانت جرائم قتل مبرمج ضد كفاح الشعب الجزائري لنيل الاستقلال، يضاف إلى مجازر القتل العشوائي الذي مورس ضده، مستهيناً بحياة الإنسان ومستقبل الأجيال، لأن آثار التفجيرات النووية وإشعاعاتها في رقان (أدرار) واينيكر (تمنراست) شملت كل عناصر الطبيعة.
وأضاف الوزير: “هذه المناسبة، التي تقفل ذكراها الثالثة والستين، أصبحت تاريخاً مشؤوماً لدى الجزائريين وكل سكان الأرض يستبصرون من خلاله الأخطار والمآسي الناجمة عن هذه التفجيرات النووية”، مبرزاً أن “تلك التفجيرات النووية سممت المحيط، ولوثت الغلاف الجوي، وخلّفت وفيات وتشوهات في الأجنة، وأتلفت أنواعاً لا حصر لها من النباتات التي كانت تزخر بها المنطقة، فتسببت في التصحر وتفشي أمراض عدة، والأخطر من ذلك كله الإرهاصات المنتظرة على الشفرة الوراثية للإنسان والحيوان والنبات”.
وأبرز المسؤول الحكومي أن هذه المكونات ستكون كلها عرضة لطفرات وتغيرات لا يمكن التكهن بمداها، لما تحمله من أخطار ظاهرة وكامنة على عوامل الحياة بالمنطقة، داعياً العلماء والباحثين المختصين في المجالات المتصلة بالظاهرة على المستويات البيولوجية والأيكولوجية والجينية إلى تسليط الضوء على هذه المخاطر للوصول إلى دراسات أعمق تضمن توفير الجانب العلمي للتكفل بآثار هذه الجريمة الاستعمارية.
واعتبر وزير المجاهدين أن إحياء هذه الذكرى الأليمة، التي تبعث الأسى في النفوس، يمثل ترسيخاً لقيم أمتنا، وتثبيتاً لمبادئ ذاكرتها، بما يزيد الأجيال امتناناً لشهدائنا الأبرار ومجاهدينا الأخيار، ويزيدهم شعوراً بالمسؤولية تجاه الوطن، لمواصلة مسيرة التجديد الوطني من أجل حفظ الأمانة وصون الوديعة لبناء الوطن وتشييد صرحه الشامخ بالفخر والاعتزاز، على حد قوله.
ويأتي إحياء هذه الذكرى في سياق أزمة دبلوماسية مع فرنسا، أعقبت خروج الناشطة السياسية أميرة بوراوي من التراب الجزائري بطريقة اعتُبرت غير شرعية، والتحاقها بباريس. واتهمت وكالة الأنباء الجزائرية، التي تعبر عن الخط الرسمي، المخابرات الخارجية الفرنسية بتنفيذ خطة تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية- الفرنسية، يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين و”خبارجية” (متخابرين)، وبعض المسؤولين في هذا الجهاز.
وذهبت وكالة الأنباء لحد تشبيه ما حدث مع بوراوي بأنه محاولة من فرنسا لتكرار سيناريو “خليج الخنازير”، في إشارة إلى القصة الشهيرة لتدريب المخابرات الأمريكية معارضين كوبيين من أجل تنفيذ انقلاب في بلادهم. وما أثار الجانب الجزائري تمكّن بوراوي في ظرف 48 ساعة من الحديث في قنوات تلفزيونية عمومية، وذلك دليل، حسب وكالة الأنباء، على أن المخابرات الفرنسية أعلنت التعبئة العامة “لخبارجيتها” وبات هدفها واضحاً.
ومن الوارد، مع تصاعد الأزمة، تعطّل عمل لجنة المؤرخين المشتركة، التي اتفق على إنشائها عقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة للجزائر، في أغسطس الماضي. وكان البلدان قد اتفقا من خلال إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة، على الالتزام بضمان إدارة ذكية وشجاعة للقضايا المتعلقة بالذاكرة، بهدف فهم المستقبل المشترك بهدوء والاستجابة للتطلعات المشروعة لشباب البلدين. وقد تم الاتفاق على إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين الفرنسيين والجزائريين تكون مسؤولة عن العمل على أرشيف البلدين، من الفترة الاستعمارية إلى حرب الاستقلال.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس