أفريقيا برس – الجزائر. أفادت السفيرة الأمريكية في الجزائر، إليزابيث مور أوبين، بأن العلاقات بين البلدين تشهد تطورا ملحوظا يشمل مجالات التعاون الدبلوماسي والعسكري والاستثمار والطاقة، خاصة مع حرص الجزائر على دعم “انتشار اللغة الإنجليزية”. وبلغة تميل إلى الدبلوماسية، أجابت أوبين حول أسئلة تتعلق بحرب الإبادة في غزة وعن قضية الصحراء الغربية، مع تأكيدها أن الجزائر والولايات المتحدة يتشاوران بشكل دائم حول هذه القضايا.
وفي ندوة صحفية عقدتها بمقر السفارة الأمريكية بالعاصمة، اليوم الأربعاء، أكدت أوبين أن “التعاون العسكري بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية يمتد إلى وقت طويل”، مبرزة أن “توقيع مذكرة التفاهم في جانفي الماضي بين قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) الجنرال لانغلي ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة، عزز الرؤية المشتركة من أجل الاستقرار الإقليمي”.
وأوضحت الدبلوماسية الأمريكية أن التفاعل العسكري بين البلدين متواصل، مشيرة إلى زيارة المدمرة “شرمان” إلى الجزائر، وإلى برنامج سلامة الطيران بين قاعدتي بوفاريك ورمشن. كما أشارت إلى مشاركة بعثة حكومية جزائرية في حفل تنصيب القيادة الجديدة لـ”أفريكوم” بمدينة شتوتغارت، في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث أتيحت لها فرصة عقد لقاءات مع مسؤولين كبار، من بينهم الجنرال لانغلي والجنرال أندرسون.
وفي سؤال حول الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية والغضب الذي يثيره في الرأي العام الجزائري بسبب الدعم المطلق لإسرائيل، خاصة مع ما تشهده غزة من حرب تجويع، اكتفت السفيرة بالقول إن “البلدين يعملان معا من أجل ترسيخ السلام ورفع معاناة الشعب الفلسطيني”. وأشارت إلى أن “الولايات المتحدة تدعم كل الجهود الرامية إلى إحلال السلام وإيصال المساعدات الإنسانية”، شاكرة الجزائر على دورها في هذا الجانب. وأضافت أن هناك حوارا صريحا بين البلدين حول هذه المسألة، مؤكدة أن “واشنطن تدفع من أجل إيجاد حل يضمن تحرير الرهائن”، وإنهاء ما وصفته بـ”حكم حماس وتهديداتها لإسرائيل”، إلى جانب ضمان استمرار تدفق الإغاثة الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشكل عاجل.
وفي ردها على سؤال حول خطة الولايات المتحدة لإنهاء نزاع الصحراء الغربية وما إذا كانت واشنطن ترغب في إنهاء مهمة بعثة المينورسو، أجابت السفيرة بأن “منطقة الصحراء الغربية تاريخها طويل ويمتد إلى أكثر من خمسين عاما، وهو ما ترك آثارا على حياة المواطنين الصحراويين”، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة تعمل من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في هذه المنطقة، وتشجع على المضي قدما نحو الازدهار”. كما ذكرت أن بلادها “تدعو كل الأطراف إلى التشاور والتفاوض من أجل إيجاد حل دائم يرضي الجميع”.
الغاز الصخري
وفي مجال الطاقة خاصة ما تعلق بالغاز الصخري، ذكرت السفيرة أن الرئيس عبد المجيد تبون التقى مسؤولين من شركتي “شفرون” و”إكسون موبيل”، وأن محادثات جرت مع الجانب الجزائري حول استكشاف الغاز. وأكدت أن الولايات المتحدة تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها الطاقوية مع الجزائر، معربة عن “حماس” واشنطن لدعم هذا التوجه. لكنها تجنبت تقديم أي تفاصيل حول المفاوضات الجارية بشأن الغاز الصخري، مكتفية بالقول إن الشركات الأمريكية تقدم أفضل الحلول التكنولوجية في هذا المجال وتشغل جزائريين من أجل المضي قدما نحو الازدهار الاقتصادي.
وفي الشأن الاقتصادي العام، أكدت السفيرة أن العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة “قوية ومستمرّة”، مشيرة إلى وجود “أكثر من مئة شركة أمريكية” تنشط في الجزائر عبر مجالات مختلفة، مع الإشارة إلى أن الحصة الأمريكية تعادل “نسبة 29%” من الاستثمارات الأجنبية، كما ورد في تصريحها.
وقالت إن الشركات الأمريكية “مهتمة بالسوق الجزائري”، وإن الحكومة الأمريكية والشركات “ستكون حيث تريد الجزائر أن تكون”، على أن تسهم في “الانتقال الطاقوي” و”التنويع الاقتصادي” في قطاع الطاقة. وذكرت وجود “عديد الشركات الأمريكية” القادرة على تقديم “حلول تكنولوجية” لمواجهة تحديات الانتقال الطاقوي، لاسيما في “مجال الطاقات المتجددة”.
وبخصوص الربط الجوي، أوضحت أن إنشاء “خط مباشر بين الجزائر والولايات المتحدة”، وبالخصوص الجزائر–نيويورك، “مشروع قريب جدا من قلبها”. واعتبرت أن الأمر لا يتعلق بمجرد ربط مدينتين، بل بتمكين البلدين من “تعميق التبادلات الاقتصادية والسياحية”. وقالت إنها تتطلع شخصيا إلى “اليوم الذي ستركب فيه الطائرة مباشرة من الجزائر إلى نيويورك”، مؤكدة أنه من “أهم أهدافها الأساسية” خلال مهمتها في الجزائر، وأنه يعني “آلاف وربما ملايين الجزائريين والأمريكيين” الراغبين في تسهيل السفر بين البلدين. وأضافت أنها “ستواصل العمل والضغط” إلى أن يتحقق المشروع.
ميلاد أول عجل أمريكي بالجزائر
وفي سياق حديثها عن الشراكة، أعربت السفيرة الأمريكية، عن سعادتها بميلاد أول عجل في إطار المشروع الضخم لإنتاج الحليب الذي تساهم فيه الشركة الأمريكية “فيرمون”. وأبرزت أوبين، أن وزارة الفلاحة الجزائرية وقعت في نوفمبر الماضي شهادة استيراد لدعم استيراد الأبقار الحية من السلالات الأمريكية لإنتاج الحليب واللحوم، وذلك إضافة إلى شهادة سابقة لاستيراد المادة الوراثية للأبقار. وأكدت أن “أول العجول المولودة من هذه المادة الوراثية الأمريكية، التي استوردت في عام 2024، قد وُلد خلال فترة عيد الفطر هذا العام بمزرعة بوسوف بولاية ميلة”، ووصفت ذلك بأنه “خبر سار”، معربة عن تطلعها إلى “المزيد من القصص الناجحة” في هذا المجال.
وتوقفت عند مشاركة الجزائر في قمة الاستثمار SelectUSA لعام 2025 في الولايات المتحدة، مبرزة أن الجزائر “أرسلت أكبر وفد من شمال إفريقيا إلى القمة” بهدف استكشاف فرص الأعمال الاستراتيجية والتعرف بشكل أعمق على بيئة الاستثمار الأمريكية. وأكدت أن هذه المشاركة “تعكس الاهتمام القوي للجزائر بالعلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية”.
ولم تخف أوبين إعجابها بالشغف المتزايد لدى الجزائريين بتعلم اللغة الإنجليزية، مشيرة إلى وجود خمس مدارس منتشرة في كل مناطق الجزائر، تشرف عليها السفارة الأمريكية تقدم دروسا مجانية في الإنجليزية. وأوضحت أيضا أن هناك مشروعا جاريا لتكوين مسؤولين جزائريين في اللغة الإنجليزية من أجل مزيد من الانفتاح والتواصل بين البلدين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس