السلطة تعتبره “إصلاحا هاما” والصحافيون غائبون عن نقاشه.. نحو تمرير قانون الإعلام “المثير للجدل” في الجزائر

6
السلطة تعتبره “إصلاحا هاما” والصحافيون غائبون عن نقاشه.. نحو تمرير قانون الإعلام “المثير للجدل” في الجزائر
السلطة تعتبره “إصلاحا هاما” والصحافيون غائبون عن نقاشه.. نحو تمرير قانون الإعلام “المثير للجدل” في الجزائر

أفريقيا برس – الجزائر. يتوقع أن يصوت نواب المجلس الشعبي الوطني بأغلبية مريحة على مشروع قانون الإعلام في جلسة علنية غدا الثلاثاء، في وقت يعتقد كثير من الفاعلين في الميدان أن هذا المشروع لم يحظ بالإنضاج الكافي نظرا لأهميته الشديدة في المشهد العام.

وخلال مناقشات هذا القانون في الغرفة الاولى للبرلمان الجزائري، برز بوضوح تأييد الأحزاب الكبرى المشكلة للأغلبية الرئاسية له، في حين طرحت حركة مجتمع السلم تحفظات جدية على المشروع واستنكرت ما وصفته بحالة التضييق الإعلامي.

ويبدو الغائب الأكبر في المشهد العام، الصحافيون الذين بسبب ضعف نقاباتهم ومؤسساتهم التمثيلية، لم يشاركوا بالقدر الكافي في القانون، ولم يلاحظ حتى وجود نقاشات على القنوات التلفزيونية حول مضمونه، في حالة تعكس وفق بعض القراءات شعورا بعدم القدرة على تغيير الوضع.

وفي مداخلاتهم، ثمن نواب حزب جبهة التحرير الوطني، مضمون ما جاء في القانون العضوي، ورافعوا من أجل توفير الظروف الاجتماعية والمهنية لممارسي مهنة الصحافة، كتسهيل الوصول إلى المعلومة وتحسين الظروف الاجتماعية للصحفيين.

وعلى نفس المنوال، أكد نواب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أحزاب الأغلبية، خلال تدخلاتهم، إيمانهم أن هذا القانون سيكرس حرية الصحافة ويضمن حق المواطن في إعلام نزيه يميز بين الحرية والتطاول على الثوابت الوطنية، ودعوا إلى دعم الصحافة ماديا ومعنويا وتطهير القطاع من الطفيليين والدخلاء على المهنة.

أما كتلة الأحرار، فثمنت بدورها مضمون نص المشروع الذي قالت إنه جاء لتنظيم وإنهاء الفوضى في القطاع، ودعوا أيضا إلى تحديد الحد الأدنى للأجور لمنتسبي قطاع الإعلام من أجل تحسين ظروفهم الاجتماعية والمهنية.

ولعل ما خرج عن السرب، كلمة أحمد صادوق رئيس اللجنة البرلمانية لحركة مجتمع السلم الذي قال إن “هناك تضييقا كبيرا على الصحافة في الجزائر”، محذرا من ان استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى خسارة ثقة المواطن وجعله ينفر من أي سياسة للحكومة، حتى ولو كانت صائبة.

وانتقد صادوق بشدة ما أسماه أسلوب الدعاية الممارس من قبل وسائل الإعلام الذي قال إنه قد يبدو في الظاهر مفيدا للسلطة لأنه يلمع ما تقوم به، لكنه في الواقع مضر جدا، لأن هذا الأسلوب يجلب جمهورا لأصحاب الدعاية الأخرى القادمة من وراء البحار والتي هدفها حسبه الهدم.

واعتبر رئيس الكتلة النيابة لـ”حمس” أن القانون لم يأخذ حقه من النقاش وهو ينطوي على ثغرات كثيرة ولا يتحسب للثورة الحاصلة في الإعلام بسبب التكنولوجيا. وتحدث عن نقطة عدم الترخيص لأجانب بإنشاء قنوات في الجزائر، قائلا إن “هذا الأمر يضعف الموقف الجزائري، فمثلا الجزائر داعمة لقضية فلسطين والصحراء الغربية فعل يعقل الا نسمح لهم بإقامة قنوات في الجزائر؟”.

وأكد صادوق من جهة أخرى، أنه لا يمكن فصل قانون الإعلام عن قانون الإشهار لأنه عصب تمويل الصحافة، مؤكدا رغبة كتلته في إنشاء لجنة تحقيق برلمانية حول قضايا الفساد الأخيرة في هذا القطاع، علما أن وزيرين للإعلام يوجدان حاليا رهن المتابعة القضائية أحدهما في السجن.

وفي القانون الذي عرضه الوزير محمد بوسليماني، بقي حضور الإدارة لافتا، فهي الجهة المانحة لمختلف رخص النشاط الصحفي والمتحكمة فيه، بينما تم التشدد في منع ومعاقبة كل تمويل أجنبي لوسائل الإعلام الجزائرية، واستحدثت هيئات جديدة، مثل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي يعود إليها السهر على ضمان الممارسة الحرة لنشاط الجرائد.

وأدرج النص شروطا للحصول على صفة الصحفي، أبرزها ضرورة حيازة المعني إما على شهادة للتعليم العالي لها علاقة مباشرة بمهنة الصحفي وخبرة مهنية لا تقل عن ثلاث سنوات في مجال الصحافة، أو شهادة في التعليم العالي في أي تخصص مع تلقي تكوين في الصحافة وخبرة مهنية لا تقل عن 5 سنوات في مجال الصحافة.

وينص القانون على إنشاء الصحف المكتوبة والمواقع الإلكترونية، بعد التصريح لدى وزير الاتصال. ويشترط التمتع بالجنسية الجزائرية حصراً بالنسبة لمالكي الصحف والمواقع. كما ينص على ضرورة أن تتوفّر في مدير النشر بالصحف المكتوبة حيازة شهادة جامعية، وخبرة لا تقل عن 15 سنة في ميدان الإعلام، وألّا يكون قد حكم عليه في قضايا فساد أو أفعال مخلّة بالشرف.

وألزمت المادة 12 من المشروع كل وسيلة إعلامية مستفيدة من دعم مادي مهما كانت طبيعته أن يكون لها ارتباط عضوي بالهيئات المانحة. ومنعت تحت طائلة العقوبات الجزائية المقررة قانونا، التمويل والدعم المادي المباشر وغير المباشر من أية جهة أجنبية.

ونص المشروع في هذا السياق، على المعاقبة بغرامة مالية قدرها 2 مليون دينار (14 ألف دولار) كل وسيلة إعلام تلقت بصفة مباشرة أو غير مباشرة دعما ماديا مهما كانت طبيعته دون أن يكون لها ارتباط عضوي بالهيئة المانحة واستفادت من تمويل وإعانات من جنسية أجنبية. وكان منطقيا ألا تتضمن كل العقوبات الواردة في مشروع القانون السجن، بالنظر لأن الدستور نص على عدم تطبيق العقوبة السالبة للحرية على الصحفي في مجال عمله.

وفي دفاع الوزير بوسليماني عن القانون، ظهر هاجس الحفاظ على الأمن العام في مقاربة السلطة، حيث قال إن مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بالإعلام ترمي الى “تعزيز الخيار الديمقراطي وتوسيع نطاق الحريات العامة وكذا ترسيخ مبدأ الحق في الاعلام الذي يعد عنصرا أساسيا لنقل وتلقي مختلف المعلومات والأفكار والآراء في إطار احترام الثوابت الوطنية”.

كما يسعى هذا النص حسبه، إلى “تلبية تطلعات المواطن في الولوج الى المعلومة الموثوقة وذات مصداقية والاستجابة إلى حاجة مهنيي الاعلام في تنظيم نشاطهم”، معتبرا أن “مواجهة المشهد الإعلامي الوطني لتحديات الألفية الجديدة لن يكون دون إصلاح شامل لأساليب عمل المنظومة من خلال إرساء قواعد قانونية جديدة توازن بين الحرية والمسؤولية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here