أفريقيا برس – الجزائر. أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أنه ملتزم بالعمل بنفس العزيمة خدمة للشعب الجزائري والدفاع عن مصالح الوطن، ولن يثنيه عن ذلك التشويش في الداخل والخارج ولن توقفه الصعوبات، معلنا مواصلة مسار الإصلاحات على كل الجبهات وفي كل القطاعات استجابة لحاجيات المواطنين، إضافة إلى الإصلاحات في كل الجوانب الاقتصادية، كما توعد بمواصلة محاربة الفساد بحيث ستكون العدالة بالمرصاد لكل مظاهر الفساد والإخلال بالواجب، على أن تكون هناك حماية لكامل إطارات الدولة ومستخدمي الدولة النزهاء.
عرض الرئيس تبون في خطابه الموجه للأمة أمام البرلمان المجتمع بغرفتيه بقصر الأمم بنادي الصنوبر، في الضاحية الغربية للعاصمة، الثلاثاء، الذي استمر ساعتين من الزمن، ما تحقق في فترة رئاسته، وأين كانت الجزائر قبل 2019 وأين أصبحت حاليا، مستشهدا بالأرقام وخاصة تقارير المنظمات الدولية، ليؤكد أن الجزائر دخلت “عهدا جديدا وحققت المعجزات”.
وبدأ الرئيس خطابه أمام نواب الشعب، بالتأكيد أن هذه السنة تعبر عن “التجسيد الصارم للالتزامات التي تعهد بها من تشريفه بثقة الجزائريين”، وتابع “التزمت بحوار سياسي ومازلت ملتزما به”، وهنا أعلن الانطلاق عن “مشاورات مع الأحزاب السياسية، والذي سيكون بناء وما سيلتزم به مع الأحزاب سيتم تطبيقه”.
61 مليار دولار مشاريع استثمارية ونصف مليون منصب شغل
في الجانب الاقتصادي، أكد الرئيس في خطابه أن الجزائر دخلت مرحلة حاسمة، حيث انخرطت في حركية غير مسبوقة في الاستثمار المحلي والأجنبي، وقال “النتائج التي حققتها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار مؤشر قوي على وجاهة السياسة المنتهجة”، وكشف الرئيس تبون عن تسجيل 19 ألف مشروع استثماري منذ سنة ونصف بقيمة مالية قدرها 8242 مليار دينار، أي ما يعادل 61 مليار دولار أمريكي، بحيث مكنت هذه المشاريع من خلق نصف مليون منصب شغل.
ونبه الرئيس إلى أن هنالك 309 مشروع استثماري مع الأجانب بقيمة مالية تبلغ 1300 مليار دينار أي ما يعادل 9.5 مليار دولار، وهنا توقف الرئيس ليؤكد أن أرقام الاستثمار الأجنبي أحسن رد على من يقول إن “الجزائر أصبحت معزولة”.
كما عاد الرئيس تبون إلى النتائج التي وصفها بغير المسبوقة لـ”معرض التجارة البينية الإفريقية” الذي نظمته الجزائر، وهنا شدد أن ذلك دليل على “الزخم الذي يكتسيه الاستثمار في الجزائر، ويبرز معالم الجزائر الجديدة وتؤكده الهيئات الدولية”، وحسبه فإن ما تؤكده الهيئات الدولية أحسن رد على من يقول “رانا داخلين في الحيط”، ليخلص أن معالم العهد الجديد للجزائر تؤكده الهيئات الدولية، بحيث أن المؤشرات تظهر قدرة الجزائر على التكيف وامتصاص الصدمات والمحافظة على الاستقرار المالي.
معجزة تحققت!
في خطابه للأمة، قدم الرئيس تبون مقارنة حول نسبة التضخم في سنة 2018 ونسبتها هذه السنة، حيث كانت 9 بالمائة، لتنخفض إلى 2.8 بالمائة ومن المتوقع أن تصل لما دون 2 بالمائة السنة المقبلة، الأمر الذي وصفه بـ”المعجزة”، خاصة وأن نسبة التضخم في دول أخرى تقاس برقمين أي يتخطى العشرة.
عن الاقتصاد كذلك والذي وصفه بـ”السليم”، قال الرئيس تبون إن معدل نمو الناتج الداخلي الخام حقق سنة 2023 نسبة 4 بالمائة، ما يجعله “من الاقتصادات الأكثر ديناميكية في حوض المتوسط وشمال إفريقيا”.
وقدم الرئيس تبون المعالم العامة خاصة المستقبلية لمستقبل الصناعة لاسيما في القطاعات الإستراتيجية، ومن ذلك الحديد والصلب ومواد البناء والصناعات الغذائية، وفي هذا الجانب قال إنه أريد لقطاع الصناعة وعن قصد أن يتهالك، حيث قال “في عهد الراحل هواري بومدين كانت الصناعة تمثل 18 بالمائة من الدخل الخام، وانخفضت النسبة إلى 3 بالمائة، حتى نكون مقطورات للآخرين”، ويتابع “لقد أخرنا توطين الصناعة ووصلنا إلى نسبة 10 بالمائة من الدخل العام، وهذه معجزة، وسنصل إلى 13 بالمائة مع نهاية العهدة الرئاسية ونكون حينها بلدا مصنعا”.
يواصل الرئيس تقديم الأرقام عن القطاع، ويتوقف عند الصناعة الصيدلانية، التي أكد أن إنشاء وزارة خاصة عند توليه رئاسة البلاد قد أثار الكثير من التساؤلات، وليجيب على تلك التساؤلات بلغة الأرقام “اليوم هنالك مداخيل من الصناعة الصيدلانية، وتغطية حاجيات البلاد من الأدوية بـ82 بالمائة”، ليؤكد كذلك “لقد أصبحنا دولة رائدة في إفريقيا والعالم العربي، وسنمشي لأبعد من هذا، بتصنيع أدوية معقدة، وأدوية مضادات السرطان، وإنتاج أقلام الأنسولين، وكواشف السكري، ووفرنا 250 مليون دولار كانت سابقا تذهب للاستيراد”.
قطاع المناجم انطلق… نسأل الله أن يحفظنا من العين
أخذ قطاع المناجم حيزا وافرا من خطاب الرئيس تبون، والذي بدأ بالحديث عن منجم غار اجبيلات، ثالث أكبر منجم في العالم، وقال إنه حلم الراحل بومدين والذي سيتحقق، حيث تم الانتهاء من إنجاز السكة على طول 950 كلم في فترة سنة ونصف، وكشف أنه في نهاية جانفي سيصل أول قطار إلى مصانع وهران للفولاذ.
عن الفوسفات وما يمثله من ورقة رابحة في عدة قطاعات خاصة الفلاحة، أشاد بالقفزة النوعية بمنجم واد الحدبة بولاية تبسة، وقال “نسأل الله أن يحفظنا من العين”، وأضاف “سنضاعف إنتاج الفوسفات من 2 مليون طن سنويا إلى 10 مليون طن”.
كما كشف الرئيس تبون عن برنامج أسماه بـ”الواعد” يتمثل في إنجاز 25 محطة شمسية بقدرة إنتاج 3200 ميغاواط، جزء منها سيصدر للخارج، علاوة على توسيع المساحات المزروعة خاصة حبوب الذرة والتي ستصل إلى 30 ألف هكتار في سنة 2027، مع التركيز على زراعة القمح اللين والصلب والشعير والذرة، ليؤكد أنه في حالة التحرر من استيراد هذه الحبوب تكون الجزائر قد حققت الاستقلال التام.
وكانت الفرصة سانحة للرئيس تبون ليكاشف الحضور، عن بعض السلبيات في قطاع الفلاحة ويتعلق الأمر بـ”الفشل في إنتاج اللحوم الحمراء والبيضاء”، ونبه أنه يقول هذا الكلام بـ”حسرة”، وأوضح “أراض شاسعة عندنا ولكننا نستورد أضاحي العيد، رغم أن الدول التي نستورد منها مساحتها تساوي ربع مساحة الجزائر”، وأبدى الرئيس في حديثه كثيرا من العتاب على “التصرفات التي لا تعجب بعض الموالين الذين زادوا في أسعار الماشية”.
لن نحيد عن السياسة الاجتماعية ولن يكون هناك طابور خامس
شدد رئيس الجمهورية أن بناء الدولة الجزائرية هو بيان أول نوفمبر وهذا الأمر لن يتغير، ولن يكون هناك “طابور خامس ولا سادس ولا سابع”، ونبه أنه لن يحيد عن الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية قائلا “لن يسجل التاريخ أننا أوقفنا المساعدات الاجتماعية”.
وفي حديثه استعرض وبشكل مستفيض جوانب السياسة الاجتماعية للدولة الجزائرية، ومن ذلك مجانية التعليم لـ13 مليون متمدرس، ولـ1.9 مليون جامعي، ليؤكد “لا دولة في العالم لديها نفس السياسة الاجتماعية فيما يخص الخدمات الجامعية بما في ذلك دول أوروبية… سنحسن أوضاع الطالب الجامعي، ورغم هذا هنالك من ينتقد”.
عن الخدمات الجامعية يؤكد الرئيس تبون، أنها لا تشمل الجزائريين، فهنالك 8000 منحة لدول أجنبية، والمفارقة أن وزيرا أول لدول معينة وكذلك وزير خارجية تلك الدولة تخرجا من المدرسة الوطنية للإدارة ويتحدثان بسوء عن الجزائر، يذكر الرئيس.
لم يغفل الرئيس في خطابه، الإشارة إلى مسار إصلاحات المدرسة، ومن ذلك الشروع في تدريس الإنجليزية رغم بعض المعارضة من الذين قال إنهم “في نفسهم حاجة”، إضافة إلى مسار تخفيف وزن المحفظة، ليكشف أنه في غضون سنة 2026 سيتم التدريس بالألواح الإلكترونية.
لا فرق بين تين زاواتين وحيدرة
أما عن قطاع الصحة، فقال بشأنه إنه يسير من حسن إلى أحسن حتى يتم الوصول إلى الحالة المثالية، ليرد على المشككين فيما تحقق في قطاع الصحة بقوله “هنالك من يرى الكأس فارغا، لكن اليوم الأطباء يتخرجون من كل الولايات من أدرار وتمنراست وإليزي، لأن الجزائر لا تحرم أبناءها من التعليم”.
وربط تخرج أبناء الجزائر في مهن الطب من كل الولايات أنه دليل على تكفل السلطات العمومية بكل بلديات الجزائر من دون تفرقة وقال “لا فرق بين تين زاواتين وحيدرة، وتينركوك ووهران، الجميع أبناء الجزائر”.
كنا على شفا حفرة
عاد الرئيس تبون إلى مخلفات النظام السابق، حيث قال “في سنة 2019 كنا على شفا حفرة”، وأعاد على مسامع الحاضرين ما كان يردده أحد المسؤولين أنذاك “ليست لدينا الأموال لدفع أجور العمال”، لكن ماذا حصل؟ يتحدث الرئيس تبون عن الصيغة التي مكنته بعد توليه منصب رئيس الجمهورية من تجاوز ذلك الوضع الكارثي للبلاد وهو كما قال “الرأي السديد مكننا من تجاوز الأزمة، واليوم لا نقول لن ندفع الأجور، بل رفعنا الأجور إلى 47 بالمائة، وستصل الزيادة إلى 100 بالمائة”، يواصل الحديث في هذا الخصوص “نهاية سنة 2026 سيصبح الناتج الداخلي الخام 400 مليار دولار وسنكون حينها دولة ناشئة”.
بعد سرده للمعطيات والأرقام التي تؤكد النهج التصاعدي للجزائر اقتصاديا، قال الرئيس تبون إن هذا الأمر يجعل الآخرين يعملون على محاربتها وتطويقها، ويقول “هل تعلمون لماذا يحاربونها ويحاولون تطويقها، لأننا نعطي المثل للدول الأخرى أنها قادرة على النهوض”، ويضيف “أرقامنا التي نحققها مراقبة بالمجهر، ولم يجدوا أرقاما خاطئة سيسارعون للتشهير بنا في العالم”.
الرئيس تبون يكشف الخطة الجهنمية للعصابة
في معرض حديثه عن المؤامرات والدسائس لضرب استقرار الجزائر، قال إن المعلومات التي كانت بحوزته تفيد بوجود خطة جهنمية من العصابة التي كدست الأموال، حيث يتم اختيار شخص لخلق المشاكل والمضاربة، والتعهد له أنه لن يدخل السجن، بل الأكثر من ذلك عملوا على العودة لسدة الحكم.
يتحدث الرئيس كذلك عن مخطط استهدف الطبقة الوسطى، لدرجة أنهم تركوا البلاد “قنبلة قابلة للانفجار”، ومن صور الفساد التي استعرضها شخص يقف لساعات في الطابور للحصول على كيس حليب، وثري يمتلك طائرة خاصة يتنقل بها لحضور حفلة في فرنسا.
من دون مواربة، يصف الرئيس تبون “الحراك الشعبي بالمبارك، وأن مسار التغيير قد بدأ لبناء الطبقة الوسطى وإعادة الاعتبار لها”.
هذا ما فعلته بناهبي العقار في سيدي عبد الله
في خطابه وطيلة ساعتين، لم يتحدث الرئيس تبون عن شخصه، بل نسب النجاح المحقق لتضافر جهود العمال والإطارات في مختلف القطاعات، لكنه تحدث عن مساره في قطاع السكن ليضرب مثلا عن حجم الفساد الذي كان في النظام السابق، وقال “سنة 2012 لما انطلقنا في السكن، قيل إن الأراضي غير متوفرة، لقد عرضت إنجاز 20 ألف سكن بسيدي عبد الله، وردوا علي بأنه غير ممكن لعدم توفر العقار وما يمكن منه يكفي لإنجاز 700 سكن فقط”، يسترسل الرئيس تبون في حديثه عن تلك الفترة “نعم العقار غير متوفر، لأن شخصا أخذ 40 ألف هكتار وآخر 20 ألف هكتار، لكن لما جاءت في يدي وفرضتها على المرحوم، ألغيت كل قرارات الاستفادة”، ويكشف الرئيس أمام الحضور عن وجود 400 قرار استفادة في مشاريع تخص الصناعة الصيدلانية منحت بطرق مخالفة للقانون، كان أصحابها يعرضون تلك المشاريع على الأجانب خاصة في إسبانيا.
قيس سعيد ليس من المهرولين ولا المطبعين وهذا مربط الفرس
في الملفات الخارجية، تحدث الرئيس تبون لأول مرة عن المحاولات التي تحاول استهداف العلاقات الجزائرية التونسية، عبر نشر وثائق ثبت عدم صحتها، وقال “هنالك محاولات لزرع التفرقة باستعمال العقول المستأجرة لخلق المشاكل بزعم وجود اتفاقيات بين البلدين”، ليرد على تلك الأقاويل “لم أتدخل أبدا في الشأن التونسي، هنالك احترام متبادل بيننا”.
وأشار الرئيس إلى أن الجهة التي تعمل على استهداف تونس تستثمر في الوضع الاقتصادي الذي تمر به، لكنه توقع فشل ذلك، حيث أكد للتونسيين روحا قومية، لكنه أكد أن من يود الإضرار بتونس عليه أن يمر على الجزائر.
وتطرق الرئيس تبون في حديثه عن نظيره التونسي قيس سعيد، حيث وصفه بـ”المثقف المؤمن بالقومية العربية وصاحب الروح الوطنية العالية”، ويؤكد كذلك “قيس سعيد أخ عزيز، أما الداخل التونسي فلا يعنيني”، وقدم الرئيس تبون في حديثه مؤشرا على الجهة التي تستهدف تونس حينما قال “سعيد ليس من المهرولين ولا من المطبعين وهذا مربط الفرس”، ويتابع “يتساءلون كيف ضعفت (تونس) ولم تطبع؟”.
وعن غزة، جدد رئيس الجمهورية التأكيد على وقوف الجزائر إلى جانب فلسطين، وأن الجزائر تقول كلمتها ولا تخاف لومة لائم، وأن الجزائر تحدثت لما صمت الجميع، ليتهم من أسماهم “الجراثيم” بمحاولة خلق الفتنة بين الجزائر ودول الساحل، إضافة إلى حق الصحراويين في تقرير المصير.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





