أفريقيا برس – الجزائر. دعا رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى إرساء نموذج جديد في الممارسة السياسية يقوم على النزاهة في الأداء والانضباط في التسيير وروح المبادرة والعمل الميداني، مؤكدا أن انخراط الشباب اليوم في العمل السياسي هو ضمانة أساسية لبناء مستقبل زاهر لأمتنا، ولكسب معركة التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وفي الكلمة التي وجهها، الاثنين، للمشاركين في القمة الوطنية للشباب والمشاركة السياسية، وألقاها نيابة عنه الوزير الأول نذير العرباوي، شدد رئيس الجمهورية أن المكاسب التي تم تحقيقها إلى غاية اليوم تدفع نحو مضاعفة الجهود لتكريس هذا التحول النوعي في علاقة الشباب مع مؤسسات الدولة وخاصة المجالس المنتخبة، من خلال التركيز على التكوين والتنشئة السياسية التي تعتبر شرطا أساسيا لتحضير جيل قادر على تحمل المسؤولية، والذي يجب أن يمتد عبر كل أطوار التعليم وفي مختلف المؤسسات والتشكيلات السياسية.
وأكد رئيس الجمهورية، في هذا السياق، عزم الدولة على مرافقة شبابها، عبر التكوين، والتأطير، وتوفير فضاءات التعبير والمبادرة، مشددا على أهمية استكمال إعداد المخطط الوطني للشباب والشروع في تنفيذه ضمن مقاربة شاملة تتيح التكفل بهذه الانشغالات.
وفي ذات الصدد، دعا رئيس الجمهورية كل الشباب المهتمين بالشأن العام إلى كسر حاجز الشك والانخراط بقوة في العمل الميداني والجواري، باعتباره السبيل الوحيد للتغلب على الإكراهات التي قد تفرضها بعض الممارسات البالية أو التقاليد البائدة، وأن يكونوا رديفا فاعلا في المسار الديمقراطي الذي اختارته الجزائر بكل حرية وسيادة، وضمان مشاركة مؤثرة في صنع السياسات العمومية.
وشدد رئيس الجمهورية بشكل خاص على أهمية اعتماد الوسائل المبتكرة في التواصل المفتوح والمتحرر من البيروقراطية مع مختلف المؤسسات، نظرا لقدرة المنصات المفتوحة على تقريب المسافات وفرض الشفافية وتعزيز تأثير صوت الشباب المتردد، موضحا بأن كسب رهان الثقة هو العتبة الأولى التي يجب تجاوزها لضمان فعالية المشاركة السياسية للشباب، والتي ستساهم في تحسين باقي المؤشرات المتعلقة بمساهمة الشباب في صناعة واتخاذ القرار.
وفي السياق، أكد رئيس الجمهورية أن ترقية المشاركة السياسية للشباب شكلت إحدى أهم الأولويات الاستراتيجية ومحاور الإصلاحات السياسية والدستورية التي باشرها منذ 2019.
وأشار الرئيس إلى أنه تم إطلاق العديد من المبادرات قصد تحقيق هذا المقصد، من خلال تعزيز تواجد الشباب في مختلف المؤسسات الحكومية والهيئات الاستشارية، وإزالة العوائق التي تحول دون انخراط الشباب في مختلف الفضاءات السياسية، وتجديد المجالس المنتخبة الوطنية والمحلية بشكل سمح ببروز نخبة سياسية شابة متحررة وبعيدة من الممارسات والانحرافات السابقة.
كما ذكر رئيس الجمهورية باستحداث المجلس الأعلى للشباب كهيئة دستورية استشارية تعنى على وجه التحديد بالمسائل المتعلقة بالشباب في مختلف المجالات، والذي حقق أشواطا معتبرة في ترقية الحوار ومد جسور التواصل بين الشباب والمؤسسات الرسمية، بالإضافة إلى تخصيص وزارة للشباب لضمان التكفل بتطلعات الناشئة ومرافقتهم.
وأوضح، الرئيس تبون، بأن الخطوات المحققة على صعيد الانخراط السياسي للشباب تبعث على الارتياح وتفرض في نفس الوقت مواصلة العمل من أجل استكمال تكوين جيل ناشئ قادر على الاستغلال الأمثل لطاقاته وقدراته من أجل المشاركة بفعالية في تسيير الشأن العام على جميع المستويات وتقديم رؤيته لجزائر الغد التي لن تكون إلا ثمرة التزام اليوم، مؤكدا أيضا بأن مؤسسات الدولة يجب أن تقابل هذا الزخم المتصاعد بانفتاح مماثل، يسمح بالاستجابة لتطلعات القوى الحية وإشراكها في كل مراحل صياغة وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، لتتحول مشاركة الشباب إلى قوة اقتراح فعالة تتواصل بشكل بناء وإيجابي مع مختلف مؤسسات الدولة، وتساهم بالنتيجة في بناء العلاقة التكاملية المنشودة.
ودعا رئيس الجمهورية بالمناسبة مختلف الهيئات الاستشارية إلى تفعيل منصات الحوار وتكثيف التواصل مع ممثلي الشباب خاصة المنتخبين منهم، قصد تعميق التفكير والنقاش حول مختلف القضايا والملفات المطروحة على الساحة الوطنية.
ومن جهة أخرى، أكد الرئيس تبون حرصه على تسخير كل إمكانيات الدولة لإنجاح التمكين الاقتصادي للشباب الذي يعتبر ضروريا لترقية مكانة الشباب في المجال السياسي.
وذكر رئيس الجمهورية بالعديد من الآليات الموجهة للتكفل بتطلعات الشباب ومرافقته، على غرار استحداث منحة البطالة ووضع نظام بيئي متكامل للابتكار والمؤسسات الناشئة، فضلا عن بعث وإصلاح منظومة دعم ومرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واستحداث نظام المقاول الذاتي الذي تم توسيعه مؤخرا ليشمل نشاط الاستيراد المصغر.
كما أكد الرئيس تبون بأن العمل متواصل بشكل حثيث من أجل تحرير ودعم المبادرة الاقتصادية، وتكييف المنظومة التكوينية، وتطوير آليات التمويل والمرافقة، باعتبارها شروطا ضرورية لظهور طبقة جديدة من رواد الأعمال والمبتكرين والمهنيين الناجحين والقادرين على تجسيد التحول الاقتصادي.
وأوضح رئيس الجمهورية، أن هذه التدابير أسفرت عن خلق حركية نوعية جسدها تأسيس آلاف المؤسسات الناشئة وإطلاق العديد من المشاريع الصغيرة والمصغرة، فضلا عن خلق جسور للتواصل بين الجامعة وعالم الأعمال لضمان تجسيد الأفكار الإبداعية والمبتكرة لطلبتنا ومرافقتهم لتحقيق أحلامهم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس