جيل الثورة.. نهاية مرحلة وبداية أخرى

4
جيل الثورة.. نهاية مرحلة وبداية أخرى
جيل الثورة.. نهاية مرحلة وبداية أخرى

أفريقيا برس – الجزائر. بدأ مجلس الأمة مرحلة جديدة في تاريخه بوصول رئيس جديد لا تنطبق عليه أحكام البند الثامن من المادة 87 من الدستور، التي توجب إثبات المشاركة في الثورة للمولودين في 1942 وما قبلها.

ولم تشهد الغرفة العليا للبرلمان إلى غاية شهر ماي المنصرم رؤساء من غير جيل الثورة، فأول رئيس له عند تأسيسه قبل ربع قرن، وهو بشير بومعزة، كان من جيل الثورة، وهو شأن من خلفه الشريف مسّاعدية ثم عبد القادر بن صالح، وصولا إلى صالح ڤوجيل. وتزامن هذا التحول في الأجيال بمجلس الأمة مع تنصيب أول رئيس للجمهورية من غير جيل الثورة، بعد أن هيمن جيل الثورة على سدة الحكم (أحمد بن بلة، هواري بومدين، الشاذلي بن جديد، محمد بوضياف، اليمين زروال وعبد العزيز بوتفليقة).

وشمل هذا التحول مؤسسات سيادية أخرى، كقيادة الحرس الجمهوري وهيئات أخرى. فباستثناء وجوه قليلة يتقدمهم رئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج، تراجع حضور جيل الثورة في مراكز القرار والسلطة، بما فيها المؤسسة العسكرية، حيث شهدت نهاية العام الماضي رحيل أحد كبار الضباط المجاهدين من منصبه، الفريق أول علي بن علي، قائد الحرس الجمهوري.

وفي المؤسسات الحزبية والمنتخبة بما فيها الوطنية، تقلّص حضور هذا الجيل بشكل واضح، باستثناء مجموعة أحزاب يتصدرها حزب جبهة التحرير الوطني، إذ لايزال يحاول الحفاظ على وجود فئة المجاهدين في مؤسساته القيادية، من خلال تواجد أعضاء سابقين في جيش وجبهة التحرير التاريخية ضمن تشكيلة اللجنة المركزية.

وفي مجلس الأمة تحافظ شلة من الأعضاء على تمثيل جيل الثورة في البرلمان واستمرار حضوره في مؤسسات الدولة وإحداث التوازن فيه.

أما في المجلس الشعبي الوطني فقد اختفت فئة المجاهدين من صفوفه، تاركين المكان لجيل أبناء الشهداء والمجاهدين والمولودين من جيل الاستقلال وأبناء مرحلة التعددية السياسية.

وتؤشر هذه التحولات العميقة في الأشخاص على تراجع آخر لمظاهر الشرعية الثورية والتاريخية، إذ تفرض دورة الزمن والبيولوجية حكمها على البشر بعكس سنوات الاستقلال الأولى، حيث كان يحظر الترشح للمهام السياسية أو النقابية على المترشح الذي لا يكون مناضلا أو منخرطا في حزب جبهة التحرير الوطني، فيما حصرت مناصب سامية كمنصب رئاسة الجمهورية ومجلس الأمة في جيل الثورة.

ومن الناحية العملية بدأ التخلي عن الشرعية التاريخية في سنوات السبعينات من القرن الماضي وفق دراسات متخصصة، حيث عمد النظام السياسي إلى تغيير بنيته وتوسيع قاعدته الشعبية والميل نحو بناء تقاليد تقوم على الشرعية الشعبية والدستورية التي تحوّلت إلى شعار للمراحل التالية دون تغيير عميق في طبيعة النظام السياسي.

وبخلاف المناصب والمواقع السياسية تبقى روح الشرعية التاريخية قائمة في ممارسات السلطة السياسية مع اختلاف ذلك من مرحلة سياسية إلى أخرى، وترجم ذلك في العمل بمحاولة الحفاظ على التوازن الجهوي والسياسات الاجتماعية التي نصت عليها مواثيق الثورة ومنها التوزيع العادل للريع والمناصب بين الجهات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here