أفريقيا برس – الجزائر. يتطلع الجزائريون إلى معرفة هوية الوزير الأول أو رئيس الحكومة الذي سيخلف عبد العزيز جراد الذي يشرف على تصريف شؤون الحكومة المستقيلة. غير أن المراقبين يفضلون الحديث عن ملامح ومواصفات ومعايير اختيار خليفة جراد.
ويشكل البحث في معايير اختيار الوزير الأول، الطريقة الأسهل لتلمّس هوية من سيكلفه الرئيس عبد المجيد تبون، بإدارة دواليب الجهاز التنفيذي خلال المرحلة المقبلة، والذي يفترض أن يتمتع ببعض الخصوصيات والمؤهلات التي تفتح له طريق اعتلاء قصر الدكتور سعدان.
وقبل أن يستقر الأمر على البحث في معايير اختيار الوزير الأول، يتعين طرح بعض الأسئلة من قبيل، ماذا يراد من الحكومة التي يجري تشكيلها؟ وبالأخص ما هي أولويات المرحلة المقبلة؟ وهل الظرف يتحمل حكومة سياسية أم يتطلب فريقا ذا بعد اقتصادي، لمواجهة التحديات التي تواجهها البلاد؟
من المسلم به، هو أن المعيار الأول هو ما يقرره رئيس الجمهورية، بالنظر لطبيعة النظام السياسي الذي يؤطر البلاد، وهو النظام الرئاسي الذي يعطي، كما هو معلوم، الحرية الكاملة للقاضي الأول في اختيار الشخص الذي يراه مناسبا، أما المعيار الثاني فمحكوم بنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي لم تفرز أغلبية برلمانية معارضة، كما هو موضح في الدستور، وهو معطى آخر يعزز المعيار الأول.
وفي هذا السياق، يعتقد المحلل السياسي والوالي السابق، بشير فرك، أن البلاد تجاوزت المواعيد السياسية الكبرى بإجراء الانتخابات التشريعية، ومن ثم فالرهان الذي يتعين على السلطات مواجهته، هو البعد الاقتصادي لارتباطه بالمشاكل التي يعاني منها المواطن.
“الرئيس أنهى المواعيد السياسية، وبالتالي فهو يتجه إلى دخول في المواعيد الجدية والجادة، فالبلاد وعلاوة على الظرف السياسي الصعب الذي تمر به، فهي أيضا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها الأزمة الصحية التي سببتها جائحة كورونا، التي اجتاحت العالم”، يقول فريك، و”بالتالي فالمعيار الأول مفاده أن الرئيس يدرك أن البلاد بحاجة إلى استفاقة اقتصادية، وهذا يتطلب وزيرا أول بمواصفات “كومندوس” مسلح بخبرة اقتصادية، يكون قادرا على اكتشاف مكامن التعثر الحاصل على المستوى التنموي، وسبب مشاكل اجتماعية معقدة للجزائريين”.
ويخلص فريك إلى نتيجة مفادها أنه: “أمام الظروف التي سبقت الإشارة إليها، أقول من المنطقي ومن الحصافة أن يتجه الرئيس تبون نحو اختيار رجل بيروقراطي بخلفية اقتصادية وعملية وفكرية، وبعقلية ميدانية، وإذا أردنا أن نعمق البحث فهناك إطارات جامعية موجودة، وأعتقد أن الحالة التونسية ليست ببعيدة عنا”.
وعلاوة على ذلك، ينبه المحلل السياسي: “يجب الابتعاد عن الوجوه المألوفة في البلاطوهات، طالما أن هناك أسماء أخرى أفضل تكوينا وجاهزية بعيدة عن الأنظار، يجب الوصول إليها من خلال تعميق البحث”.
ويضيف فريك: “لو كنت مقام الرئيس تبون، لقمت بإنشاء مخطط اقتصادي استعجالي، أما ما يقال عن الحكومة السياسية، فهو مجرد ترف حديث، لأن المشكل ليس سياسيا. إن من يطالب بحكومة سياسية لم يدخل الانتخابات ولم يصوت على أحد. إذن فالمشكل اقتصادي ومن يبحث عن حلوله فهو رجل الاقتصاد”. أما بخصوص الأسماء المطروحة لقيادة الحكومة، فكل واحد له خصوصياته، وللرئيس حرية الاختيار بناء على خارطة الطريق التي وضعها.