أفريقيا برس – الجزائر. كشفت الحركة التي أجراها الرئيس عبد المجيد تبون في السلك الدبلوماسي عن توجهات جديدة في عمل السياسة الخارجية، تقوم على منهجية جديدة قوامها استحداث مناصب المبعوثين الخاصين لتكليفهم بملفات معينة، في محاولة من قبل القاضي الأول تفعيل وتقويم الأداء الدبلوماسي، الذي فقد الكثير من وهجه وفعاليته في السنوات الأخيرة.
وأبانت خطوة الرئيس تبون عن سبع ورشات دبلوماسية كبرى تقرر إطلاقها، تستهدف “تعزيز قدرة دبلوماسيتنا على التفاعل والتأثير وكذا مضاعفة حضور الجزائر وفعالية عملها على الساحتين الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى القضايا العالمية والشاملة”، كما جاء في قرار رئاسة الجمهورية.
وتتمثل هذه الورشات في ملف الصحراء الغربية ودول المغرب العربي، والذي أسند إلى عمار بلاني، سفير الجزائر السابق لدى الاتحاد الأوروبي، وملف قضايا الأمن الدولي الذي أسند إلى أحمد بن يمينة، والملف الإفريقي والمسائل الجيوستراتيجية في منطقة الساحل والمصالحة في مالي، الذي أسند إلى الدبلوماسي بوجمعة ديلمي، بالإضافة إلى ملف الجالية الوطنية المقيمة في الخارج، الذي اسند إلى طاوس حدادي جلولي، وملف الدبلوماسية الاقتصادية الذي أسند إلى الوزير الأسبق، عبد الكريم حرشاوي، بالإضافة إلى ملفي الدول العربية، والشراكات الدولية، اللذين أسندا إلى كل من نور الدين عوام، وليلى زروقي على التوالي.
ويعتبر هذا الأسلوب في العمل الدبلوماسي جديد على الجزائر، وإن كان موجودا لدى غيرها، إلا أنه كان حكرا على دبلوماسية الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا وبريطانيا العظمى، التي تقوم بتعيين مبعوثين خاصين لملفات أو قضايا أو دول بعينها، على غرار المبعوث البريطاني إلى سوريا، جوناثان هارغريفز، والمبعوث الأمريكي إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، والمبعوث الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ميخائيل بوغدانوف.
ووفق مختصين، فإن تكليف دولة ما لمبعوث خاص يكون عادة ضليعا في ملف أو قضية معينة، وتستهدف القيام بعمل كبير يختصر خطوات السياسة الخارجية المعتادة، ويسعى إلى تقديم النصح والبحث عن حلول للمعوقات التي عادة ما تعترض سبيل الدبلوماسي العادي في تقديم صورة مفصلة وواضحة عن الملف المكلف به، والذي يوضع على طاولة الرئيس حتى يتمكن من اتخاذ القرار السياسي الصحيح والفعال.
وجاء تكليف عمار بلاني بملف الصحراء الغربية والمغرب العربي، في ظرف جد حساس، طبعه قطع العلاقات الجزائرية المغربية، بعد التطورات الخطيرة التي وقعت مؤخرا، من قبيل التهديدات التي تستهدف الأمن القومي للجزائر، بعد تطبيع نظام المخزن، مع دولة الكيان الصهيوني، والتحرشات الأخيرة التي قام بها وزير خارجية تل أبيب، يائير لابيد، انطلاقا من التراب المغربي وبحضور وزير خارجيته.
بينما يأتي تعيين مبعوث خاص لملف الجالية الجزائرية بالخارج، ممثلا في طاوس جلولي حدادي، في وقت تسعى الجزائر إلى تعزيز الروابط مع جاليتها والتي تعد بالملايين، وخاصة في فرنسا، فضلا عن الحرص على إقحامها في مهمة النهوض بالاقتصاد الوطني من خلال الاستثمار في طاقاتها وكفاءتها المتمتعة بالخبرة في محيط اقتصادي متطور، وهو الملف الذي يمكن أن يشتغل عليه أيضا، المبعوث الخاص المكلف بالدبلوماسية الاقتصادية، عبد الكريم حرشاوي.